المشهد اليمني الأول/
أسئلة كثيرة تُطرح عما ستفعله تركيا عند بدء الجيش السوري لعمليته العسكرية لتحرير إدلب. البعض يذهب إلى حدّ توقع أن تدخل تركيا الحرب مباشرةً مع سورية عند بدء العملية، لا سيما أنّ نقاطاً تابعة للجيش التركي تتوزّع على تخوم محافظة إدلب من العيس شمالاً مروراً بمورك جنوباً وانتهاءً بمناطق تقع في ريف المحافظة الغربي على الحدود الإدارية لمحافظة اللاذقية.
لكن الكثيرين يستبعدون إقدام تركيا على مثل هذه المغامرة المكلفة لأنّ نطاق الحرب سوف يمتدّ إلى داخل الحدود التركية، وسيترتب على ذلك تداعياتٌ سلبيةٌ كثيرة، لا سيما أنّ نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواجه أزماتٍ اقتصادية وسياسية داخلية إضافة إلى أنّ علاقاته متوترة للغاية مع حلفائه التقليديين في الغرب، وتحديداً مع الولايات المتحدة.
إذا كان الخيار العسكري، أيّ دخول تركيا بحربٍ مباشرة مع سورية أمر غير مرجح، لا سيما أنّ سورية أخذت بعين الاعتبار مثل هذا الاحتمال ولهذا أجّلت تحرير إدلب ليكون بعد تحرير كلّ المناطق السورية لضمان حشد قوات الجيش السوري وزجّ كلّ القدرات العسكرية في إدلب حتى لو كانت هناك مساندة عسكرية تركية مباشرة، فما هي إذن الخيارات الأخرى أمام تركيا؟لا شكّ أنّ أول عمل ستقوم به تركيا، هو إغلاق تامّ للحدود أمام المدنيين، تماماً مثلما فعل الأردن والكيان الصهيوني، عندما بدأت معركة تحرير المنطقة الجنوبية، وجلّ ما ستفعله تركيا على هذا الصعيد توجيه الهاربين من ساحات القتال من المدنيين إلى الذهاب إلى عفرين واعزاز ومناطق سورية أخرى تقع تحت السيطرة التركية.
على أية حال تركيا تقوم الآن بإغلاق حدودها بإحكام في وجه المدنيين، ويومياً يسقط عدد من القتلى على الشريط الحدودي من السوريين الراغبين بالدخول إلى تركيا برصاص الجندرمة التركية، ولكن التشدّد على الحدود سيكون أكبر عند انطلاق عملية الجيش السوري العسكرية.
أما على المستوى العسكري فالأرجح أن تفتح تركيا حدودها أمام تدفق الأسلحة والعتاد للجماعات الإرهابية في إدلب، إذا لم تنجح روسيا بإقناع تركيا بالاكتفاء بإصدار بيانات تعلن معارضة العملية التي ينفذها الجيش السوري على غرار ما فعلته الأردن وتركيا والكيان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة الجنوبية، وقد فعلت تركيا ذلك عند تحرير أحياء حلب الشرقية، وعندما نفذ الجيش السوري عملية تحرير الأجزاء الجنوبية الشرقية من محافظة إدلب، ولكن ما قامت به تركيا سابقاً لم يعوّق تحرير أحياء حلب الشرقية والجزء الجنوبي من محافظة إدلب بسرعة غير متوقعة، وسيتكرّر السيناريو ذاته في تحرير إدلب وبلداتها الأخرى.