المشهد اليمني الأول/
اشاد الرئيس الاميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون بقمتهما التاريخية التي عقدت الثلاثاء في سنغافورة باعتبارها اختراقا في العلاقات بين البلدين لكن الاتفاق الذي توصلا اليه لم يعط الكثير من التفاصيل حول المسألة الاساسية المتعلقة بترسانة بيونغ يانغ النووية.
واتاحت هذه القمة الاستثنائية مصافحة تاريخية بين رئيس اقوى ديموقراطية في العالم ووريث سلالة نظام ديكتاتوري وقفا جنبا الى جنب امام اعلام بلديهما.
ووافق كيم على “نزع كامل للاسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية” وهي الصيغة المفضلة لبيونغ يانغ لكنها لا تلبي المطلب الاميركي الثابت بتخلي كوريا الشمالية عن ترسانتها النووية بشكل “قابل للتحقق ولا عودة عنه”.
وفي مؤتمر صحافي بعد القمة قال ترامب ردا على سؤال حول هذه النقطة، وهي الابرز في القمة، قائلا “لقد باشرنا العملية”، مضيفا انها “ستبدأ سريعا جدا” وانه ستكون هناك عملية تحقق تشمل “العديد من الاشخاص” لكن دون اعطاء تفاصيل ملموسة.
لكن صياغة الوثيقة الموقعة بين البلدين لا تزال غامضة بما في ذلك حول جدول الاعمال.
وتعهد كيم بموجب الوثيقة “بان يلتزم بشكل ثابت وحاسم نزع سلاح نووي كامل من شبه الجزيرة الكورية”، والتزم المسؤولان تطبيق الوثيقة “بالكامل” و”قريبا جدا”.
وقال ترامب في مؤتمره الصحافي بعد القمة انه سيوقف المناورات الحربية السنوية مع سيول والتي تندد بها بيونغ يانغ اذ تعتبرها محاكاة لاجتياحها. واضاف “سنوقف المناورات ما سيوفر علينا مبالغ طائلة” مضيفا انه يريد سحب قواته من الجنوب “في مرحلة ما”. ولم تكن المناورات مشمولة في الوثيقة المشتركة.
ومضى ترامب يقول “بما اننا في طور التفاوض حول اتفاق شامل الى حد كبير اظن انه من غير المناسب ان نواصل المناورات”، ما اثار ردود فعل على الفور من محللين.
وكتب “روبرت كيلي استاذ العلوم السياسية في جامعة بوسان “تنازلان اضافيان من ترامب في المؤتمر الصحافي” وقف المناورات العسكرية مع الجنوب والامل بسحب القوات الاميركية من كوريا الجنوبية”، مضيفا “وماذا حصلنا من كوريا الشمالية؟ توقفوا عن التنازل دون مقابل”.
– ابتسامات –
في اعقاب يوم من الابتسامات والمجاملات داخل فندق فاخرفي سنغافورة تحت انظار العالم، تعهدت الولايات المتحدة “تقديم ضمانات امنية” لكوريا الشمالية. وقبل القمة أبدى خبراء شكوكا بان الامر يمكن ان يتحول الى استعراض اعلامي اكثر منه التركيز على تحقيق تقدم ملموس.
تقول ميليسا هانهام من مركز منع انتشار الاسلحة ومقره الولايات المتحدة على تويتر ان الشمال “وعد بالقيام بذلك مرارا من قبل”، مضيفة ان الجانبين “لا يزالان غير متفقين على ما يعنيه تعبير نزع السلاح النووي”.
وبعد سيل الشتائم والاتهامات، تبادل المسؤولان في سنغافورة المجاملات والابتسامات.
واشاد ترامب ب”العلاقة الخاصة” التي يبنيها مع كيم الذي يتعرض نظامه لاتهامات عدة بانتهاك حقوق الانسان والذي يشتبه بانه يقف وراء اغتيال الاخ غير الشقيق لكيم في ماليزيا. وقال ترامب بعد مراسم التوقيع “سنلتقي مجدد”، بينما يقف مع كيم على الشرفة حيث التقيا للمرة الاولى “مضيفا “سنلتقي مرارا”. وتابع ترامب انه يعتزم “فعلا” دعوة كيم الى البيت الابيض.
من جهته تعهد كيم “طي صفحة الماضي” وان العالم “سيشهد تغييرا كبيرا”.
وتأتي قمة سنغافورة وهي الاولى بين رئيس اميركي في السلطة وزعيم كوري شمالي بعد ان بدت واشنطن على شفير النزاع مع بيونغ يانغ بينما كان المسؤولان يتبادلان الاتهامات والشتائم وكيم يقوم بتجارب نووية وصاروخية.
– “غضب ونار” –
يرى محللون ان مجرد اللقاء معناه ان ترامب يضفي صفة شرعية على كيم الذي يقول منتقدوه ان نظامه ينتهك حقوق الانسان باستمرار.
وقال ترامب انه تباحث في موضوع حقوق الانسان مع كيم مضيفا “لقد تباحثنا في الموضوع اليوم”، مضيفا “سنعمل على المسألة وهي صعبة من عدة نواح”.
وترتدي قمة سنغافورة اهمية كبرى على صعيد ارث المسؤولين ويمكن مقارنتها بزيارة الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون الى الصين في العام 1972 وقمة رونالد ريغان مع ميخائيل غورباتشيف في ريكيافيك.
وعلق مايكل كوفريغ من معهد الازمات الدولية في واشنطن “انه انتصار هائل لكيم الذي حقق انجازا فعليا بلقائه وجها لوجه مع الرئيس″، مضيفا ان والده وجده “كانا يحلمان بذلك”، وان “ذلك يشكل نقطة ايجابية بالنسبة الى الولايات المتحدة والاسرة الدولية على صعيد مفاوضات من المتوقع ان تكون طويلة وشاقة”.
واعتبرت الصين حليفة الشمال ان القمة هي بداية “تاريخ جديد” ودعت الى “نزع الاسلحة الكيميائية” بشكل تام من شبه الجزيرة الكورية.
وأشاد رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بالوثيقة المشتركة معتبرا انها “خطوة اولى” نحو نزع السلاح النووي.. وقال آبي ان “كيم أكد خطيا في هذه القمة نيته في نزع السلاح النووي بالكامل. أدعم ذلك كخطوة أولى نحو الحل الشامل للمسائل المتعلقة بكوريا الشمالية”.
وأشادت الوزيرة الفرنسية للشؤون الاوروبية ناتالي لوازو بتوقيع الوثيقة المشتركة معتبرة انها “خطوة ذات دلالة”.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء ان القمة غير المسبوقة بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون في سنغافورة تشكل حدثا “ايجابيا”. وقال لافروف كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي “لقد تابعنا التلفزيون والتعليقات التي ادلى بها الطرفان. لم نطلع على الوثائق واعتقد انها لم تنشر بعد. لكن مجرد واقع حصول هذا اللقاء، بالطبع، ايجابي”.
من جهتها، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الثلاثاء عن استعدادها للمساعدة في التحقق من تطبيق أي اتفاقات مستقبلية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بشأن برنامج أسلحة بيونغ يانغ النووية في موازاة ترحيبها بنتائج قمة سنغافورة.
ورحب مدير الوكالة يوكيا أمانو بالبيان الصادر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون في ختام قمتهما في سنغافورة والذي “تضمن التزام جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية النزع الكامل للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية”.
وأكد أن الوكالة الدولية “ستتابع المفاوضات التي ستجري بين البلدين لتطبيق نتائج القمة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية من كثب”. وأضاف أنها “مستعدة لتنفيذ أي أنشطة تحقق في جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية قد يطلب منها القيام بها من قبل الدول المعنية”.
وأكد أمانو الأسبوع الماضي أن الوكالة ستكون مستعدة لإعادة إطلاق عمليات التفتيش في كوريا الشمالية “في غضون مهلة قصيرة قد تكون أسابيع لا أشهر” في حال تم التوصل إلى اتفاق سياسي، مضيفا أن الوكالة ستتمكن من حشد “عدد كبير” من الموظفين اذا استدعى الأمر.
ويذكر أن بيونغ يانغ طردت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من موقعها النووي “يونغبيون” ورفضت مذاك السماح للوكالة باجراء أي عمليات تفتيش على أراضيها.
وجاء نص البيان المشترك لترامب أن رئيس الولايات المتحدة، وكيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية قمة تاريخية بسنغافورة في 12 يونيو/حزيران 2018.
تبادل ترامب وكيم بشكل شامل ومتعمق وصادق الآراء في القضايا المتعلقة بإقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وإقامة نظام سلام دائم وقوي في شبه الجزيرة الكورية.
والتزم ترامب بتقديم ضمانات أمنية لكوريا الشمالية، وأكد كيم من جديد التزامه الراسخ بنزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية. واقتناعًا من ترامب وكيم بأن إقامة العلاقات الجديدة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ستسهم في تحقيق السلام والرخاء في شبه الجزيرة الكورية والعالم، واعترافًا منهما بأن بناء الثقة المتبادلة يمكن أن يدعم نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، فإنهما يؤكدان ما يلي:
1- تلتزم الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بإقامة علاقات جديدة بين البلدين تتسق مع إرادة ورغبة شعبي البلدين في السلام والازدهار.
2- تتعاون الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في إقامة نظام سلام طويل الأمد في شبه الجزيرة الكورية.
3- تأكيدا على التزامها بإعلان بامنجوم ، الصادر عن قمة الكوريتين في 27 نيسان/أبريل الماضي، تلتزم بيونغ يانغ بالعمل على نزع كامل للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية.
4- تلتزم الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بإعادة رفات قتلى وأسرى الحروب، وإعادة جثامين أولئك الذين تم تحديد هوياتهم إلى بلدهم فورا.
واعترافا بأن القمة التي جمعت قائدي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وهي الأولى من نوعها في التاريخ، حدث تاريخي له أهمية كبرى يتغلب على عقود من التوترات والعداوات بين البلدين، ومن أجل خلق مستقبل جديد، يلتزم ترامب وكيم بتنفيذ البنود الواردة في هذا البيان المشترك بالكامل وبشكل عاجل.
وتلتزم الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بإجراء مفاوضات متابعة بقيادة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومسؤول رفيع مناسب من كوريا الشمالية في أقرب موعد ممكن وذلك لتنفيذ نتائج القمة.
والتزم ترامب وكيم بالعمل على تطوير علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وتعزيز السلام والرخاء والأمن في شبه الجزيرة الكورية والعالم.