المشهد اليمني الأول/
تحل اليوم الذكرى الرابعة والعشرين لذكرى سقوط العاصمة عدن تحت سيطرة نظام 7/ 7 المحتل عام 1994م، وبهذه الذكرى التي لاتزال عالقة في ذاكرة أحرار الجنوب، بفتوى صريحة من الشيخ الإصلاحي “عبدالوهاب الديلمي” إعتبرت أبناء الجنوب كفار وماركسيين ملحدين وفيما يلي، بعض الجرائم الذي اقترفها نظام 7/7 بحق أبناء الجنوب أرضاً وانساناً.
الوحدة أو الموت
تعامل صالح مع الجنوب كإقطاعية خاصة بعد 7/7 وتعامل نظامه مع أبناء الجنوب بقسوة وبطريقة استعلائية ومن العبارات التي لاتزال خالدة في ذكرى الجنوب والتي أطلقت من قبل صالح شخصياً الاتي ” ((أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن الى قرية)) عبارة ” الوحدة عمدناها بالدم ”وعبارة “الوحدة او الموت”.
وعمد نظام الإحتلال العفاشي على إنهاء الدور الحيوي لعدن وقام بعد حرب صيف 94م بإغلاق دواوين الوزارات فيها، اما مكاتب فروع الوزارات فلا تستطيع شراء القلم الرصاص بدون العودة الى المركز في صنعاء ، و قام نظام الفيد بإستخدام الوزارات ومكتب رئيس الوزراء بتغيير الوكلاء الجنوبيين للعديد من الشركات الى وكلاء شماليين مباشرة بعد حرب 1994م حتى وكلاء توزيع الصحف والمجلات الدولية تم إرسال خطابات رسمية بتحويل وكالاتهم الى الناشرين ، كما تم اهمل أحواض السفن في ميناء عدن بشكل متعمد افضى الى تدميرها وهي أول أحواض سفن جافة في الجزيرة انشأت في العام 1983م.
وامر نظام الأحتلال مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال الى صنعاء واغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة على التمييز بشكل عنصري في تقديم خدماتها بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الاساسية أرخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص بـ40% منها في عدن وبـ50% عنها في المكلا كما أن سعر الكيلو وات/ساعه من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية او للأغراض التجارية والصناعية ارخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز الـ30%.
وتعاملت بشكل تميزي مع أبناء الجنوب في التوظيف الحكومي حيث خفضت نصيب الجنوب من الوظائف الى اقل من عدد الموظفين الجنوبيين المتوفين والى اقل من ثلث عدد المتقاعدين قانونيا .
إقصاء الجنوب وابنائه
حجم الاقصاء والتهميش تجاوز الوظيفة العامة إلى التهميش الاقتصادي والتجاري لأبناء الجنوب من أصحاب الوكالات التجارية وتجار جملة وتجزئة، ومقاولين، وشباب عاطلين عن العمل، ومستثمرين، وعمالة حرة، وموظفين، وقياديين، ومتقاعدين، وسلاطين وشيوخ وعقال، حيث تم اقصاء 367,974 عامل وموظف حكومي وقيادي جنوبي، من اعمالهم.
مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية الى 22%، بالمقارنة مع 10% في المحافظات الشمالية (وفقا للأرقام الرسمية) ولذات السبب تربعت عدن في المرتبة الاعلى في نسبة البطالة بين الذكور بـ 31% تليها محافظة لحج بـ 27% تليها محافظتي شبوة والمهرة بـ 26% تليهما محافظة حضرموت بـ 18 % أي ان الخمس المراتب الاعلى للبطالة بين الذكور هي في المحافظات الجنوبية اما ابين فلاتوجد اية بيانات بسبب الدمار الحاصل فيها.
لقد تعمد نظام 7/7 حرمان التجار في الجنوب من معظم الوكالات التجارية وجميع الوكالات الملاحية مما أدى إلى انخفاض نسبة التجار الجنوبيين في تجارة الجملة الى 14% وانخفاض نسبة المقاولين الجنوبيين الى 14%. وتركزهم في الفئات دون الثانية، وتعرض تجار التجزئة في الجنوب الى منافسة غير عادلة من قبل اصحاب الفرشات والباعة المتجولين وجميعهم من الشمال ويقومون بتصريف بضائع الموردين الشماليين في الجنوب مع تمتعهم بميزة عدم دفعهم الضرائب والواجبات، والايجارات وتكاليف الكهرباء والماء والصرف الصحي.
مسلسل الإقصاء والتهميش طال مستثمري الجنوب حيث تعرض المستثمرين من ابناء الجنوب؛ للنهب والاستيلاء غير المشروع على الاراضي التي تم صرفها لهم قبل حرب صيف 1994م؛ وتعرضهم للتمييز السلبي في المعاملات الادارية.
تخريب متعمد
وعقب حرب صيف 94م تعرضت منشآت القطاع العام والتعاوني الى النهب والتخريب حيث تم نهب وتخريب 255 مرفق حكومي، كان يعمل فيها 25341 موظف ، ونهب وتخريب 333 مؤسسة قطاع عام لها 859 فرع، تمتلك 1,192 منشأة منها 1,088 منشأة كانت عاملة في ديسمبر 1994م، وكان يعمل فيها 37,279 عامل ، ونهب وتخريب 266 تعاونية لها 501 فرع، تمتلك 767 منشأة. كان عدد المنشآت العاملة منها في ديسمبر 1994م، 709 منشاة، يعمل فيها 3,839 عامل.
نهب الأراضي
كما تعرضت الاراالأراضي ضي الخاصة بأبناء الجنوب للبسط والاستيلاء عليها من قبل المتنفذين وشيوخ القبائل وكبار المسئولين في السلطة، وذلك على نطاق واسع، ويقدر العدد الاجمالي للمتضررين بحوالي 221 الف أسرة من سكان الجنوب كما لعبت مصلحة أراضي وعقارات الدولة دوراً في التغيير لوثائق الملكية للأراضي والسجلات في الجنوب ومثالاً على ذلك فأن المصلحة قامت في محافظة لحج بالتزوير لغرض النهب والتلاعب بوثائق ملكيات هذه الاراضي التابعة لأبناء محافظة لحج.. كما ان حفر الابار الارتوازية في الاراضي الزراعية وتحويل البعض منها الى معامل للطابوق (البردين) وكسارات كما حدث في بستان الحسيني الاثري كل ذلك لهدف تدمير الاراضي الزراعية والتي تظهر عمليات التدمير المنظمة لها قيام الدولة بالتعمد في الضرر للمزارعين.
وبعد حرب صيف 94م سيطر نظام 7/7 على 4.5 مليون متر مربع من الاراضي المصروفة للمستثمرين، وقام باعادة صرفها لشيوخ قبائل شمالين ، ولتجار متنفذين، ولوزراء، ولكبار القادة العسكريين.
كما استولت الهيئة العامة للمنطقة الحرة على 232 مليون متر مربع، صرفت نسبة عالية منها لمستثمرين وهميين ومتنفذين لم ينفذوا المشاريع التي تقدموا بها بل عملوا على الاتجار بالأراضي.
كما استولت المؤسسة الاقتصادية العسكرية على 10.3 مليون متر مربع من الاراضي الخاصة بالمرافق الحكومية وتوزيعها على متنفذين شماليين ووجه نظام 7/7 المحاكم بعدم قبول أي قضايا حقوقية تخص الارض، وعدم تنفيذ الاحكام الباتة فيها، منذ عام 1994م.
كما منع السجل العقاري من تثبيت أي حقوق للجنوبيين تخص الارض حتى وان كان صدر فيها حكم قضائي نهائي، منذ عام 1996م وعمل على تعطيل تنفيذ الحلول التي اقرتها اللجان الحكومية المتعاقبة لحل مشكلات الأرض ، واستخدام القوات المسلحة والامن للاستيلاء على الاراضي، وتسهيل استحواذ المتنفذين عليها وامتلاكها او البناء عليها او بيعها.
تجريف الثروة
وفي مجال الثروة السمكية فأن حجم التبديد والعبث بلغ حد السماح للشركات الدولية المتعاقدة مع نافذين شماليين لاستخدام طريق التجريف السمكي في عملية الاصطياد وهي عملية محرمة في العديد من الدول لأثارها المدمرة على مصايد الاسماك وقد تجلى اثرها المدمر على الصيادين الفقراء الذين يضطرون الى الاصطياد اليوم على اعماق اكبر بكثير وساهم ذلك في رفع اسعار المنتجات البحرية في المدن الجنوبية الساحلية الى مستويات لم تشهدها في تاريخها واصبحت اغلى من اللحوم الحمراء.
اما النفط فأن النهب والتبديد والاستحواذ غير المشروع على الثروة خلال الفترة 1990م، وحتى نهاية اكتوبر 2012م بلغت كمية انتاج النفط من الجنوب 1.759 مليار برميل. أي ما نسبته 65% من اجمالي كمية انتاج النفط الخام في الجمهورية اليمنية التي بلغت 2.703 مليار برميل ، وادى ذلك إلى تناقص انتاج النفط من قطاع مأرب ــ الجوف سنة بعد اخرى وازدياد الاهمية النسبية لما يتم انتاجه من قطاعات النفط في الجنوب. من نسبة 5% عام 1991م، الى 89% مع نهاية اكتوبر من عام 2012م.
وبلغت قيمة النفط الخام المستخرج من الجنوب 76.801 مليار دولار. بما نسبته 75% من القيمة الاجمالية لإنتاج النفط في الجمهورية اليمنية البالغة 102.482 مليار دولار.
تهميش الجنوب
لقد تعمد نظام 7/7 على تهميش الجنوب من الوظائف العليا بعد حرب صيف 94م حيث انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في رئاسة الجمهورية من 1990م الى 2011م ــ من 40% الى 0 % ، وانخفض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس النواب من 46%، الى 19% فتم تقليص عدد مقاعد المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م في البرلمان الى 56 مقعداً من اصل 301 مقعد وبالمقارنة فأن محافظة صنعاء وامانة العاصمة وحدها لديها 54 مقعداً في البرلمان ،وانخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الشورى من 47%، الى 29% وانخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الوزراء من 54%، الى 25% ، وانخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس القضاء الاعلى من 46%، الى 25% ، وتم تعيين جميع محافظي المحافظات الجنوبية، من الشمال ، وتم تعيين 57 مديراً عاماً للدوائر الاكثر اهميه من الشمال في عدن واحلال كافة الموظفين الحكوميين في المهرة بنسبة 98% من الشمال والنسب تختلف بحسب المحافظة.
كما تم تخفيض نسبة ابناء الجنوب بين افراد القوات المسلحة والامن، الى 12.3% ، وانخفض نسبة ابناء الجنوب بين قيادات المناطق العسكرية الى 20% ، وتم اقصاء جميع المشاركين في ترتيبات الوحدة اليمنية في الفترة من 24-27 رمضان، الموافق 19-22 أبريل 1990م، الواردة اسمائهم في الجريدة الرسمية العدد رقم 1.
تدمير جيش الجنوب
عمل نظام 7/7 على تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية وتصفيتها تم تصفيتها اثناء وبعد حرب 1994م ، ونهب أسلحتها ، وكانت القوات الجنوبية النظامية تتكون من 80,000- 100,000 ضابط وجندي بالإضافة الى 60,000 من القوات الشعبية والاحتياط العام ، و40 لواء نظامي مشاه وميكانيكي ودبابات ومدفعية صواريخ وقوى جوية ودفاع جوي وبحرية وغيرها ، و18 دائرة تابعة لرئاسة الاركان العامة بمختلف انواعها وتخصصاتها ، وكليتين عسكريتين ، وكلية شرطة وكلية طيران ومدرسه بحرية وكل الكليات كانت مجهزة تجهيزاً علمياً ، و12 مدرسة تخصصية بمختلف صنوف القوات .
وكان قوام القوات البرية الجنوبية 16 لواء مشاه و4 الوية مشاه ميكانيكا و3 الوية دبابات + اربع كتائب مستقله و3 الوية مدفعية وصواريخ، وكان قوام القوات الجوية الجنوبية قوامها 8 الوية قوى جوية ودفاع جوي ، كما امتلكت القوات البحرية الجنوبية اضخم سفينة انزال في المنطقة لا يوجد مثيل لها سوى 3 اخريات مع القوات البحرية التابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً وتم تفكيك معداتها بعد حرب 1994م وتستخدم حالياً من قبل نافذين في اعمال التهريب.
كما امتلك الجيش قاعدة صيانه للصواريخ كانت الوحيدة في المنطقة وموقعها في بير النعامة تقوم بصيانه الصواريخ بكافة انواعها لصالح حلف وارسو وتم نهب هذه القاعدة من قبل متنفذين وحولت معداتها المدنية لشيوخ قبليين بعد اقتحام عدن في 1994م.
وفي 27 أبريل 1994م تم تدمير اللواء الثالث مدرع جنوبي في معركة دارت مع لواء من الفرقة الأولى مدرع وقد سبق هذ الموقف ان تم في 22 ابريل 1994م تدمير اللواء الخامس مدرع الجنوبي في حرف سفيان منطقة عمران.. كما تم مساء 4 مايو 1994م تفجير الموقف في منطقة ذمار حيث يعسكر لواء باصهيب المدرع الجنوبي الذي تم تطويقه بقوات شمالية تفوقه عدة وعتاد وهذه فقط امثلة من واقع ما تعرض له الجيش الجنوبي من ابادة متعمده.
وكانت قوات الجنوب البحرية تتكون من 6 الوية بحرية وصواريخ ومدفعية وانزال وحراسات، وكانت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية تتكون من 20 الف ضباط وصف ضابط وجندي وموظفين مدنيين تقريباً ، وقوات أمن الدولة 8 الاف موظف .
تدهور الخدمات
تدهور مستوى الخدمات الحكومية في مجالي التعليم والصحة، يدل على واقع مفزع حيث انخفضت نسبة الملتحقين حاليا في التعليم من اجمالي السكان. فمن بين 21 محافظة في اليمن جاءت محافظة حضرموت في المرتبة رقم 16، واحتلت محافظات عدن ، ابين، شبوة، لحج المراتب 13، 12، 11، 10 على التوالي. وجاءت محافظة المهره في المرتبة 6. وجود نسبة 22.6% من السكان في سن التعليم خارج المدرسة في محافظة عدن. وارتفاع نسبة التسرب من الصف الأول حتى الصف التاسع الى 17.6% لكلا الجنسين، 23% للإناث، 12.6% للذكور.
وامتدت السياسات التمييزية والعنصرية في الابتعاث الخارجي للدراسة حتى يومنا هذا فعلى سبيل المثال في شهر ابريل الجاري تم اعلان اسماء المبتعثين للدراسة، وفي محافظة المهرة تم ابتعاث سته واحد منهم جنوبي والبقية شماليين.
لقد اسهمت السياسات التي نفذها نظام 7/7 في تدمير المنظومة التعليمية في الجنوب الى إرتفاع معدل الامية الى اكثر من 49% بعد ان كان قاب قوسين او أدنى من القضاء على الامية تماماً في العام 1990م.