المشهد اليمني الأول/
بعيداً عن الإعلام تمكنت قواتنا الباسلة من استعادة كافة المواقع والجبال المحيطة بصرواح وبتواضع المنتصر المتمكّن أهدوه بعد فترة طويلة نسبياً الى شعبهم اليمني، بعنوان تحرير اليمن مسألة وقت ومشاريع المحتل تولد ميتة الا بإمدادات العُملاء وإسعافات الخونة في لحظة غربة وطنية لا يبقى فيها إلا ما ينفع الشعب ويحمي اليمن.
‘تفاصيل سير العمليات العسكرية للقوات المسلحة:
بأعداد قليلة من مقاتلي الجيش واللجان وعتاد بسيط غالبيته أسلحة خفيفة مما تحمل على الكتف بدأت عملية تطهير وادي ربيع ووادي الزغن وصولاً الى تبة المطار والتباب المحيطة تواصلت العمليات لساعات وفق الخطط الموضوعة والسيناريوهات الميدانية المرسومة، من قبل قيادة الجيش واللجان الشعبية، وتحت وقع الفجأة والصدمة انهارت خطوط وتأمينات العدو أسفل التباب وفي محيطها من عدة جوانب بينما استمر التقدم صوب التالي منها، وبنتيجة صفر خسائر في صفوف الجيش واللجان الشعبية في مقابل تزايد القتلى والخسائر والغنائم الواقعة في أيدي الجيش واللجان الشعبية ، المثير في تفاصيل العملية المنقولة على لسان مصدر ميداني في الجيش واللجان الشعبية هو هروب منافقي العدوان في المواقع التالية على وقع سماعهم أصوات الاشتباكات في المواقع والخطوط الدفاعية وبالكاد سنحت لهم الفرصة حمل ما أمكن أخذه من العتاد والأفراد على متن الآليات المتوفرة والفرار، وبرغم هذا الشرود الكبير الذي شهدته مواقع العدو إلا أن احصائيات الدفاع اليمنية سجلت مصرع أعداد كبيرة من المرتزقة والمنافقين، يعد -نسبياً- رقماً كبيراً مقارنة ببقية العمليات، فيما وثقت عدسة الإعلام الحربي جثث حوالي “خمسة عشر” منافقا لقوا مصرعهم في العملية، وقد ظلت جثثهم مرمية في مناطق المواجهات بعد أن تركها اقرانهم المنافقون.
وتحدّثت مصادر الاعلام الحربي عن عدد أربعين مرتزقا قتلوا في العملية، فضلاً عن أضعافهم من المصابين والجرحى.
وفي الهجمة العسكرية النوعية استخدم المقاتلون أنواعا مختلفة من الأساليب القتالية من بينها الكمائن المزروعة حيث نقلت مشاهد الاعلام الحربي تدمير عدد من الآليات بعبوات ناسفة جرى زراعتها عند مداخل ومخارج المواقع والتباب الجبلية في لحظة حصارها من قبل الجيش واللجان الشعبية، وهو تكتيك لافت يهدف الى إثخان القتل في صفوف العدو ومضاعفة خسائره، كما يعكس إبداع العقل اليمني فيما يتعلق بابتكاراته القتالية في ميادين المواجهة، كما كان واضحاً دور القنّاصة الذين أطبقوا الحصار وضيقوا على المرتزقة الخناق الذي بلغ حداً لم يعد بمقدورهم التفكير بالمواجهة أو الصمود أمام تقدّمات الجيش واللجان صوب مواقعهم، فيما تكفّلت وحدة الصواريخ الموجهة بملاحقة الآليات الهاربة ومن على متنها من المرتزقة، وكان واضحاً اعتماد الجيش واللجان الشعبية هجمات تكتيكية دقيقة أثناء المهاجمة واقتحامات مواقع وتحصينات العدو بهدف تدارك أي خسائر محتملة نتيجة مقاومة العدو واحتمالات أي ردود فعل تصدر منه.
