المشهد اليمني الأول/ عبدالله مفضل الوزير
يرى الكثير من المحللين أن تأخير ضرب الامارات يأتي في إطار الرهان على موقف إماراتي يقضي الى الإنسحاب من العدوان تفاديا للمزيد من الخسائر ولعل ذلك كان صحيحا لكنه لم يكن كل شيء.
الامارات أداة أمريكية ولديها قوة عسكرية ومالية ضخمة لا تواجه الا باستراتيجية ونفس طويل تحاكي الواقع وتبتعد عن الشطحات.
حين بدأت معركة الحديدة تصاعدت المخاوف لدى أصحاب رؤوس الأموال في دبي وكان ذلك واضحا من العروض الضريبية التي قدمتها إدارة دبي للتجار واصحاب الصناعات المختلفة، تشجيعا لهم على البقاء وهذا لم يكن يحدث في السابق، وبرز على إثر ذلك الى السطح خلاف بين دبي وأبو ظبي التي حاولت حسم المعركة بأقرب وقت ممكن لتفاديه لكنها فشلت فشلا ذريعا ومخزيا.
والى وقت قريب كانت معظم زمام المبادرة بيد تحالف العدوان وبمعنى أنها كانت تستطيع أن تفرض متى يكون التصعيد من عدمه حتى وصل الحال بها مرارا الى تجيير الرأي العام للحديث عن السلام في الوقت الذي هي تعد وترتب أوراقها لإعادة الكرة من أجل تحقيق هدفها لاحتلال محافظة ما خصوصا وهي تواجه صعوبات كبيرة، وترى ضرورة القضاء على المقاومة اليمنية واجتثاثها من الجذور.
كان هذا هو تكتيكها ومكنها من احتلال اغلب المناطق التي احتلتها كتكتيك اعتمد على الغدر والخيانة واللا مبالاة بالمجتمع الدولي الذي تجيره كيفما تريد طالما وهي تحت ادارة أمريكا.
فشلت في الحديدة وتلقت هزيمة منكرة وصادمة في وقت كان مرتزقتها يتحدثون عن أن الأمر منتهي لصالحها وخلال أيام.
في الوقت الذي كانت تظن أنها ستلعب وتهدأ المعركة وتسمح للحديث عن السلام أن يبرز الى الواجهة لتباغت قواتنا المرابطة في الساحل الغربي قام الصماد2 بضرب أرامكو في الرياض وعاد سالما ثم عاد الكرة ليستهدف تجمعات قيادات مرتزقة العدوان في مأرب وهذه لوحدها خلقت معادلة جديدة أعادت دول العدوان الى الحالة التي عشناها بداية العدوان علينا.
وفي وقت الانتصار وتصاعد عمليات الردع ودول العدوان ترى أن من المناسب الحديث عن السلام لحين تجميع قواها لتعيد الكرة باستراجيا وتكتيك جديد يقوم على احتلال مديريات الحديدة واحدة تلو أخرى، وحينما قال السيد القائد أن دول العدوان لن تستطيع أن تغطي كل الأرض في الحديدة هي أرادت كسر هذه الرؤية لتقول بل نستطيع وعمدت الى أحياء الحديث عن السلام في الوقت الذي هي تعد العدة والعتاد لتنفيذ ذلك وتظن أن الجيش واللجان الشعبية ليس أمامها الا استراتيجيا الدفاع وتعجز عن الدفاع.
أتت الضربات متتالية أفقدتها الصواب والتخطيط وزرع الخوف بشكل متسارع ومخيف يهدد في وجودها الزجاجي واله.
بعدها تم استهداف بارجة الدمام وجير العدوان الحادثة لصالح حشد المجتمع الدولي لاحتلال الحديدة لمزعوم حماية باب المندب وعبر الضغط على امريكا برفع اسعار النفط من خلال التوقف عن رفد السوق بمنتجات أرامكو النفطية.
لازالت دول العدوان تعيش حالة الظن بأن الجيش واللجان لا تستطيعان تنفيذ أي هجمات متتالية لشحة الامكانيات كما هو الحال في السابق باطلاق صواريخ بين فينة وأخرى وتنفيذ غارات بين فترات متباعدة.
