المشهد اليمني الأول/ تقرير – أحمد عايض أحمد
في حين تعاني الولايات المتحدة وادواتها بالحرب من الارتباك الاستراتيجي والتكتيكي في خوض المعركة في الساحل الغربي منذ بدايات دخولها الوحل التهامي، وبالرغم من تفاوت القوى الهائل ما بين اليمنيين والأمريكيين وشركائهم وادواتهم الاقليمية والمحلية، إلا أن الاستراتيجية العسكرية المتبعة من قبل المجاهدين اليمنيين كانت ببساطتها فتاكة؛ استندت الاستراتيجية اليمنية إلى تحييد مكامن القوى العدوانية بما في ذلك القوة الجوية والبحرية من خلال بناء شبكة معقدة من الاساليب الدفاعية واستثمار عسكري كبير في تجديد التكتيكات العسكرية نظراً لرصد العدو لهذه التكتيكات ودراستها.
القيمة العسكرية التاريخية التي سجلها اليمن في تاريخه العسكري ببصمة الدم وسيل الجهد هي مواجهة الحملة العسكرية البرية والبحرية والجوية الامريكية البريطانية الفرنسية الصهيونية بالساحل الغربي كحملة عدوانية تشكل قلب الحرب العدوانية الشاملة على اليمن.. قيمه عسكرية صنعتها العقلية والعقيدة والصلابة والتخطيط والصمود والعزم والثبات والمهارة التكتيكية والاداء الناري الاحترافي المتنقل في اخراج نصر عسكري واضح وضوح الشمس في رابعة النهار..هذه القيمة أحدثت اقسى فضيحة عسكرية في تاريخ المدرسة العسكرية الغربية وملحقاتها..هذه هي القيمة الناصعة التي لامبالغة فيها وباعتراف خبراء العدو العسكريين والاستراتيجيين، لذلك مستقبل المنطقة بنتيجة المعركة التي يخوضها اليمن.
كون الحرب وجوديه بالنسبة لليمنيين فمن غير المستغرب أن تكون معركة الساحل الغربي ستكون الأكثر دراسة في تاريخ الحروب الحديثة الى جانب ميدي وغيرها ولكن معركة الساحل الغربي لها اعتبارات وقيمه عسكريه واستراتيجيه خاصة بالحرب على المستوى الوطني والاقليمي والدولي؛ إذ إنّ الأدبيات العسكريه الهائلة ستتناول معركة الساحل الغربي باستفاضه لانها ترتبط بشكل مباشر بالفشل الذريع الذي منيت به الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا والكيان الصهيوني في تحقيق الأهداف الاستعماري الاستراتيجية المنشودة من الحرب الاشد ضراوة وقسوة وصعوبة. وفي الجهة المقابلة، شكّلت هذه الحرب نموذجاً جهاديا وطنيا ايمانيا اخلاقياً حياً لمجاهدي الجيش واللجان الشعبيه ولجميع فئات الشعب اليمني العزيز ، ودرساً ناجعاً لخصمٍ ضعيفٍ بالتسليح ويخوض المعركة منفرداً ضد جبروت إمبراطورية عسكرية عظمى وشريكاتها الغربية وادواتها الاقليمية والمحلية ويخرج اليمن منتصراً…لذلك نحن نسجل تاريخ عظيم بكل ماتعنيه الكلمة من معنى بحربنا الوطنيه العظمى والمقدسة.
ستكون للتجربة الأمريكية في الساحل الغربي أثرٌ سلبي عميقٌ على النهج والفكر العسكري الأمريكي في الحرب، وعلى ثقة النفس العسكرية الأمريكية في فعاليتها وقدرتها على استخدام قوتها العسكرية عبر اداوتها الاقليمية لتحقيق أهداف استعمارية سياسية وفرض نتائج سياسية تناسبها بالقوة العسكرية. كما ستصبح التجربة الأمريكية في الساحل الغربي تجربه جديده متلازمة نفسية (متلازمة اليمن)، ستظل اليوم وبالمستقبل تؤرق صانع القرار الأمريكي، وتؤثر في منحى القرارات المتعلقة بدخول حروب جديدة أو الامتناع عنها بالجزيرة العربية والمنطقة..لان اليمن فتح حرب عسكريه بنهج قتالي معاكس للمتبع والمعمول به منذ عقود وهي “حرب الوجود الكريم بقوة العقيدة والتضحية”.
على الرغم من محاولات الولايات المتحدة والسعوديه والامارات والكيان الصهيوني وفرنسا العسكريه الدؤوبة والهستيريه لتغيير مسار المعركة بالساحل الغربي، إلا أن تفوق هذه الدول الغازيه في النيران والتكنولوجيا لم يحقق لها سوى الخسائر والهزائم والفضائح و الجمود على أرض المعركة، والذي بدوره لم يدم طويلاً؛ فطرق الإمداد البري بقيت مقفلة بوجه ألوية المرتزقة والتي تعيش اسوء حصار عسكري سبق ذلك خسرت نصف قواتها الالية والبشرية، حاولت الولايات المتحدة بواجهتها الاعلامية السعودية والامارات تغيير استراتيجيتها العسكرية برا وبحرا وجوا تحت شعار “االسيطرة على الحديده”وهي استراتيجية ضربات الصدمة الجوية واختراقات الانزال البحري لتمكين القوات الارتزاقية في الساحل الغربي وإحالة أعباء المعركة لتلك القوات الغارقة بدماء منتسبيها وقد عملت أيضاً على تكثيف حملاتها الجوية فوق السلاحل الغربي باستهداف أوسع للمدنيين وللبنى التحتية المدنية وبوتيرة نارية أعلى. وقد أدت مجموعة الخسائر والهزائم المتتابعة إلى إقناع القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية بضرورة تفعيل خيارين، الاول هجوم واسع على الحديدة والذي رغماً عن فشله الفشل الذريع، والذي أحدث صدمة نفسية لن تتعافَ الولايات المتحدة منها نتيجة البسالة والاداء القتالي اليمني الاسطوري. والخيار الثاني القبول بالشروط اليمنية المطروحه ولكن الخيار العسكري لازال قائماً.. وللحديث بقية.