المشهد اليمني الأول/
تزداد معاناة سكان جزيرة سقطرى بعد تعرّضها لإعصار “ماكونو” المدمّر الذي داهمها مساء الأربعاء دون أبسط مقومات الاستعداد أو محاذير السلامة وحتى مساء أمس الخميس بلغ عدد المفقودين أكثر من عشرين شخصاً وغرق سفينتين وتدمير العديد من المنازل والسيارات وانقطاع الاتصالات كلياً على الجزيرة.
تنصّلت الرياض وأبو ظبي من أي دعم لأبناء الجزيرة تجاه هذا الإعصار المفاجئ يأتي ذلك بعد صراع مفتوح بينهما منذ مطلع الشهر الحالي للانفراد باحتلال الجزيرة، انتهى بتسوية مؤقتة مع وجود قوات لكليهما في الجزيرة غير أن السعوديين يبدون عازمون على البقاء، حيث أعلن السفير السعودي في اليمن محمد الجابر أن بلاده ستغطي جميع احتياجات الماء والكهرباء في الجزيرة من الآن فصاعداً وهو الدور الذي كانت دولة الإمارات تزعم أنها تشغله سابقاً، لكن ذلك الدعم بات سراباً تماماً كسابقه الإماراتي فقد صرّح أحد مشايخ الجزيرة مستنكراً أنهم قالوا إن بقاءهم في الجزيرة سيكون للإغاثة والمساعدات فقط وعندما اشتدّ بنا الكرب بإعصار جوّي مدمّر امتنع أبو مبارك الإماراتي ومؤسسة خليفة عن تقديم المساعدات وأغلقوا جوالاتهم في وجه المستغيثين.
أعلن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر عن تدخل بلاده لإنقاذ العشرات من المواطنين اليمنيين المتضررين من الإعصار في سقطرى. وقال آل جابر ” فريق برنامج إعادة الإعمار السعودي في اليمن – مكتب محافظة سقطرى – يعمل مع السلطة المحلية في المحافظة للتعامل مع الأضرار الناتجة عن إعصار ماكونو، وفتح الطرقات ومساعدة المنكوبين تمهيداً لوصول الإغاثة والإيواء اللتان منعت الظروف الجوية وصولهما هذا اليوم وقال آل جابر في تغريدات له على تويتر” تستعد طائرات القوات المشتركة السعودية المحمّلة بعشرات الآلاف من أطنان المواد الإغاثية والإيوائية والطبية المقدمة من المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للتوجه لإغاثة ومساعدة الأشقاء في محافظة سقطرى اليمنية حال تحسّن الظروف الجوية، لكن سكان الجزيرة يؤكدون أن ذلك زيف وكذب، وأنه ليس أكثر من نزوات للتغريد على التويتر وأن المواطنين يواجهون الإعصار بمفردهم دون أي تدخل يذكر لقوى العدوان.
وأعلنت السلطات العمانية اتخاذ “الاستعدادات والتجهيزات” اللازمة للتعامل مع الإعصار الذي رفع تصنيفه من الدرجة الأولى إلى الثانية وزادت حجم الاستعدادات على مستوى الهيئات الحكومية قبل وصول “ماكونو” المرتقب صباح الجمعة وأعلن التلفزيون العماني صباح الخميس أن سلاح الجو قام بإخلاء جزر الحلانيات في نطاق محافظة ظفار الجنوبية من السكان المقدّر عددهم بالمئات، إلى مناطق آمنة وتم إعلان توفير أماكن مناسبة ومجهّزة للإيواء لمن يتم إجلاؤهم في مختلف ولايات ظفار وأعلن بيان صادر عن هيئة الأرصاد أن “التنبؤات تشير إلى توقّع اقتراب مركز الحالة المدارية من سواحل محافظتي ظفار والوسطى الجمعة والسبت” مشيراً إلى أن هذا سيؤدي إلى “هطول أمطار رعدية غزيرة جداً مصحوبة برياح شديدة السرعة”.
وتوقع المركز الوطني للأرصاد في اليمن مرور مركز العاصفة الإعصارية “ماكونو” شرق جزيرة سقطرى خلال الساعات القادمة وأوضح المركز أن العاصفة الإعصارية تتحرك باتجاه الشمال بسرعة تسعة كيلو مترات في الساعة مصحوبة بأمطار غزيرة بلغت خلال الست ساعات الماضية في محطة الرصد الجوي في جزيرة سقطرى 101 ملم. وأشار المركز إلى أنه من خلال تحليل خرائط المركز الوطني للأرصاد وصور الأقمار الاصطناعية وخرائط الطقس السطحية والعلوية وتقارير المراكز الإقليمية والدولية المختصة بالأعاصير الاستوائية وخرائط التنبؤات تم تحديد مركز العاصفة الإعصارية عند خط عرض 3ر12 شمالاً وخط طول 9ر55 شرقاً وجدد المركز تحذيره للمواطنين وربابنة السفن بكل أنواعها والصيادين ومرتادي البحر من سوء الأحوال الجوية الخطرة في أرخبيل سقطرى والمناطق المجاورة لها والاضطراب الشديد للبحر داعياً إلى عدم الإبحار في المناطق المذكورة.
الي ذلك دعا رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي إلى حملة تبرع شعبية بمبلغ مئة مليون ريال بصورة عاجلة لدعم المنكوبين في جزيرة سقطرى، جراء الإعصار الذي ضربها الأربعاء وشدّد في تغريدات له على تويتر مساء الخميس، على ضرورة تخصيص صناديق تبرع نزيهة لمساعدة سكان المناطق المنكوبة في الجزيرة من آثار إعصار بمئة مليون بصورة عاجلة داعياً من يرغب في المساعدة إلى الاتصال أو إرسال رسالة نصية على الرقم 3000 من شركة يمن موبايل. كما عبّر عن أمله بأن تكون نتائج الإعصار على المناطق التي يصلها أقل من المتوقع، مبدياً استعداد الجهات الرسمية في صنعاء لتقديم أي مساعدة يحتاج إليها أبناء سقطرى أو غيرها من المناطق المنكوبة في إطار المستطاع رغم الحصار والعدوان.
ومع تعاظم قوة العاصفة المدارية “ماكونو” يتحرّك مركز الإعصار الآن نحو شبه الجزيرة العربية ومن المتوقع أن يصل اليابسة قرب السواحل الحدودية التي تفصل عمان واليمن مطلع هذا الأسبوع ويأتي “ماكونو” في أعقاب إعصار “ساغار” المداري الذي تسبب بحدوث فيضانات مفاجئة دمرت العديد من المنازل وشردت مئات الآلاف، وقتلت 50 شخصاً في الصومال قبل أقل من أسبوع، بحسب وكالات أنباء.
(الوقت)