-اتساع دائرة النصر على وقع الانهيار:
بعد انهيار خطوط الدفاع ونقاط التأمين وهي اللحظة القاصمة في المواجهة، استغل المجاهدون الوضع المرتبك للتقدم أكثر صوب مواقع العدو وتحصيناته، في بقية التباب والمساحة المستهدفة في العملية، حافظ المجاهدون على نقاط تقدمهم وسريعاً جرى تأمينها وتوفير حماية لتدارك أي التفافات بالتزامن مع تواصل المعارك وفق ضربات موجعة ومتواصلة، دون إعطاء العدو الفرصة لترتيب صفوفه أو حتى الدفاع عليها، وكل ما كان بإمكانه القيام به هو استدعاء الطيران لإنقاذهم ولوقف التقدم المتسارع لقوات الجيش واللجان الشعبية، فيما كان الغرض أصلاً هو توفير حماية جوية لهروبهم من المواقع، وبالفعل فقد أسهم الطيران بشكل مكثّف ومن الساعات الأولى في حماية المنافقين وتوفير غطاء جوي مساند لتحركاتهم غير أنه لم ينجح في وقف التقدم أو تثبيت مرتزقته على الأرض خاصة بعد أن ثبّت الجيش واللجان الشعبية تواجدهم وبدأوا برسم واقع مغاير للمعركة يُمسك فيه الجيش واللجان الشعبية بزمام المبادرة ويتحكمون في وقائع المعركة، واقتصر دور الطيران على القصف العشوائي على مواقع الجيش واللجان الشعبية الخلفية حيث كان الأخيرون قد جهزوا ما يستوعب تدخل الطيران ويفقده القدرة على تغيير مسارات المعركة.
انتهت العملية باستعادة مساحة جغرافية تقدّر بـ20 كيلومترا مربعا، تتضمن مواقع استراتيجية أهمها تبة المطار ووادي ربيعة ووادي الزغن ومجموعة تباب مطلة متفرّقة في المحيط، وهي المناطق التي كان العدو قد استغرق للسيطرة عليها قرابة عامين من المعارك المتفرقة الضارية وكان المنافقون قد ضمنوا في تلك المواقع حالة الاستقرار النسبي ما أسقط لديهم أي احتمال لعملية عسكرية تؤدي الى اخراجهم منها، وهي مفارقة تضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة الجيش واللجان الشعبية على تحقيق النصر وقلب موازين المعارك في غضون ساعات تماماً على غرار ما جرى في عمليتي نهم قبل أشهر.
منعطف جديد .. من نهم إلى صرواح:
من حيث التكتيك والتخطيط تشبه عملية الجيش واللجان الشعبية عمليات نهم الكبيرة التي انتهت باستعادة جزء كبير واستراتيجي منها قبل أشهر، الا أنها في النتيجة والتداعيات العسكرية الميدانية تحظى بزخم كبير نظراً لحساسية المنطقة الجغرافية لصرواح وأهميتها في خارطة الجبهات ولما تمثله من عبءٍ ثقيل يصعب على المحتل تحمل وجوده بالقرب منه ومن مناطق تقع في عمق سيطرته وتواجده في المناطق الشرقية، كما أن طريقة الانهيار وفجائية التراجع الواسع لمرتزقته في تلك الجبهة يعد بالنسبة للمحتل مؤشّراً خطيراً يُنذر برحيله بصورة غير متوقعة ولا واقعية وفقاً لحسابات الغُزاة وآمالهم العريضة في البقاء وأطماع نهب الثروات واستغلال الموارد وووو..الخ.
من هذه الزاوية تحديداً تمثّل انتصارات صرواح الأخيرة مؤشّراً بالغ الأهمية واستثنائياً في مسار معركة التحرر الوطني ويؤذن بقصر عمر الغزاة.
(تقرير – يحيى الشامي)