المشهد اليمني الأول/
شهدت جبهات الساحل الغربي تراجعاً في غالبية المربعات التي كانت قد تقدمت فيها قوات الغزاة والمرتزقة، وعلى وقع ذلك التراجع يستعدّ المبعوث الدولي إلى اليمن لزيارة صنعاء التي أكدت بأن معركة الدفاع عن الساحل هي معركة إستراتيجية مهما كانت التضحيات، كما يستعد غريفيث طرح مبادرة في مجلس الأمن فيما تبرز مساع سعودية متجددة للملمة الخلاف بين حكومة هادي والإمارات.
وقبيل موعد لقائه بالمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث استدعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمس هادي من محلّ إقامته في الرياض إلى مدينة جدة. لقاء يكسب أهمية بعد انقطاع نسبي عن اللقاءات الروتينية بين الرجلين وتطورات تشهدها الساحة اليمنية على المستويين السياسي والعسكري. توسّط اللقاء سحوراً رمضانياً جمع هادي بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ولقاءً لاحقاً مع المبعوث الدولي الذي يستعد لطرح مبادرة سلام قريباً أمام مجلس الأمن الدولي.
وكان قد حذر غريفيث في تصريحات له من خطورة التصعيد العسكري من تحالف العدوان في الساحل الغربي الذي قال إنه سيؤدي لنزوح جماعي لسكان محافظة الحديدة وتدمير جهود السلام.
ويأتي لقاء هادي ـ ابن سلمان في وقت تتصاعد فيه خلافات حكومة الفار هادي الأول مع دولة الإمارات وبعد تعيينات جدلية أقدم عليها أخيراً أطاحت بوزير خارجيته “عبد الملك المخلافي” وتوازياً مع تعثر معركة الحديدة على رغم الرهان السعودي – الإماراتي الكبير عليها.. وعلى رغم أن وكالة الأنباء السعودية ووكالة «سبأ» التابعة للفار هادي اكتفتا بالإشارة إلى اللقاء من دون ذكر تفاصيل فإن من المرجح أن ملفَّي الخلاف مع الإمارات ومبادرة غريفيث للحل السياسي شكلاً مدار نقاش الرجلين في اللقاء الذي انضم إليه رئيس الاستخبارات العامة السعودية ونائبه. وهناك عزم على الإقدام على إرتكاب حماقة الساحل.
وبحسب مصادر متابعة فإن ابن سلمان سعى مرة جديدة في تجميد الخلاف بين هادي والإماراتيين، لمصلحة تعزيز جبهة الساحل الغربي حيث يتصاعد الرهان على تحقيق إنجازات عسكرية تزيد من الضغط على صنعاء. وهو ما قد ينعكس تشدداً سعودياً وعدم تجاوب مع خطة المبعوث الدولي (الذي من المنتظر أن ينتقل لإجراء جولة مشاورات جديدة في صنعاء) من جهة وتسعيراً للجبهات من جهة أخرى.
التوقعات بحرص السعودية على تأجيل الخلافات بين فريق هادي وأبو ظبي أكدته زيارة وزير داخلية الفار هادي “أحمد الميسري” إلى الإمارات ولقائه وزير الداخلية الإماراتي سيف بن زايد في أبو ظبي وذلك بعد بلوغ الخلاف بين الجانبين ذروته عقب تصريح الميسري بأن “هناك احتلالاً إماراتياً لمدينة عدن غير معلن”.
ولا تزال آلية ضبط الخلاف مع الإمارات غير واضحة المعالم في ظل عودة مايسمى رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي” عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتياً إلى عدن قادماً من أبو ظبي بعد لقاءه بالقيادات الغماراتية وبالرئيس السابق “علي سالم البيض”. وهاجم نائب الزبيدي هاني بن بريك أمس مشروع «الأقاليم الستة» الفيدرالي الذي يدعو إليه فريق الفار هادي ملوّحاً بإعلان انفصال الجنوب بالقوة بالقول: “إما الاستقلال (لجنوب اليمن) وإلا فسبيل الجبهات”.
والجدير ذكره هنا أن ميليشيات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي أعلنت أمس بسط سيطرتها الكاملة على محافظة الضالع بعد اشتباكات دامية مع ميليشيات مناوئة لها. كما تعرضت كتيبة جديدة مساء الجمعة لإبادة في الساحل الغربي، وأكد موقع “هنا الجنوب العربي” تعرض كتيبة في اللواء الخامس الذي يقوده “أبو هارون اليافعي” لخيانة كبرى في الساحل الغربي في منطقة الفازة وخلفت عشرات القتلى والجرحى، مشيرة إلى أن الخيانة حصلت بعد يوم من مشادات بسبب رفع علم الجنوب على الآليات العسكرية ورفض أفراد ألوية العمالقة إنزالها.
ومن المتوقع أن يصل غريفيث إلى العاصمة صنعاء اليوم السبت أو غداً الأحد، وهناك إحتمال بأن يعرض مبادرة لإحتلال ميناء الحديدة “وضع الميناء تحت الوصاية الدولية” على سلطات صنعاء، إلا أن صنعاء قد تحضرت جيداً لأي سيناريو يفكر فيه تحالف العدوان على اليمن بأي حماقة في الساحل الغربي. حيث توعَّد وزير الدفاع اليمني “اللواء الركن محمد ناصر العاطفي” قوى العدوان بضربات ساحقة بالساحل الغربي وفي كل مكان تتواجد فيه، مؤكداً ان الدفاع عن -الساحل الغربي وميناء الحديدة- خيار إستراتيجي وطني لا يمكن تجاوزه مهما كانت التضحيات بإعتباره الشريان الوحيد لملايين اليمنيين.
من جانبه قال الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن شرف غالب لقمان” إن أبو ظبي لم تعد آمنة بعد اليوم وإنها في مرمى الصواريخ اليمنية”. ودعا العميد لقمان المستثمرين في دبي وأبو ظبي، إلى أخذ هذه التصريحات على محمل الجد. وأكد أن تصعيد، الإمارات في الساحل الغربي، سيقابل، بتصعيد أقوى وغير متوقع من قبل الجيش واللجان الشعبية.
وكان قد توعد رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي مؤخراً قوى العدوان بمصير مؤلم في القريب العاجل. وقال الحوثي في تغريدة له على تويتر رصدها المشهد اليمني الأول “باذن الله ستندمون على مغامراتكم في الساحل قريبا”. يأتي ذلك بالتزامن مع إنتصارات للجيش واللجان الشعبية تمكنوا فيها من إبادة كتيبة عسكرية جنوبية بالكامل في منطقة الفازة جنوبي مديرية التحيتا على الساحل الغربي.
وبين إصرار العدوان على إحتلال الساحل وتأكيد اليمن على حقها بعدم تسليم أراضيها للمحتل الدولي وأتباعهم المرتزقة، يوحي المشهد العام أن معركة الساحل الغربي باتت على الأبواب سيما مع وصول سفينة تابعة لمنظمة الهجرة الدولية إلى ميناء الحديدة لإجلاء كافة الرعايا الأجانب من المحافظة، ومن المؤكد أن حسابات العدوان خاطئة ولاتدرك حجم المقامرة.
*المحرر السياسي