المشهد اليمني الأول/
نعم هناك مأساة لتحالف المعتدين على اليمن، وليست المأساة فقط في ضحايا العدوان من اطفال ونساء وشباب وشيوخ اليمن، الصامد امام عدوان حشد وتواطؤ دولي يشكل وصمة عار على جبين القانون الدولي والنظام العالمي.
انها مأساة لدول باعت قيمها وفرطت في كرامتها الوطنية، وفي اوراق أمنها القومي رضوخا لابتزاز المال السعودي والاماراتي.
ليس الحديث فقط عن جيوش ارسلت جنودها للعدوان على بلد حر لتقتل هذه الجنود شر قتلة في معركة مدفوعة الاجر.
وانما الحديث عن سياسات تتبدل دون وعي ودون حلول جذرية وانما استجابة لاغراءات لحظية، وستنقلب وبالا على اصحابها بحكم طبائع السياسة، لا بحكم تنبؤات المنجمين!
يمكننا هنا استعراض سريع وفي غاية التلخيص لتطور سياسات أريتريا وتورطها في العدوان على اليمن.
فحتى ثلاثة اعوام مضت، كانت هناك حملات اعلامية تضغط على اريتريا بوصفها داعمة للحوثيين وتساعد في انفاذ ما يحلو للسعوديين والاماراتيين تسميته بالمخطط الايراني في اليمن والاقليم!
والان ومنذ ايام تحديدا في 7 يوليو الجاري زفت لنا الاخبار تقريرا مفاده ان أعضاء لواء تهامة عادوا إلى اليمن بعد تلقيهم تدريبات عسكرية من قبل القوات الإماراتية في عصب، إريتريا.
وقال الكولونيل محمد الحميري من لواء تهامة لصحيفة “ذا ناشيونال”: “إن عددا كبيرا من مقاتلينا في طريقهم للانضمام إلى زملائهم في القوات المشتركة”.
وقال: “لقد كانوا يستعدون لشن هجوم على مدينة الحديدة”. “أستطيع أن أؤكد أن مقاتلينا متحمسون للغاية للتقدم والاستيلاء على المدينة، التي هي مدينتنا وليس أرض الحوثيين”.
ودون تفاصيل كثيرة، فقد تواترت التقارير بتعزيز اماراتي كبير لنفوذها في اريتريا، ويفيد مجمل التقارير بما يلي:
* بحسب مجلة IHS Jane’s Defense Weekly، يبدو أنَّ الإمارات تبني مهبطاً للطائرات على جزيرة ميون أو بريم، وهي جزيرة بركانية داخل حدود اليمن تقع في ممرٍ مائي بين إريتريا وجيبوتي في مدخل مضيق باب المندب الإستراتيجي.
ويربط هذا المضيق، الذي يبلغ عرضه 16 كيلومتراً عند أضيق نقطة، البحر الأحمر وقناة السويس بخليج عدن ثم بالبحر الهندي، وتمرّ عشرات السفن التجارية بهذا الطريق كل يوم.
وتُعزِّز الإمارات تواجدها العسكري في إريتريا بميناء عصب، وفقاً لمركز ستراتفور وذكر المركز في ديسمبر/كانون الأول: “يُشير نطاق المشروع إلى أنَّ الجيش الإماراتي ينتشر في إريتريا لهدفٍ أكبر بكثير من مجرد مهمة لوجستية قصيرة المدى دعماً للعمليات في البحر الأحمر”.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية عمليات بناءٍ جديدة في مطارٍ كان مهجوراً، يربط مركز ستراتفور بينها وبين الإماراتيين، بالإضافة إلى تطوير الميناء ونشر الدبابات والطائرات، بما في ذلك المقاتلات، والمروحيات، والطائرات بدون طيَّار.
ولم يستجب المسؤولون الإماراتيون لمُطالباتٍ متكررة بالتعليق على العمليات العسكرية أو التوسّع الخارجي.
* في 2015 افاد مراسلو “الاناضول” برصد مؤشرات على دور إرتيري متوقع في العملية العسكرية في اليمن:
أولا – الزيارات المتبادلة بين مسؤولين في إريتريا ودول التحالف العربي في اليمن:
– زيارة أجراها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى الرياض خلال يومي 28 و29 أبريل / نيسان 2015، وعقد خلالها جلستي مباحثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي ولي العهد محمد بن سلمان، والأخير يقود العمليات العسكرية في اليمن بصفته يشغل، أيضا، منصب وزير الدفاع في المملكة.
ووفق ما أفادت به مصادر دبلوماسية إريترية لـ”الأناضول”، في وقت سابق، فإن الزيارة غلب عليها تناول الوضع في اليمن وأمن البحر الأحمر. المصادر أوضحت أن البلدين توصلا خلال الزيارة إلى اتفاق تعاون عسكري وأمني لمحاربة الإرهاب والقرصنة في مياه البحر الأحمر، وعدم السماح لأي تدخلات أجنبية في الشأن اليمني.
وكان لافتا احتفاء القيادة السعودية بالرئيس أفورقي؛ حيث كان الملك سلمان في مقدمة مستقبليه، مصطحبا من بين المستقبلين أميرين من آل سعود لهم قرابة إرتيرية من ناحية الأم، بينما كان في وداعه الأمير محمد بن سلمان، ورئيس هيئة الأركان العامة، الفريق ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان.
– زيارة أجراها وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى أسمرا يومي (6 و7 مايو 2015)، وهي الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجية مصري إلى إريتريا منذ 20 عاما.
وخلال الزيارة التقى شكري نظيره الإرتيري عثمان صالح، ومستشار الرئيس أسياسي أفورقى للشؤون السياسية، يماني جبر آب، حيث تباحثا في قضايا مختلفة فى مقدمتها “الأوضاع السياسية والأمنية فى أفريقيا بشكل عام مع التركيز على أمن البحر الأحمر، ومجمل الأوضاع فى القرن الأفريقى، وتطورات الوضع فى اليمن”، حسب بيان للخارجية المصرية.
خلال الفترة بين يومي 26 / 28 أبريل / نيسان، استقبلت إريتريا وفودا رفيعة المستوى من السعودية والإمارات تفقدت مينائي “عصب” و”مصوع” وعددا من الجزر الإريترية المتاخمة لليمن، حسب ما أفادت به مصادر إريترية مطلعة لـ”الأناضول”.
* في 2016 رجح خبراء في القانون الدولي خضوع دولة اريتريا قريبا لعقوبات دولية جراء ضلوعها في العدوان على اليمن بعدما سمح النظام الأريتري لتحالف العدوان السعودي الإماراتي استخدام الاراضي والمياه والمجال الجوي الاريتري لتنفيذ عمليات عسكرية في دولة ثالثة هي اليمن، ما اعتبره خبراء في الأمم المتحدة انتهاكا للقوانين الدولية يستحق توقيع عقوبات دولية على اريتريا عبر مجلس الأمن الدولي.
واخيرا حدثت مصالحة تاريخية بين الغريمين الاثيوبي والاريتري!
ولم تكن الامارات بعيدة، فقد قال وزير الخارجية الإثيوبي ورقينه جبيو إن الاتفاق التاريخي بين بلاده وإريتريا، نتيجة جهود ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. مؤكدا أن البلدين يثمنان مساعي الامارات لإصلاح العلاقات بينهما.
واخيرا، فقد رحبت مصر بالمصالحة رغم فقدانها ورقة ضغط ضد اديس ابابا، حيث كانت العلاقات المصرية الاريترية شوكة في حلق اثيوبيا التي تهدد شريان الحياة المصري بسد النهضة الذي تموله السعودية والامارات اصدقاء مصر في التحالف!
اية مأساة هذه!!!
(إيهاب شوقي – كاتب عربي مصري)
