المشهد اليمني الأول/
ضمن المبادئ المسلّم بها تكتيكيا واستراتيجيا في مجال الدفاع اليمني وفق المعطيات العسكرية والاستراتيجية، هناك ما يُعرف بمبدأ الدفاع المدمر بالعمق المعادي الرئيسي، وينصّ وفق استراتيجية الاستنزاف التي ينتهجها الجيش اليمني واللجان الشعبية على وجوب اتخاذ كافة التدابير الدفاعية الضرورية لتحصين الجبهة الدفاعية بإحكام وبالاخصّ نقاط التمركز والانتشار الرئيسيه، ومن ذلك نشرعدة خطوط نارية هجومية متسلسلة بالعمق العملياتي المتعدد وعلى امتدادها نشرا صحيحا، ويترتّب على اي اخلال بهذا المبدأ العسكري أن تغدو المواقع الدفاعية اليمنية غير مؤمّنة بما يكفي وهذا لا يمكن حدوثه بالمطلق مهما كانت التضحيات وهذا مااثبته الجيش واللجان في الميدان طيلة ثلاثة اعوام ونصف.
الحرب اي حرب وعلى مدى التاريخ العسكري منذ فجره يجري فيها اختراقات ميدانية فنحن مثلاً أحدثنا آلاف الاختراقات القاتلة بصفوف الغزاة والمرتزقة وبالجغرافيا المسيطرين عليها وأخطر الاختراقات التي أحدثتها قوات الجيش واللجان والقوة الصاروخية هي الاختراقات الاستراتيجية يقابل ذلك من المستحيل ان لايحدث الغزاة والمرتزقة اختراق عسكري طيلة اربعة اعوام نظراً للامكانات التسليحية المتطورة والبشرية الهائلة والمالية والاعلامية اللامحدودة ولكن نسبة الاختراق هي صفر عسكرياً مقارنةً بالامكانات والقدرات التي يمتكلها الغزاة والمرتزقة وهذا مااعترفت به كبريات الصحف الامريكية والاوروبية وامهر الخبراء العسكريين الامريكيين والعرب أكدوا ان الهزيمة لازالت في جباه الغزاة والمرتزقة لان الذي يحدثه الغزاة والمرتزقة من اختراق لايغيّر من طبيعة الحرب استراتيجياً اما بالنسبة لنا ان المهم ان هذه الاختراقات تعالج بسرعة قياسية وهذا مايترجم حصانة الثبات العسكري وصلابة التماسك الشعبي الدفاعي وليست المرّه الاولى التي يحدث فيها الغزاة والمرتزقة اختراق ولكن هذه الاختراقات المؤقتة تم معالجتها وقلب المعادلة كلّيا في المعركة لان الاختراق الغازي والمرتزق يبقى مؤقت ثم تنقلب الاية الى احداث الجيش واللجان الشعبية مئات الاختراقات الثابتة بصفوف العدو والتقدم بالجغرافيا المسيطر عليها، يجب ان نتعامل مع الحرب بمنطق عسكري بحت.
اعلام العدو يلعب على خلق ارباك عميق لحرق الاعصاب وتدمير النفسية فبداية 2018 ظل طيلة ثلاثة اشهر يروج عن محاصرة صعدة من ثلاثة محاور ومضت خمسة اشهر وهم لازالوا بمنفذ علب والبقع والخوبة وهذا التركيز الاعلامي تلخص بذكر صعدة كمعقل لانصارالله وقائد الثورة وان صعده حسب تسميتهم “معقل الانقلاب” وبالنسبة لنا هي معقل المشروع والثورة ولحساسية صعدة على المستوى الوطني و الاستراتيجي كونها معقل قائد الثورة ومهد المسيرة القرأنية ركزّ اعلام العدو بعمق وشدّة وبهستيريا عليها عبر ترويج مئات الالاف من المعلومات والاخبار والتحليلات الكاذبة حول محاصرتها ثم سقوطها ولكن تلاشى كل شيء مع مضي الوقت وتجلّـت الحقيقة ان المعركة لازالت بقواعد اشتباك وخطوط نار متصلة بالعمق السعودي لذلك هرب اعلام العدو البائس الفاشل الى مكان اخر حسّاس عسكريا واستراتيجياً بالنسبة لليمنيين وهي جبهة الساحل الغربي ولكن العنوان للفت انتباه العقول والتأثير على القلوب واشغال الناس باوهاموخزعبلات يسردها اعلام العدو كعنوان “التقدم على الحديده والسيطرة عليها بات مسألة وقت ” وهذا لجوء من اعلام العدو الى نفس التهويل والتضخيم وسرد التقدمات والانجازات الوهمية المثيرة للسخرية في الساحل الغربي وانهم قاب قوسين او أدنى من مدينة الحديدة حيث يتلاعب اعلام الغزاة والمرتزقة بالمعلومات العسكرية وبمسارات المعركة والتركيز على المسافات وعلى الصور المفبركة التي تظهر لوحات ارشادية تحدد البعد الجغرافي عن الحديده وما الى ذلك.
هذا التركيز الخبيث كالقول “تبقى للحديدة عشرة او عشرين او خمسين كيلومتر” وهكذا تتوالى الاخبار والمعلومات المتناقضة من وسائل اعلام الغزاة والمرتزقة وبغزارة غير مسبوقة بتكرار مفضوح و الغاية هو اسقاط الحديدة اعلامياً ومعنويا ونفسيا لدى ابناء الشعب لكي تترسخ باذهانهم ان الحديدة ساقطة حتمياً وهذا كل هراء واوهام وستمضي الايام القلية المقبلة ويكتشف المهزومين المأزومين من غزاة ومرتزقة انهم لن يفلحوا في شيء ولازالوا غارقين بين التحتيا وشمال الخوخة.
لاشك ان الحرب الاعلامية هي سلاح نفسي ومعنوي لكن لايحدث الخراب النفسي والمعنوي الا عند الجهلة اصحاب القلوب الضعيفة والعقول المفلسة اعلاميا والذين لايؤمنون بذاتهم ولا بالقضية التي يحملونها على عاتقهم للدفاع عنها وهي قضية سيادة وطن وكرامة شعب اما اهل اليقين اهل الايمان اهل الوعي اهل الادراك الصحيح فهم يعلمون ان اعلام العدو يلجأ للتهويل والتضخيم نظراً للهزائم والخسائر التي يتكبدها الغزاة والمرتزقة.
بالختام.. الوعي العسكري مهم جداً للتحصين النفسي والمعنوي لاننا نواجه حرب اعلامية كبيرة مفلسة قذرة تعتمد على الارباك والتخويف والتسويف والتضليل والخداع فمهما نشروا من صور ومقاطع مصورة غير صحيحة لاصلة لها بالجغرافيا العسكرية التي تشتعل بها المعركة فهي مجرد استهداف نفسي ومعنوي لا اقل ولا اكثر اما الميدان واقعه مختلف تماما وهذه حرب والعبرة بالخواتيم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عايض أحمد