المشهد اليمني الأول/
حمّل أكاديميون وباحثون في مؤتمر دولي حول أنشطة تنظيم الدولة، في العاصمة الفرنسية باريس، دولاً في الشرق الأوسط -خاصة الإمارات والسعودية- المسؤولية السياسية عن تطوّر المنظمات المتطرفة. جاء ذلك خلال المؤتمر الذي حمل عنوان: «داعش: من الهزيمة العسكرية إلى الهزيمة السياسية.. إلى أين الطريق؟»، وعُقد بمجلس الشيوخ في «ساليه ميديكس» على شكل ندوات.
حضر المؤتمر العديد من المسؤولين الفرنسيين، بالإضافة إلى دبلوماسيين وصحافيين من عدة دول، الأمر الذي أدى إلى الخروج بمسارات عمل وسبل تفكير للقادة السياسيين.
وفي حديثه أمام الندوة الأولى تحت عنوان «الشرق الأوسط.. مسرح لصناعة الإرهاب»، تحدّث الملحق العسكري الفرنسي السابق في اليمن فيليب غيني عن الدور «السلبي والتخريبي لدولة الإمارات في عدد من دول العالم العربي التي شهدت ثورات ضد أنظمة استبدادية ودكتاتورية».
وشدّد غيني على أن الإمارات «لا تولي أهمية كبرى لمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش بقدر ما تصب كل جهودها لمحاربة الإسلام السياسي وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين»، مضيفاً أنها تخشى شعبية الإخوان في كل دول العالم العربي والإسلامي مثل تركيا، وترى فيهم تهديداً مباشراً لشرعيتها وحكمها.
وقال الدبلوماسي الفرنسي: «إن الإمارات استخدمت كل نفوذها ومارست الابتزاز الاقتصادي في تونس من أجل إضعاف الحكومة بقيادة حركة النهضة. كما شجّعت وكافأت عبدالفتاح السيسي بمليارات الدولارات من أجل تنفيذ الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي، وساعدت الجنرال خليفة حفتر وتدخّلت عسكرياً في ليبيا لإسقاط الإسلام السياسي».
وتطرّق في حديثه إلى الوضع في اليمن، وقال إن الإمارات «تريد بسط نفوذها على جنوب البلاد، خصوصاً على خليج عدن من أجل مصالحها، وهو ما يفسر الانتقائية في محاربة التنظيمات الجهادية في الجنوب فقط وليس في الشمال». وفي الندوة الثانية تحت عنوان «حدود الرد الغربي لمحاربة الإرهاب»، حمّل المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا الدول الغربية والولايات المتحدة المسؤولية عن ظهور التنظيمات الإرهابية؛ بسبب دعمها أنظمة استبدادية وهمجية تجثم على صدور شعوبها منذ أكثر من خمسين عاماً، حسب تعبيره.
وقال بورغا: «إن انضمام مئات الشباب الأوروبيين إلى تنظيم الدولة يعود أيضاً في جانب منه إلى معاناة أبناء المهاجرين من العنصرية والإسلاموفوبيا، وعدم اعتراف هذه الدول الأوروبية بهويتهم العربية والإسلامية».
ويرى بورغا أن الشعوب العربية «ملّت وتعبت من نفاق الغرب بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان، في الوقت الذي تواصل فيه الدول الغربية بيع أسلحة بالمليارات لأنظمة استبدادية وقمعية في المنطقة»، مستشهداً بفرنسا «التي تواصل بيع الأسلحة الفتاكة للنظام السعودي التي يستخدمها في اليمن لقتل آلاف المدنيين العزّل».
وقال أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس ستيفان لاكروا: «إن الثورات المضادة في العالم العربي -خصوصاً الانقلاب العسكري في مصر على يد عبدالفتاح السيسي- ساهمت بشكل كبير في ظهور تنظيمات جهادية في سيناء، مثل تنظيم بيت المقدس الذي أعلن ولاءه ومبايعته لتنظيم داعش».
بدوره أوضح أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الفرنسي حول الشرق الأوسط، غسافييه غينيار، أن كلاً من السعودية والإمارات «استغلتا الحرب الدولية على الإرهاب من أجل التقارب مع إسرائيل، لتحريضها على القضاء على حماس باعتبارها حركة تمثّل الإسلام السياسي، ومن أجل مهاجمة إيران».
(رشيد الحداد – العربي)