شيء خطير لم ينتبه إليه أحد: السادس من سبتمبر القادم “هدنة أسوأ من حرب”

1133

المشهد اليمني الأول/

 

المقابلة التي نشرت بالامس في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية مع السيد “جريفيث” المبعوث الاممي في اليمن حملت الكثير من التفاصيل حول خطة المبعوث الدولي للمفاوضات القادمة التي يمكن تلخيصها بكلمتين استخدمها المبعوث الاممي نصاً وحرفياً في قوله ان الهدف الاساسي من “المشاورات” كما سماها هو “وقف الحرب” ومن ثم بناء الثقة وتشكيل حكومة الى اخر ذلك ثم الدخول في “عملية السلام” (ارجوا التركيز هنا على “وقف الحرب” وثم “عملية السلام” ) بكلمة اخرى يقوم السيد جريفيث انه يسعى لهدنة فقط في هذه المرحلة وليس عملية سلمية كاملة, قد يقول قائل انه لاغبار على ذلك وان اولوية الوضع الانساني تتطلب وقف الحرب ومن ثم يمكن الحديث على رواق وعلى مهل في كيفية التوصل لحلول شاملة ودائمة.

 

في تاريخ مساعي الامم المتحدة لوقف الحروب نماذج كثيرة لهدن تحولت الى حلول دائمة لعل ابرزها الهدن العربية الاسرائيلية في الحروب المختلفة والتي تحولت حدودها الى حدود دائمة ونتائجها الى واقع دائم وجسدت منطق الواقع على منطق الحق ومنطق استدامة الصراع على منطق حله وكذلك حصل بين الكوريتين في الهدنة التي لم تنهي الحرب منذ 7 عقود ولم تخلق حلول وثبتت استحقاقات لقوى اجنبية على ارض وسماء وبحر الكوريتين حتى اليوم والساعة (كوريا كانت واحد واستحقاقات الهدنة جعلت منها كوريتين ).

 

ان اسقاط تلك النماذج على الحالة اليمنية اليوم هو خطر لايمكن تصور عواقبه المدمرة فهو لايعني تقسيم اليمن الفعلي على طريقة النموذج الصومالي المقسم رغم واحدية الدولة المعترف بها ووجود حكومة واحدة رمزية هشة غير قادرة على ممارسة مهامها كما يسعى لذلك السيد جريفيث فحسب بل يثبت الاطماع السعودية الاماراتية في ارضنا وبحرنا وسمانا وخاصة في الجنوب ويعزز تدخلهم في شؤوننا الداخلية الى ما شاء الله مثل ما هو حاصل في الكوريتين والذي سيصبح تجاوز ذلك الواقع ليس بايدي الاطراف المحلية مع مرور الوقت.

 

ان دبلوماسية جريفيث ورحلاته ومشاوراته خلال فترة تعينه تدل على ان الرجل تباحث مع الجميع حول خطته وانتزع الموافقة عليها في الحد الادنى في خطوطها العريضة وهو ما اشار له في مقابلته الصحفية ضمنياً وبوضوح ايضاً ولم يعد امام الرجل الا اخراج ذلك لحيز التنفيذ بعد استكمال الاجراءت الشكلية او الثانوية والتي ستدشن بمشاورات 6 سبتمبر المقبل في جنيف.

 

ان القبول بهدنة من هذا القبيل على طريقة النماذج المشار إليها أعلاه ليس فقط لن يحقق سلام بل سيزعزع امن المنطقة اكثر وسيكرس العداء ليس بين اليمنيين انفسهم وانما بين سكان شبه الجزيرة العربية بشكل عام، كما انه لن يدوم طويلاً لان ذلك يعني ان كل الاطراف قررت خداع بعضها لالتقاط الانفاس ثم العودة للمواجهة بشكل أعنف أو يعني ان تلك الهدنة تعني رسم قواعد اشتباك جديدة تعطي شكل انساني اكثر للحرب دون وقفها ودون تغيير حدودها ونطاقها (تثبيت الحرب بعد تحسين شكلها الانساني) الى ان تصبح استحقاقات بعض الاطراف امر واقع مع مرور الزمان.

 

إن الهدنة يجب ان يتفق عليها الاطراف عبر المبعوث الاممي او غيره قبل لقاء المفاوضات كما ان موضوع المفاوضات يجب ان يكون “السلام” الدائم والشامل وليس مفاوضات من اجل “الهدنة” وغير ذلك هو مقامرة القفز الى الهاوية طبعاً هذا اذا لم تفشل العملية التفاوضية من اساسها في جنيف القادم.
ــــــــــــــــــــــ
محمد الديلمي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا