المشهد اليمني الأول/ زهير أندراوس – رأي اليوم
يُتابع صنّاع القرار في تل أبيب القمّة اليوم بين الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتن ونظيره الأمريكيّ، دونالد ترامب، ويُعوّلون على الأخير بإيجاد حلٍّ يضمن أمن الدولة العبريّة من تقدّم الجيش العربيّ السوريّ باتجاه الجزء المُحرّر من الجولان، وبشكلٍ خاصٍّ توجسّهم من التواجد الإيرانيّ في سوريّة، والذي بات يؤرقهم ويقُضّ مضاجعهم.
ولكن اللافت أنّ المُحلّلين في الإعلام العبريّ يرَوْن أنّ القمّة الرابعة بين رئيسين أمريكي وروسيّ تُعقد في وقتٍ يحرص فيه ترامب على تحسين العلاقات مع بوتين، الأمر الذي سيؤدّي لدفع الغرب ثمنًا باهظًا، ووفقًا للمحلّل المُختّص بالشؤون الأمريكيّة في موقع ((WALLA، الإخباريّ-العبريّ، أورين نهاري، فإنّه من المشكوك فيه أنْ يتمكّن ترامب من ممارسة الضغط على الشخص الذي يعجب به، مُشدّدًا على أنّه لم يكن هناك شيء في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية يُشبه ترامب، ولا أحد لديه أيّ فكرةٍ عمّا يمكن أنْ يتوقعه من القمة، مُوضحًا أنّه من المرجح أننّا سنفاجأ جميعنا، لكن ليس من الواضح حتى الآن ماذا.
المُحلّل نهاري أضاف أنّ سوريّة على جدول الأعمال، حيثُ واصل ترامب سياسة أوباما الكارثية، متخليًا عن حلفاء الولايات المتحدة: الأكراد، وال”جيش السوريّ الحر”، ومنظمات المتمردين الأخرى، وحالما أعلن ترامب أنّه يريد سحب قوّاته من سوريّة، تحوّل العنوان الذي كتبه أوباما إلى نبوءة تحقق ذاتها: روسيا حصلت على القواعد التي تريدها، إيران تدعم حليفيها، الرئيس الأسد وحزب الله، أمّا أولئك الذين اعتمدوا على وعودٍ أمريكيّةٍ غامضةٍ استسلموا لروسيا والأسد وإيران وحزب الله، على حدّ قوله.
ورأى المُحلّل أنّ إسرائيل هي أوّل دولة تتكيّف مع هذا النظام الجديد في المنطقة، نظام الأسد الذي كان مُتهالكًا وضعيفًا يُعيد احتلال البلد بأكمله، وإيران خرجت منتصرةً من الحرب الأهليّة، وروسيا العملاقة التي تحقق أرباحًا، عادت إلى البحر الأبيض المتوسط ولم يكن ترامب منزعجًا من ذلك. فمن وجهة نظره، القوات الأمريكيّة المنتشرة في العالم تُشكّل عبئًا على الاقتصاد الأمريكيّ، وتتواجد في دولٍ تتنافس مع الاقتصاد الأمريكيّ، وبالتالي، يؤمن ترامب، يجب إعادة أكبر عددٍ ممكنٍ منها إلى الولايات المُتحدّة.
وتابع: كما رأينا هذا الأسبوع من ترامب، فإنّ حلف الناتو ليس حليفًا مهمًا، وهو بمثابة عدّوٍ للاقتصاد الأمريكيّ، والاتحاد الأوروبيّ هو عدو حقيقيّ للولايات المتحدة، كما أن هاتين المنظمتين هما أيضًا المنظمات التي يكرهها بوتن أكثر من غيرها، ويريد تفكيكها، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ بوتن وترامب يُريدان تفكيك النظام القائم، ولكلٍّ منهما أسبابه الخاصّة.
قضية أخرى هي نزع السلاح النوويّ، وتحديدًا في كوريا الشمالية وإيران، وحول هذا الموضوع ربمّا يكون هناك بيان مشترك غامض. علاوةً على ذلك، في نهاية الأسبوع، أعلن دان كوتس، رئيس الاستخبارات الأمريكيّة، أنّ الولايات المتحدة تتعرّض للهجوم المستمر من قبل القراصنة، ممّا يضر بالبنية التحتية الحيوية لأمريكا، لافتًا إلى أنّ لروسيا حصّة الأسد في هذه الهجمات، كما أنّ خبراء الاستخبارات والبنية التحتية في واشنطن يشعرون بالقلق من أن التدّخلات الروسيّة في الانتخابات النصفيّة في تشرين الثاني (نوفمبر) لن تكون أقل تأثيرًا ممّا جرى قبل عامين.
وشدّدّ المُحلّل الإسرائيليّ على أنّه ليس من الواضح كيف سيُطبّق ترامب الضغوط على بوتين، الذي يعجب به، إذْ أنّ الرئيس الروسيّ، هو استراتيجيّ من الدرجة الأولى، ويتمتّع بأعصابٍ فولاذيّةٍ وناجحٍ، تمكّن من إنقاذ بلاده وإخراجها من الأطلال الاقتصاديّة والسياسيّة وحولّها إلى قوةٍ عظمى مرّةً أخرى.
ولفت المُحلّل إلى أنّ قمّة هلسنكي هي نهاية زيارة ترامب لأوروبا، وهي الزيارة التي اتسّمت بالفضائح والإحراج، حيث أساء لحلفائه في الناتو وفي الاتحاد الأوروبيّ، ولم تسلم منه رئيسة الوزراء البريطانيّة، تيريزا ماي،على حدّ قوله.
واختتم المُحلّل نهاري قائلاً إنّ القمّة مع بوتين ستكون تتويجًا لزيارة ترامب لأوروبا، ويقول مُعارضوه إنّ ترامب يميل إلى الاقتناع من الشخص الأخير الذي يلتقي به، وفي الحالة العينيّة هنا، سيكون آخر شخص سيُقابله في أوروبا هو الرئيس الروسيّ، وبالتالي سيكون من الممتع جدًا سماع التصريحات في نهاية القمّة، وماذا سيُقال، وخاصّةً ما لن يُقال، كما أكّد.