المشهد اليمني الأول/

 

قبل أيام هددت قبائل شبوة المحتلة بالاستحواذ على دخل المحافظة من النفط أسوة بمأرب التي كانت قد سبقتها باحتكار عائدات النفط والغاز وامتناع محافظها المعين من قبل العدوان سلطان العرادة بحسب مسؤول في حكومة الفار هادي عن توريد تلك العائدات إلى عدن وتجهيز 4 فلل لتكديس المليارات فيها بينما يعيش المواطن اليمني جنوب الوطن حالة مأساوية صعبة في ظل انقطاع الرواتب والخدمات العامة.. ماذا يعني ذلك؟! ولماذا يمتنع وكلاء العدوان عن توريد عائدات الإيرادات الحكومية إلى عدن؟ وماذا عن سماسرة (الشرعية) المزعومة المحكومة ضمن قانون الغاب داخل هذه الحلبة المغلقة؟

 

أين تذهب إيرادات الثروة وعائدات المنافذ الجمركية في المدن المحتلة في ظل جغرافيا مشرذمة بفعل الاحتلال الأمريكي الإماراتي والتي تصل بحسب حكومة الفار إلى 2.2 مليار دولار سنوياً في وقت لم تلتزم الأخيرة بصرف رواتب الموظفين منذ قرار نقل البنك المركزي إلى عدن؟ هذا ما نحاول معرفته في هذه السطور..

 

مشروع ناعم للأقلمة

 

كانت الدعوى الأولى لقوى العدوان الأمريكي السعودي في شن حربها على البلد دعم وإعادة  ماتسمي بالشرعية وتفعيل مؤسسات الدولة… إلخ. لكن الأمر لم يكن كذلك مطلقاً، حيث لم تنتظر قوى الوصاية والاستعمار طويلاً لتمرير مشاريعها القذرة في البلد فعقب دخولها محافظات جنوب الوطن في يوليو 2015 فرضت هذه القوى سياسة تمزيقية فيها تحت مشروع ناعم (للأقلمة) بدأت ملامحه تتجلى في تقسيم ثرواتها بين مجموعة وكلاء كلّ منهم يمثل محافظة أو منطقة معينة ويجمع ثرواتها ناسفة بذلك (الشرعية) المزعومة.

 

وبحسب المعلومات فقد استلم سلطان العرادة المعين من قبل الاحتلال محافظا لمأرب إيرادات المحافظة من النفط والغاز واستلم هاشم الأحمر منفذ الوديعة الجمركي فيما سيطرت القوات الإماراتية بشكل مباشر على مطارات وموانئ عدن وحضرموت والمهرة بالإضافة إلى منابع النفط والغاز في شبوة وغيرها.

 

تقسيم المنافذ البرية والبحرية

 

وعلى سبيل المثال بالنسبة للمنافذ البرية يخضع منفذ الوديعة لسيطرة القيادي الإخواني هاشم الأحمر. وبحسب معلومات خاصة فإنه يستلم يومياً حوالي 17 مليون ريال يمني عائداً ضريبياً مفروضاً على الشاحنات والناقلات. وهذا المبلغ يذهب إلى جيب الأحمر دون أن يتم توريده لأي مؤسسة أو جهة رسمية وقس على ذلك بقية المناطق المحتلة.

 

كما تخضع المنافذ البحرية للسيطرة المباشرة للاحتلال الإماراتي، الذي منذ سيطرته على ميناء عدن قام بتعطيل 75% من طاقته الاستيعابية، وأبقى 25% فقط للمحسوبين عليه من المرتزقة والسماسرة.

 

مليارات الدولارات من عائدات النفط تذهب إلى شخصيات تابعة للعدوان دون وجود آلية معينة لإدارة هذه الأموال، أو جهة رسمية مختصة لجمعها لأنه ببساطة لا وجود للدولة بالمفهوم المؤسسي وعملية جمع الأموال لا تتم وفق آليات محددة، وإنما بشكل فردي وخاص وإن امتناع العرادة عن توريد مليارات الريالات إلى البنك المركزي في عدن دليل واضح على غياب تلك الآلية. وبحسب تقارير خاصة يمتلك العرادة كثروة شخصية نحو 1000 مليار ريال يمني استناداً إلى حصوله على 100 مليون ريال يومياً.

 

ويُعد غياب العمل المؤسسي للدولة في المناطق المحتلة دليلاً واضحاً على المشروع التمزيقي الذي يسعى العدو لتمريره من خلال استدعاء النعرات الطائفية والمناطقية في حين تبقى أموال الشعب نهباً لمن هب ودب من الوكلاء والعملاء والسماسرة.

 

العدو يقتلنا بأموالنا

 

لم يكتفِ تحالف قوى العدوان بتمزيق لحمة المجتمع اليمني وتشريده وقتل مواطنيه بأموالهم بل إنه يقوم باستخدام أساليب ابتزازية لنهب ثرواتهم، فبعد مرور سنة ونصف على بداية العدوان الأمريكي السعودي على البلد ذكرت وكالة (رويترز) الفرنسية نقلاً عن مسؤول في حكومة الفار هادي في يناير العام الماضي أن الناطق السابق باسم التحالف أحمد عسيري هدد الفار هادي في جلسة مغلقة بأن التحالف سيضطر إلى توقيف الحرب بسبب النتائج المخيبة للآمال، أو أنها ستستمر ولكن على نفقة حكومة الفار. بعد عدة أشهر من هذه التسريبات عادت الوكالة نفسها لتؤكد في تقرير آخر لها أن التحالف السعودي الإماراتي يجمع عائدات المنافذ البحرية والبرية وعائدات نفط شبوة، كما أن لديه حصة من عائدات مأرب، ويأخذها إلى الرياض. وبحسب تقارير خاصة فإن نحو 70% من عائدات النفط والغاز والجمارك يتم توريدها إلى خزينة التحالف في الرياض.

 

تصدير الغاز إلى الإمارات

 

إلى ذلك فإن دولة الإمارات المعتدية قامت بتصدير أول شحنة من الغاز المسال في 22 فبراير الماضي من محافظة شبوة إلى دبي وأكدت المصادر وقتها أن الشحنة تم تصديرها إلى دولة الإمارات عبر ميناء بلحاف عقب أكثر من ثلاثة أعوام من توقيفه مشيرة إلى أن حكومة الفار لم يكن لها أي موقف أو رأي بشأن هذه الشحنة.

 

تجويع الشعب

 

مما سبق يتضح أن قرار نقل البنك المركزي إلى عدن لم يكن إلا لترسيخ التشظي وتجويع الشعب اليمني، فمنذ نقله لم تفِ حكومة الفار بتعهداتها بتسليم رواتب الموظفين، سواء في المناطق المحتلة أو كافة محافظات الجمهورية، بينما يتقاضى مدير البنك المركزي بعدن راتباً خيالياً يصل إلى 15 مليون ريال يمني شهرياً.

 

وبحسب إحصائيات خاصة فإن دول العدوان نهبت خلال الثلاثة الأعوام السابقة ما يقارب 18.2 مليار دولار من عائدات النفط والغاز والجمارك في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

 

إلى ذلك فإن الفار هادي لا يشكل أي حلقة مهمة في كل ما يحدث سوى أنه مطية لا أكثر تتسلق عليها قوى العدوان لتحقيق أطماعها فهو لا يبادر حتى بإبداء رأيه ولعل هادي صاحب المقولة الشهيرة (هيا تقاسمونا) في إشارة إلى دول التحالف لم يكن ليتردد لحظة واحدة في بيع دماء اليمنيين في المزاد العالمي للعدوان الأقذر في التاريخ الحديث.

 

يقول محللون سياسيون إنه ما من تفسير يمكن أن يطرح لتوضيح إصرار الأمم المتحدة ومن ورائها العالم المنافق على التواطؤ مع عدوان ثلاثي ورباعي وعالمي يشن على الحديدة تحت مسوغ إنساني للإشراف على مينائها الذي يعتبر الشريان الوحيد لإدخال الدواء والخبز للمواطنين في مناطق السيطرة الوطنية بينما يخضع معظم المنافذ البحرية والبرية لسيطرة العدو، الذي جعلها خارج نطاق الخدمة.

 

في المقابل فإن صنعاء طرحت شروطاً لتسليم ميناء الحديدة للأم المتحدة من بينها استخدام إيرادات الميناء لصالح الناس بدفع الرواتب حرصاً من القوى الوطنية على التخفيف من معاناة الشعب ومعالجة أزماته في وجه شلة مافيا دولية تقتل وتنهب وتحاصر بلا هوادة.

 

أخيراً لا يمكن لأحد أن ينتظر من مغتصب أرضه أن ينعم عليه بالخيرات. وكيف لجماعات متفرقة لا تؤمن بالوطن الواحد أن تبني دولة المساواة فكيف وما زالت ترى في تقبيل أحذية ملوك البادية أمراً إلهياً مقدساً؟!

مصدرصحيفة لا

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا