المشهد اليمني الأول/

 

مع دخول التظاهرات الاحتجاجية في مدينة البصرة جنوب العراق أسبوعها الثاني، توسّعت رقعتها لتشمل جميع قرى المحافظة ومدنها، وتبلغ المنافذ الحدودية، في وقت تحاول سلطات بغداد، التي تواجه أسوأ موجة احتجاجات منذ عام 2016، إقناع المتظاهرين بحلول وُصفت بـ«الترقيعية» و«غير المجدية». وتطورت الاحتجاجات الشعبية في المحافظة التي تعتبر عاصمة العراق الاقتصادية بعد مقتل متظاهر وإصابة آخرين، خلال تظاهرة خرجت الأسبوع الماضي للمطالبة بتعيين أبناء البصرة في الشركات النفطية العاملة في المحافظة، التي تنتج نحو ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً، بدلاً من العمال الأجانب، خصوصاً في ظل نسب البطالة العالية التي تعانيها البصرة، فضلاً عن انتشار الأمراض السرطانية نتيجة استخراج النفط وإنتاجه.

 

وترددت أنباء عن أن «شركة نفط الجنوب»، المسؤولة عن الحقول النفطية في البصرة، عمدت إلى إجلاء العمال الأجانب خشية تعرضهم لأذى من قِبل المتظاهرين، قبل أن ينفي ذلك المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، مؤكداً في الوقت نفسه تعرض أحد الحقول النفطية لمحاولة اقتحام. وقال جهاد، في تصريح صحافي، إن «ما تداولته وسائل الإعلام حول إجلاء عدد من العمال الأجانب غير صحيح وعار من الصحة»، مضيفاً أن «حقل غرب القرنة 2 تعرض لهجوم من متظاهرين حاولوا اقتحام الحقل». وأشار إلى أن «القوات الأمنية سيطرت على الموقف، وفرضت أطواقاً أمنية حول الحقل للحيلولة دون اقتحامه»، مطمئِناً إلى أن «التظاهرات لم تؤثر في إنتاج النفط وعمل الحقول النفطية في عموم المحافظة».

 

ويرأس وزير النفط العراقي، جبار اللعيبي، الذي وصل إلى البصرة أول من أمس، اللجنة الحكومية التي شكلها مجلس الوزراء للنظر في مطالب أبناء المحافظة. وأعلن اللعيبي، في بيان، أن اللجنة قررت تخصيص 10 آلاف فرصة عمل لأبناء البصرة، سيتم تقسيمها بحسب الكثافة السكانية للأقضية والنواحي المشمولة بالتعيينات. وأضاف أن «اللجنة وضعت ثلاث خطط لتنفيذ المشاريع الخاصة بمحافظة البصرة، وتم تصنيفها إلى خطة عاجلة تُنفّذ خلال أسبوعين إلى شهر واحد تتعلق بمحاور الخدمات، وخطة متوسطة الأمد فترة تنفيذها من 3 إلى 6 أشهر، وخطة بعيدة الأمد لا تتجاوز السنتين».

حاول المتظاهرون اقتحام أحد الحقول النفطية في البصرة

وتخللت التظاهرات أعمال عنف وصدامات بين المحتجين والقوات الأمنية، فيما أظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي قيام بعض المتظاهرين بسرقة أجهزة تبريد من مقار إحدى الشركات النفطية العاملة في البصرة، وهو ما دعا مجلس المحافظة إلى إطلاق تحذيرات من اختراق التظاهرات من قِبل أحزاب سياسية «تحاول إثارة الفوضى في البلاد». وقال عضو المجلس، أحمد عبد الحسين، إن «بعض الأحزاب السياسية تحاول اختراق التظاهرات في المحافظة، وجرها من المطالبة بتوفير فرص عمل إلى مطالب ذات غايات أخرى»، متهماً بعض الجهات التي لم يسمها بـ«السعي إلى توريط المتظاهرين بالصدام المسلح مع القوات الأمنية». لكن عضو المجلس، ربيع منصور، أكد أن «المتظاهرين لم يعتدوا على أي من حقول النفط، باستثناء حقل الحلفاية الذي دخله المتظاهرون وخرجوا منه، وعاد الموظفون إلى عملهم»، متابعاً أن «التظاهرات وصلت إلى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، فيما اعتصمت مجموعات من المتظاهرين على أبواب جميع الحقول النفطية بعموم البصرة».

 

ودخل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على خط التظاهرات، مشدداً على ضرورة أن «تتحلى بالسلمية وعدم التشتت»، مبدياً استعداده للتظاهر مع المحتجين في «تظاهرة مليونية»، بدل أن «تضيع جهودكم بالعنف والفرقة». وأعلن الصدر أنه «سيرسل وفوداً للمتظاهرين الحاليين للاطلاع على معاناتهم ومطالبهم لإرسالها للمختصين»، داعياً الحكومة إلى «الاستعانة بشركات أجنبية غير محتلة لتحسين واقع الكهرباء فوراً… ومحاسبة المقصرين والفاسدين». وأيد «ائتلاف دولة القانون»، من جهته، مطالب المتظاهرين، في حين شددت فصائل في الحشد الشعبي على أحقيتها، مطالِبة السلطات بـ«ضمانات وأسقف زمنية للاستجابة لها»، ومحذرة في الوقت نفسه من «الانجرار خلف شخصيات مجهولة».

 

وعلى رغم تحذير البعض من إمكانية استخدام التظاهرات من قبل أطراف إقليمية لحرفها عن مسارها بما يخدم مصالح تلك الأطراف، إلا أن ثمة إجماعاً على عدالة شعارات المحتجين. وفي هذا السياق، يرى الإعلامي عزيز الربيعي، أن تظاهرات البصرة «تعبر عن حالة من الاستهجان لمواقف بغداد الباهتة في التعاطي مع ملف الخدمات وخصوصاً الكهرباء».

مصدرالأخبار اللبنانية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا