المشهد اليمني الأول/

 

“معركة جهنمية” هذا ما وصفت به تقارير صحفية عالمية ما تواجهه الإمارات في الحرب الدائرة على اليمن حيث كشف موقع “ذي إنترسبت” عن انتكاسات جديدة لقوات النخبة الإماراتية في اليمن مشيراً إلى أن الإماراتيين ليس بوسعهم شنّ هجوم على مدينة الحديدة دون دعم أمريكي.

 

وأوضح الموقع بناء على وثيقة عسكرية أمريكية تحليلية اطّلع عليها أن قوات النخبة الإماراتية شنّت العام الماضي هجوماً على الجيش واللجان الشعبية شرق مدينة المخا وواجهت خلاله مشكلات عديدة وأن الإماراتيين وصفوا تلك المعركة بـ “الجهنمية”. وألقت الوثيقة العسكرية الأمريكية الضوء على الانتكاسات الأخيرة للمقاتلين المدعومين من الإمارات عندما حاولوا التقدم شرقاً نحو مدينة تعز التي يسيطر الجيش واللجان الشعبية اليمنية على جزء منها.

 

وحسب الوثيقة فقد أفاد الحرس الرئاسي في الإمارات بأن العمليات شرق المخا لم تجرِ كما كان مخططاً لها وقد سُجلت خلالها خسائر بشرية وفيما يتعلق بالحديدة كتب موقع “ذي إنترسبت” – نقلا عن مسؤول سابق في البيت الأبيض “أن الإماراتيين ليس بوسعهم شنّ هجوم على المدينة دون دعم أمريكي”.

 

وتأتي هذه الأخبار بالتزامن مع إعلان وكالة سبأ تنفيذ قوات الجيش واللجان الشعبية خلال الـ24 ساعة الماضية عملية عسكرية واسعة أسفرت عن تكبيد القوات الإماراتية والسعودية والفصائل المتحالفة معهما خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد كما قالت إن العملية انتهت بالسيطرة على مواقع عدة عند الحدود قبالة منطقتي جازان وعسير.

 

وقالت كاتبة التقرير إيونا كريغ إن المعركة التي تخوضها الإمارات والجماعات والفصائل المتحالفة معها في الحديدة تعد المعركة “الأشرس” على الإطلاق منذ اندلاع العدوان والحرب على اليمن. وأوضح التقرير أن الإمارات تدعم عددا من الفصائل والقوات غير النظامية أبرزها “الفصائل الجنوبية وقوات تهامة وقوات حراس الجمهورية الذين يقودهم ابن أخ الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وقوات انفصالية جنوبية وقوات سودانية”.

 

وتابع: “لم يتبق من الموالين لصالح في اليمن إلا شرذمة قليلة ويترأسهم ابنه أخيه طارق الذي فر من المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة صنعاء الذي يتحرك بهدفين الأول الانتقام، والثاني تحقيق منافع سياسية خاصة وأنه مدعوم بفرقة من الجنود السابقين في الحرس الجمهوري”.

 

وتمكنت تلك الجماعات الموالية للإمارات من تحقيق انتصارات وتقدموا نحو 50 ميلا نحو الحديدة لكن ما أبطأ تقدمهم الآلاف من الألغام التي زرعها الجيش واللجان الشعبية في الطريق ولم يعد أمام تلك القوات إلا 10 أميال فقط على السيطرة على ميناء الحديدة الخاضعة لسيطرة سلطة صنعاء منذ عام 2004.

 

وتهتم الإمارات بدعم تلك القوات بتوفير العربات المصفحات والمدرعة الجديدة ودعمهم بتدريب مقاتلين جدد بحسب التقرير. ونقلت كاتبة التقرير عن قائد ميداني: “بالطبع نتلقى أوامرنا من الإمارات”.

 

كما قال جوست هيلترمان المسؤول في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل: “لا يمكن لهذه القوات النجاج ضد سلطة صنعاء دون دعم الإمارات ولن تنجح هذه دون ضوء أمريكي أخضر ودعم واضح”.

حقائب الأموال

ولكن التقرير يشير إلى أن الدعم الأمريكي غير واضح حتى الآن لتلك القوات خاصة وأن هناك شكوك حول مدى قدرة القوات المتحالفة مع الإمارات على تحقيق انتصارات كبرى في المعركة.

 

ونقلت عن مصدر أمريكي بارز قوله: “هناك شعور بالإحباط بأنه مهما قدمت الإمارات حقائب من الأموال لتلك القوات فإنها لن تغير من استراتيجيتها ولن تتغير ولن تحقق انتصارات كبيرة على الأرض”. ويتابع المصدر “يبدو أن النبرة البطولة التي يتحدث بها قادة القوات والفصائل الموالية للتحالف تتناقض مع التداعيات الكارثية المحتملة والتي نراها بأعيننا إذا ما قررت تلك الجماعات والفصائل مهاجمة الجيش واللجان الشعبية اليمنية في ميناء الحديدة لأنهم يعلمون أهمية الميناء”.

 

ونقلت كريغ عن مدير مكتب اليمن بمنظمة “ميرسي كوربس” عبدي محمد قوله: “أي عرقة لشريان الحياة الحيوي في اليمن ميناء الحديدة يعني بكل بساطة إعدام ملايين اليمنيين الذين ليس لهم أي ذنب”.

 

وأوضحت “إنترسبت” أنه اطلع على تقرير تحليلي للجيش الأمريكي على المعارك الدائرة في اليمن وجاء في هذا التقرير توصيف واضح للقوات المتحالفة مع الإمارات والتي وصفت بأنها “تعاني من نقص الإرادة خاصة مع انطلاق شهر رمضان وسط تردد الكثير من المقاتلين اليمنيين على الحرب أثناء هذا الشهر”.

 

وتابع التقرير قائلا : “الوثائق العسكرية الأخيرة للجيش الأمريكي كشفت عن خسائر كبيرة يتعرض لها المقاتلون والمرتزقة المدعومين من الإمارات خاصة عند محاولتهم التقدم تجاه تعز وأبرزها تكبد قوات حراس الجمهورية خسائر فادحة شرق المكلا وقوات النخبة الإماراتية تواجه مشاكل استخدام الأسلحة وتعطل عملها لدرجة أنهم وصفوا تلك المعارك بالجهنمية”.

 

وما يثير ريبة الجهات الأمريكية وفقا للتقرير هو أنه رغم تعهد الإمارات بعدم التقدم نحو الحديدة من دون موافقة أمريكية لكن الإمارات تؤكد أنها ليست قادرة على السيطرة على أفعال الجماعات والفصائل الموالية لها على أرض المعركة. 

 

وتابع الموقع: “لكن هذا يتناقض مع المشهد على خطوط المعارك حيث أكدت الجماعات والفصائل أنها لا تتحرك إلا بأوامر إماراتية ويتلقون رواتبهم من الإماراتيين ويتلقون أوامرهم من الضباط الإماراتيين المعسكرين قرب ساحل البحر الأحمر”.

 

واختتم الموقع الأمريكي تقريره بالإشارة إلى أن “القادة العسكريين في الخطوط الأمامية يقولون بأنهم سيقطعون خطوط الإمداد عن مديرية الحديدة وسيفرضون حصارا عليها بدلا من دخول المدينة وهذا ما سيجعل المعركة ليس شرسة فقط بل دموية إلى حد بعيد”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا