المشهد اليمني الأول/
كتب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية إبراهيم سنجاب مقالاً عن الخروج الجماهيري الكبير في اليمن دعماً للقضية الفلسطينية في يوم القدس العالمي، وقال:
سئمنا من التحليل السياسى والتنظير الاستراتيجى ، فكل من هب ودب يقول ولا يعط نفسه فرصة ليسمع لكى يفهم . سئمنا من كذب الاعلام العربى والعالمى المرهون للمال السفيه ، سئمنا من غياب الضمائر عن عمد ، وإغماض الجفون عن يقظة ، واعلاء كل مصلحة ذاتية تخالف الضمير الطبيعى والشعور الإنساني الفطرى ، سئمنا حتى من الكلام والكلمات والسطور والصحف والكتب .سئمنا الحياة بطعم الهزيمة الأخلاقية .
موضوع هذه السطور ليس متعلقا بأن صنعاء العزيزة وأهلها الأعزاء خروجا صياما من أجل نصرة القدس ، فكل أيامهم صيام وعطش ومرض وحصار منذ عده سنوات ، وليست هذه السطور دعم لأهل صعدة المدمرة مدينة العلماء ولا الحديدة المحاصرة رئة صنعاء، فهم أحرار ينصرون القدس أو لا ينصرونها ، هذا شأنهم !.
فقط أريد أن أقول
إذا كان زعيم ثورة اليمنيين الشاب عبد الملك الحوثى ورمزهم فى رفض اخضاع اليمن المتمرد على كل الصفقات للهيمنة الخارجية الإقليمية والدولية ؛ اذا كان هذا الزعيم الشاب قادرًا على اخراج كل هذه الحشود فى العاصمة العريقة وعدة مدن تحت سيطرته لمناصرة عروبة القدس ، فكيف إذن تصل أيدى تحالف العرب والسودان إلى الحديدة ثم صنعاء ؟ ! إنها الخدعة الكبرى للعرب والمستعربين والفضيحة العسكرية الأكبرللسلاح الأمريكى والبريطانى والفرنسى ,إنها العار التاريخى الذىً سيلاحق خبراء وقادة الحرب العسكرين -متعددى الجنسيات – الذين عجزوا أمام عدة الآف من المقاتلين وشعب فقير جائع ومحاصر .
ولا مجال للكلام عن الشرعية والعمالقة وطارق وسلفيي الوهابية ولواء تهامة ورجال حمود المخلافى والإصلاح ولاجئى المؤتمر ، فهؤلاء خارج حسابات القرار أصلا، فالكلمات أعز من أن تكتب فيهم -قولا واحدا- ومهما وصلو ا فلن يصلوا إلى ظل شجرة يرقد تحتها حافى القدمين العزيز الفقير محاصرا جائعا ولكنه يرفض الارتزاق. دخلنا على العام الرابع للعدوان وتبدل الشعار من قادمون صنعاء إلى قادمون يا حديدة ! إنها المسخرة فى أتعس مشاهدها ، لماذا أنت قادم ؟ ولم خرجت منها ؟ وكيف تخرج وتترك نساءك أمك وأختك وجدتك؟ إنها المهزلة! فلا أنت عدت إلى صنعاء ولا أنت عشت كريما خارجها .
بالعقل
لمن ظل يعتقد أن الحرب هى لتحرير اليمن من الحوثى فهوكاذب ويعرف أنه يكذب إلا إن كان يعقل أنه يجب تحرير اليمن من اليمنيين , الحرب ليست من أجل الحوثى ولا من أجل الشرعية الهاربة , والعدوان ليس على الحوثى وحده ولا من أجل محسن وطارق , ولا حتى من أجل السعودى والاماراتى، وليس للسودانى موطئ قدم فيها ! فما بالك بغير هؤلاء وهم كثير .
بالعقل
ما الذى يدفع السعودى لخسارة كل هذه الأموال والعتاد والتاريخ ؟ إنه يخسر التاريخ ولا يربح الجغرافيا . وما الذى يطيح بالاماراتى إلى سوقطرة إن كان يريد تحرير صنعاء ؟ وما ذنب الجندى السودانى الذى يقتل من أجل الكعبة المشرفة على سواحل عدن ؟ إنه الصراع الذى هو فوق ارادة المتصارعين، فلا أقل من أن تتبرأ إلى الله من دماء الأبرياء .
إن الذى استطاع أن يخرج الجماهير لنصرة القدس فى صنعاء النازفة لقادر على أن يقاتل حتى نهاية التاريخ دفاعا عن الحديدة، فلا أقل من البحث عن حل سياسى. أما خبراء العسكريات والاستراتيجيات على الفضائيات، فإلى متى يكذبون ؟ وعلى من ؟ إن كان على شعوبكم من أجل إهمال اليمن ففى اليمن وفوق ترابها من يعرفون الحقيقة، بل وفى واشنطن ولندن وتل أبيب من يدهشهم صمود اليمنيين . ومتى ينتهى كذبكم ؟ أفى اللحظة التى يأمر فيها ترامب بوقف الحرب لعدم جدواها ؟ أم فى اللحظة التى تقرر فيها تل أبيب المشاركة علنا فيها وهى المتهمة بالمشاركة سرا ؟
وبصراحة
فإن خروج اليمنيين فى ظروفهم هذه التى لا يعلم العالم عنها شيئا، وبهذه الصورة اللافته وبتلك الأعداد وفى عدة مدن وفى وقت واحد هتافا لعروبة القدس لهو أدعى لإعادة التفكير فيمن يجب أن يتقرر معه مصير هذه المهزلة , لا القصف سينهى معركة، ولا حشود المرتزقة ستحسمها , ولا حتى دخول الحديدة وصنعاء ذاتها سينهيها .
فى اليمن رجل اسمه عبد الملك بن بدر الدين صادق لا يكذب، ومطاع لا يتجمل، اذهبوا إليه ولو بنصف حل سياسى يحفظ كرامة اليمن لأنه لن يفرط فى ثورته .