المشهد اليمني الأول/

 

لا يكفي الحديث والتنظير عن إصلاح مالي وإداري وخدماتي لمؤسسات الدولة دون أن يكون هناك تحرك عملي ونشاط دؤوب في الميدان للرقابة والمحاسبة على الجهات الحكومية وبالذات الإيرادية منها، اليوم هناك تقييم ومتابعة ورقابة مالية وإدارية ورقابة على مستوى الأداء والخدمات في كافة مؤسسات الدولة وهناك توجه سياسي وإقتصادي يعمل على النهوض بالوضع في الوزارات و المؤسسات إلى مستوى عالي من العمل الجاد والمتواصل وخطط حاضرة رقابية تكفل وفاء قطاعات ومؤسسات الدولة لإلتزاماتها تجاه الوطن والمواطن وإدراك مسؤولياتها تلبية لتوجهات القيادة السياسية في ترجمة مشروع بناء الدولة.

 

وإذا كان هناك غياب لدور جهاز الرقابة في الماضي القريب على بعض الوزارات والمؤسسات نتيجة مصالح شخصية وتواطؤ وتعاطف مع نافذين ومسؤولين فالحال اليوم يختلف تماماً وذلك بوجود قيادات وكوادر مؤهلة ومدركة للمسؤولية ومؤمنة بتطبيق القانون ونفاذه الذي لا يستثني أحداً من التهرب أو التخلص من الرقابة والمحاسبة أوالتواري عن الأنظار أو الهروب من تحت المجهر وبالذات عندما نرى ونلمس خطوات عملية جادة في سبيل تعزيز الشفافية الذي يلاقي دعماً غير محدود من قبل القيادة السياسية.

 

إذ أن ذلك التوجه إنما يعكس التطبيق الحقيقي للقوانين واللوائح بغية الحد من مظاهر الفساد المالي والإداري ويحافظ على النشاط الحكومي دفعاً لعمليات التنمية وضماناً لوصول الخدمات للمواطنين، وبالمناسبة فقد دعا الأستاذ علي العِماد رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في مقابلة أجرتها معه صحيفة الثورة الأسبوع قبل الماضي إلى مساهمة جميع المواطنين والمكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى المساهمة في تعزيز الدور الرقابي من خلال وضع المقترحات والأفكار التي تعمل على تطوير وتعزيز الشفافية.

 

ولادراك حسن نوايا قيادة جهاز الرقابة في الاصلاح المؤسسي ونشاطه العملي تحقيقا لأهدافه فإن الجهاز يسعى حاليا إلى إعتماد الأنظمة التقنية وتعميمها على بقية المؤسسات عن طريق الربط الشبكي وبدون ذلك فلن تكون هناك رقابة حقيقية ما لم تتجه جميع مؤسسات الدولة لاعتماد الأنظمة التقنية إذ أن توفر المعلومات اللازمة عن سير العمليات المالية والإدارية والقانونية يتيح للجهات الرقابية ممارسة مهامها ومراقبتها وذلك للتمكن من إصدار أحكام تقييمية عادلة وفقا لتوفر تلك المعلومات وبالتالي فإن إتخاذ تلك الخطوات سيعمل على تعزيز مبدأ الرقابة وضبط الموارد وتوحيدها والحد من النفقات وتحفيز الإيرادات.

 

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو سعي الجهاز حاليا لتدشين موقع يتضمن أبوابا تتناول أنشطة الجهاز بنشر تقارير الجهاز وإستقبال البلاغات وغيرها من الخدمات وذلك أيضا تعزيزا للشفافية التي تحقق أهدافها بإحالة عدد من الفاسدين والمزورين والمختلسين إلى النيابة العامة ، كما أن الخطة الإستثنائية التي يتبناها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتحمل عنوان تعزيز موارد الدولة تؤكد التوجه الحقيقي والجاد للجهاز في سبيل حلحلة الوضع الإقتصادي سعياً منه في تنمية إيرادات المؤسسات الحكومية والإنعكاسات الإيجابية في توفير ما أمكن من مرتبات موظفي الدولة.

 

وأخيراً ينبغي علينا كمنظمات مجتمع مدني ووسائل إعلام وبيئة تحتضن وترعى الأجيال أن نستشعر أولا الرقابة الذاتية لأنفسنا ومراقبة الضمير لدى كل فرد في هذا المجتمع من خلال تحصينه من الانغماس في مستنقع الفساد الأخلاقي والمالي والإداري وتجنب ممارسة السلوكيات الإدارية المنحرفة ومن أبرزها الرشوة والإختلاس حتى نستطيع إيجاد جيلاً يتصف بالأمانة والصدق والإخلاص قولاً وعملاً إرضاءً لله وخدمةً للصالح العام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مطهر يحيى شرف الدين

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا