المشهد اليمني الأول/

 

إنها حكاية ستعجزُ عن شرحها مجلدات التاريخ، وستعتذر عن حملها عجلات الزمن، وستترنح عن توضيح تفاصيلها متاحف العالم…

 

لقد أقبلَ المحمدين (شيبة زايد ومهفوف سلمان) يجران مليارات المسلمين؛ المحصلة من النفط العربي، وعائدات الحج والعمرة، وأرباح السياحة؛ ليودعانها في خزائن الصهاينة والأمريكان ومن معهم…
وجاءت بعدها البارجات، والتي تنحني عند أقدامها أمواج المحيطات، وأقبلت أحدث الفرقاطات، وغاصت أجود أنواع الغواصات، وامتلأ البحر بالصيحات تلو الصيحات، وعلت أنكر الأصوات بكل اللهجات، وارتفعَ نداءُ الحماس بكل اللغات…

 

جاء الأشباه الأعراب (المحمدين) ومعهم الأمريكي واليهودي والبريطاني والفرنسي، وكل عبيد المال من جنجويد السوادان، وحثالة السنغال، وأغبياء أوغندا، وعاهات تشاد، وجنود وناسة، ومرتزقة الإمارات الشمالية، وبقايا أسواق الصبيحة…

 

وبالمقابل جاء القائد اليمني العربي ومعه نسخٌ مكررة من الكرار والمقداد وعمار والحسن والحسين وزيد وعيسى بن زيد وحبيب بن مظاهر ومالك الأشتر، وأبي ذر، وأسامة بن زيد، وقيس بن مالك، وبرير الهمداني، وعبد الله الأرحبي، وجندب الخولاني…

 

تمدد البحر على امتداده تحت جحافل عدة الغزاة وعتادهم، وتم تمشيط الشريط الساحلي مترًا مترا؛ بطائراتهم متعددة الأعلام والأحجام، والتي ملأت الأجواء..

 

ثم تحرَّك الثعبان العملاق، يجرٌّ في أحشائه فضلات الكوكبِ الأرضي كلها، من أبيضٍ وأسود، وأعرابي وأفريقي وأجنبي، على امتداد الساحل الغربي بطوله.. تحرك الثعبان وفي جوفه آلاف العربات، ومئات الكاسحات، وعشرات الآلاف من حثالات العالم وعبيد الدولار والريال والدرهم…

 

وأكمل حكام الأرض خطتهم، بعد أن ملئوا من الأعراب خزائنهم..
وقال أحد صغار العملاء؛ بأن العيد سيكون عيدين، وأن الرقصات والراقصات؛ لن تكونَ إلا في المطار والميناء.. لكن العيد أقبل.. وأغلق ثاني العيد بابه، وأقفل العيد بثالثه أبوابه..وما تزال الراقصات تنتظر، والرقصات تحتضر…

 

جاء العيد بأيامه الأربعة ولم نرَ في المطار والميناء؛ إلا القيادي البطل محمد البخيتي، والثائر شهاب الشامي، والحُر عبد الرب المرتضى، والحُر الكبسي، والشامخ عبد الغني الزبيدي والحرة رضية الأشموري، والباسلة ابتسام المتوكل.. وغيرهم من الأحرار..

 

يممتُ بصري لأرى الثعبان المتورِّمُ بآلاف الأطنان من الحديد والنار والعبيد، فرأيتُ العجبَ العُجاب!
رأيتُ مالا تستطيعُ العين رؤيته، ولا العقلُ استيعابه، ولا المقاييس البشرية حسابه..
يممتُ بصري ثانيةً نحو البحر المسكون ببارجات الأرض كلها، ورادارات العالم أجمع، فرأيتُ ما حيرني، وأذهلني!

 

كان الإعلامُ الكاذب وراياته الخادعة يصورون حفلات الرقص والغناء على صالات المطار وساحات الميناء..
وكانت الفضائيات لا تتوقف عن بث الشائعات، ولم تتوقف ألسنة المحللين المستأجرة، والتي تم قصُّ مقاساتها في القاهرة وعمَّان، وفي الرياض وساحل عمان؛ لتكون نعالاً في الأفواه، وربلاً تتراقصُ له اللهاة، وبوقًا لمرتزقة الغزاة…

 

أضاء البحرُ فجأة، وكأنما انبعثت منه النيران، وثارَ في جوفه البركان..
وبينما العيونُ ترقُبُ وتراقب؛ كان بيان رجال البحرية يزفون الأنباء، بأن هناكَ حفلةُ شواء، لبارجةٍ إماراتية أمريكية صهيونية…
انتفض البحرُ ببوارجه وسفنه وقواربه لينتشل العشرات من كل الجنسيات، وتُعلن دويلة ساحل عمان عن الوجبة الأولى …

 

وتستمر الأوامر للثعبان بالسير في طريقه المجهول، ويسير ثم يسير، دون أن يجد مقاومة تذكر، أو عناءً يُسطر، وصل الرأسُ إلى حيثُ أراد له المخططون أن يصِل، وهُنا قامت القيامة، وبدأ أولي البأس بمخططهم المستحدث الجديد، وتمَّ فصلُ الرأسِ عن الجسد، ثم فصلُ الصدر عن السرة، ثم فصل الحوض لوحده، ثم فصلُ الساقين، ثم قص الساق من الركبة، وقص الكعب، وفصل الأصابع إصبعًا إصبعًا..لا تتساءلوا إن كان ثعبانًا فمن أين له بأصابعٍ وحوض.. إنه لا يشبه ثعابين ولا حيوانات ولا طفرات هذا العالم.. إنه مسخٌ صهيوأمريكي!

 

وفيما البارجة في البحر مشتعلة، ومجالس بني نهيان بالبكاء والعويل ممتلئة، كان اليمانيون يغطسون في بحرهم الطاهر، كأسماكُ قرشٍ ماهرة مفترسة، وأمسكوا بالقارب الفرنسي المغرور، وأخذوه أسيرًا ذليلاً خاسئًا..

وفيما القارب يشق طريقه بمن فوقه نحو الساحل اليمني، كان توشكا يُعلنُ حضورة، ويحتفلُ بالجمعة والعيد بطريقته الخاصة، ويُكمل حفلةَ الفرح والعزاء معًا، ليجثم بوزنه الثقيل، وحمله الجليل في مرابض المغرورين مرتزقة أمريكا، ويجعل النائحات في ساحل عمان بالمئات..

وبانتظار دورها المأمول كانت الطائرات المسيرة تطير بارتفاعات مقدرة، لتفرغ حمولاتها المسددة، فوق كل خيمة وهنجر، وتُحرقُ “سمايط” “المُسمطين” والصور المعلقة لعملاء الغزاة؛ من الأحياء والهالكين..

 

وجاء المبعوث الأممي بسرعة البرق على غير عادته؛ وبعد أن شرب قهوته، وسأله الأحرار عن مهمته، فإذا به يكشف عن أوراقه، ويستهلك نصف حديثه؛ لطلبُ فك الحصار عن أعضاء الثعبان المقطعة، ويناشِد الأحرار بإعتاق المحاصرين من الغزاة وعملائهم ومرتزقتهم.. جاء غريفيث ليطلب بكل صراحة وبجاحة أن يتم فك الحصار عن الآليات والمدرعات والشاحنات والمصفحات والمجنزرات ومن عليها من الغزاة ونعال نعال نعالهم..وليس كما قالت “العبرية” بأنه جاء ليطلب تسليم الميناء والمطار…

 

أطلتُ عليكم وما يزالُ في القلب حديثٌ أسطوري عن أولئك الأباة، الأولياء العظماء الصناديد الأشداء وهم يقطعون الثعبان، ويتصدون للآليات والمدرعات الهاربه والخائفة والمرتعدة..
يواجهون ويُعطبون ويحرقون برشاشاتهم البسيطة؛ أعتى وأحدث وأشد ما أنتجته مصانع أمريكا وأوروبا!

 

لن أستطيع وصف بسالةِ أحفاد الكرار وعمار، وليسَ أمامي وأمامكم إلا أن تتابعوا المسيرة، وتكحلوا أعينكم بمشاهد الإعلام الحربي والتي تتوقف لها القلوب وتقشعر لهولها الأبدان…

 

وختامًا: أباركُ للقائد ورجاله هذا النصر المؤزر!
وأقبِّلُ أقدامْ أولئك الأخيار الأبرار الأحرار؛ أبناء الجيش واللجان الشعبية؛
من رجال تهامة ومحافظات اليمن عامة!

ـــــــــــــــــــــــــــــ

#مصباح_الهمداني

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا