المشهد اليمني الأول/
في الوقت الذي يفترض بحكومة عبدربه منصور هادي، تطوير ميناء ومصافي عدن، اتجهت إلى بيع أصول مصافي عدن التي أصبحت عاجزة عن استيراد النفط وتصفيته منذ العام 2016م.
وعوضاً عن انتشال المصفاة التي تدهور أداؤها إلى أدنى المستويات بسبب تقادم عمرها الافتراضي وعدم وجود المكانيات المالية الكافية لصيانتها وتطويرها، أصدرت حكومة هادي القرار رقم 46 للعام 2018م، بشأن التخلّص من بواخر مصفاة عدن «المسيلة ـ باب المندب ــ باب عدن ــ قنا ــ رديف قنا»، وكذلك بواخر التيجان «الكود والغدير»، وبدأ تنفيذ القرار من الثامن عشر من يونيو الماضي.
تخلّص رسمي
القرار الحكومي الذي اتخذته حكومة هادي التي يترأسها أحمد عبيد بن دغر، نصّ بالحرف الواحد على التخلّص من تلك الأصول بأي طريقة. وفي جلسة عُقدت في عدن أواخر يونيو الماضي، شكلت حكومة بن دغر لجنة وزارية مكونة من وزارة النفط والمعادن ووزارة النقل ونائب وزير المالية في حكومة هادي ونائب المدير التنفيذي لمصفاة عدن، وكلّفتها بمهمة التخلّص من بواخر المصفاة والتيجان.
وفيما برّرت الحكومة قرارها بالتخلّص من السفن المملوكة لشركة مصافي عدن، بادعائها بأن تلك السفن أصحبت «على وشك الغرق» في خط الملاحة الرئيسي لميناء عدن، ومنحت اللجنة كامل الصلاحيات في البيع بأي سعر، اعتبر العشرات من النشطاء في الجنوب إقدام «الشرعية» على بيع أصول مصافي عدن، يندرج في إطار «التآمر» على ما تبقى من مؤسسات الجنوب، خصوصاً وأن قرار بيع البواخر التابعة لمصفاه عدن جاء لمصلحة رجل أعمال مقرّب من الجنرال على محسن الأحمر .
شكوك حول الأسباب
ووفقاً للنشطاء، فإن بيع عدد من البواخر التابعة لشركة المصافي للقطاع الخاص، يثير الشك حول البيع وأسبابه، خصوصاً وأن القطاع الخاص لا يشتري الخردة، بل يشتري لكي يكسب وليس العكس.
الناشط الجنوبي أبو بكر الجوهري، اعتبر التخلّص من بواخر وتيجان مصافي عدن، وبيعها للقطاع الخاص بالمزاد العلني «عملية تدمير ممنهجة للممتلكات العامة ونهب منشآت الجنوب»، وأشار إلى أن حكومة بن دغر سوف «تتخلص من بواخر وتيجان المصافي، وغداً في حال الصمت الجنوبي سوف تبيع مصافي عدن، وسيستمر التدمير والنهب كي لا تقوم للجنوب قائمة»، ولفت إلى أن «عملية التنمية متوقفة لدى حكومة بن دغر والخدمات معدومة، ولكن عملية التدمير مستمرة وممنهجة وبوتيرة عالية»، مشيراً إلى أن «مهمة تلك الحكومة التدمير فقط».
لجنة البيع
حكومة أحمد عبيد بن دغر، التي وجّهت منتصف يوليو 2016م، بوقف بيع أصول مصافي عدن، بعد أن قامت شركة مصافي عدن بعرض أربع بواخر قديمة من دون علم الحكومة، وجّهت وبصورة عاجلة لبيع تلك البواخر والتيجان بالمزاد العلني، وطالبت وزير النفط ووزير النقل بالحضور يوم 9 يوليو إلى مصافي عدن. ووفقاً للمذكرة الرسمية الصادرة من حكومة هادي والتي حصل «العربي» على نسخه منها، فإن الدعوة الموجّهة اللجنة المكلّفة بيع البواخر النفطية سوف تجتمع في مصافي عدن لمناقشة إجراءات التخلّص من البواخر والتيجان وآلية البيع.
سفن صالحة
تفيد مصادر ملاحية في ميناء عدن أن البواخر المعروضة للبيع تم إيقافها بسبب أعطال بسيطة قابلة للإصلاح وإعادة استخدامها، ولفت المصدر أن إحدى تلك البواخر صالحة للعمل ولاتزال حديثة، ولكن تواجه مصافي عدن مشكلة من شركة التأمين حولها فقط.
ووفقاً للمصدر، فإن السفن المعروضة للبيع لاتزال أفضل حالاً من السفن التابعة للتاجر أحمد العيسى، التي تستأجرها المصافي بأعلى الأسعار لنقل النفط الخام.
وبينما تقول مصافي عدن إن السفن المعروضة للبيع متوقفة عن العمل منذ 2010م، وقد سبق أن عرضت للبيع في عام 2014م، إلا أن عروض الشراء كانت متدنية فتم وقف البيع من قبل قيادة الشركة حينذاك.
أكثر من سبب
إلا أن مصدر ملاحي في ميناء الزيت مطلع على وضع تلك السفن، أكد أن أسباب توقف بواخر مصافي عدن ليس لتجاوزها العمر الافتراضي، بل لأسباب فنية وعدم قيام الشركة بصيانتها، وأكد المصدر أن السفينة «المسيلة» المعروضة للبيع إلى جانب ثلاث سفن نفطية أخرى تابعة لمصافي عدن، تعاني من أعطال فنية ولازالت قادرة على العمل، إلا أن شركة التأمين ومركزها الأردن، أوقفت «المسيلة» لعدم إكتمال أوراق التأمين الخاصة بها، فأوقف مندوب الشركة الموفد العمل بـ«المسيلة».
أما السفينة «باب عدن» فقد تم إيقافها بسبب عدم توفر الزيت الذي تحتاجه منظومة التشغيل، يضاف إلى أن وقوفها لفترة طويلة في البحر أدّى إلى تآكل أجزائها.
وحول السفينة الثالثة المعروضة للبيع «رديف»، فتعاني من عطل في «الكارجو بمب»، والذي يعمل على إخراج النفط من الباخرة، ولم يتم استبداله أو إصلاحه .
ورداً على تلك الاتهامات، أكد مصدر في مصافي عدن، أن السفن المعروضة للبيع «متوقفة عن العمل منذ عدة سنوات، و نتيجة لانتهاء عمرها الافتراضي رفضت شركة التأمين تجديد الشهادات والتصاريح المطلوبة للعمل بها»، كما رفضت تجديد الشهادات أيضاً لكون هذه البواخر «سينجل هل وليست دبل هل، كما جاء في قانون المنظمة البحرية»، حيث تشترط شركات التأمين أن يكون الجسم الخارجي «دبل هل» حمايةً للبيئة.
(رشيد الحداد – العربي)