اليمن اليوم تمتلك منصات إطلاق أرضية مزعجة ويستحيل تدميرها، وتمتلك صواريخ يصعب تحديد تقنيتها وتمتلك أيضا ليس طيارات انتحارية فحسب كما هو الحال في السابق، بل طائرات تستطيع القصف والعودة دون أن يمسها أذى وبهكذا نكون ودول العدوان متساوون وخلق معادلة جديدة فلم تعد أجوائنا مستباحة فحسب بل وأجوائها أيضا هذه هي المعادلة الموجودة اليوم.
هذا يعني بأن أمريكا بكل ما تمتلكه من تكنولوجيا لا تستطيع إيقاف وكبح جماح استراتيجيا الردع اليمني ،، هذا ماهو موجود اليوم ومفروض فرضا
وأمام هذا كيف ستكون الحالة التي يعيشها المستثمرون في دبي وما سيترتب عليها من تصاعد الخلافات بين دبي وأبو ظبي، خصوصا أن أبو ظبي أوهمت دبي وكل الإمارات أن عدوانها هو لتوسيع المصلحة والنفوذ ولم تكن بوارد توقع هذه النتيجة ولو بنسبة 1%.
طبعا كانت ابو ظبي تظن أن اليمن تخاف من أن تظهر أمام المجتمع الدولي كرافضة للسلام الذي أوهمت نفسها بها وبغض النظر عن صحته من عدمه، وبالتالي لن تشن أي هجوم.
الإمارات أيضا تشارك بجنودها بينما تكتفي الرياض بشن غارات من الجو فقط ولأن عدوانها بني على المصلحة أيضا فهناك التزام بالشراكة في الخسارة بين ابو ظبي والرياض وهذا ما سيزيد من رقعة الخلافات خصوصا ان الرياض يستحيل عليها ارسال جنود الى اليمن للقتال وانما للاشراف العسكري على المحافظات البعيدة كالمهزة وسقطرى.
سينتج عن هذا تصعيد من باب المكابرة من قبل دول العدوان ورفض حقيقة أن اليمن تمتلك المزيد من اسلحة الردع الاستراتيجي وفوبيا ما سيترتب عليها من بروز اليمن كقوة إقليمية مستقبلا مما يقلص القبول بمساعي السلام كونها ستظهر خاسرة ومنهزمة خصوصا أنه لم يسمح لها بتحقيق أي شيء يحفظ ماء وجها ولو حتى احتلال مطار الحديدة.
هذه المكابرة ان لم تجد ادارة عاقلة وتم السير بها ستفرض تداعيات وكالتالي:
هروب رؤوس الأموال من دبي والسعودية وبالتالي خسائر إقتصادية باهضة تؤثر على الاقتصاد العالمي، والعالم لن يسمح بذلك خصوصا الغربي لأن هذا العدوان لم يعد مدر للمال الخليجي بل مهدد للمال الغربي.
بروز اليمن كقوة اقليمية تفرض واقعا اقليميا مختلفا خصوصا أن أنظمة الخليج مهددة في وجودها وليست مهددة في وجود أدواتها.
كل هذا سيحصل وهذه الدول لم تستطيع بكل جبروتها احتلال المناطق التي كان من المتوقع عليها احتلالها وخارج الهضبة الجبلية والعصية على أي احتلال وهذا يعني ان الانتصار الكبير بدأ بهذه المرحلة وستدرج مهما كانت الظروف والملابسات.
النتيجة من كل ذلك والتي نخلص اليها أن ضرب الامارات أتى متأخرا وقد هيئ الساحة للخلافات وإعداد العدة لاستيعاب كل ردات الفعل والأخذ بزمام المبادرة صعودا في شن الهجمات المتكررة حتى تفرص عملية السلام فرضا مع من لا يؤمن الا بالقوة.
والسلام لمن يستحق السلام ومازال أمامهم فرصة له دون الحاجة للسير بنفس مسار عملاؤهم الذين رفضوا الحجج حينما أقيمت عليهم.