المشهد اليمني الأول/

تعالي اليمن على آلامه وحصاره وتجويعه، وامتلاكه استراتيجية للرد والردع على العدوان السعودي بعثر الأوراق، والمعادلات التي نجحت الصواريخ اليمنية في تثبيتها كأمر واقع فرضت الاعتراف بقوتها وعلى نطاق واسع بحيث بات الوضع اليمني مدرجاً في قائمة الحسابات السياسية بعد أن كان الغرض من العدوان إخراجه من المعادلات وتهميشه.

النجاح المبهر الذي حققته الصواريخ اليمنية التي عجزت منظومة «الباتريوت» الأمريكية عن التصدي لها، مع وضع الاقتصاد السعودي في قائمة الاستهداف الأمر الذي يترك تأثيره على الاستثمارات الأجنبية، هذا النجاح كان له صداه في دراسة صهيونية أكدت أن الصواريخ اليمنية بالغة الخطورة بسبب دقة الإصابة العالية وتطورها التقني، مشيرة إلى أنه بإمكان كيان العدو الاندماج في سوق السلاح السعودي من خلال الاضطلاع بدور كبير في تزويد الرياض بمنظومات سلاح تتطلبها «التحديات الأمنية التي تواجهها».

لن نتحدث عن الصواريخ اليمنية فهي تحدثت عن نفسها، لكن القضية في الدراسة ذاتها فهي ليست عبثية وليس مستبعداً أن تكون ناطقة بما يريده كيان الاحتلال والأمريكي معاً، وهو استمرار التهويل والتخويف مما يزعم أنها «أخطار» تتربص بالنظام السعودي في محيطه الإقليمي والعمل على خلق «عدو» جديد بعيداً عن العدو الإسرائيلي، بحيث تجد السعودية نفسها –وهو المراد- محاصرة بفوبيا دائمة في جنوبها تماماً كما يجري التهويل مما يسمى «الخطر الإيراني»، وهذا سيقودها بطبيعة الحال للهاث لشراء مزيد من الأسلحة وبث شريان جديد في الاقتصاد الإسرائيلي كما هو حاصل مع الاقتصاد الأمريكي مع ما يرافق ذلك التخلص من الأسلحة المتهالكة غير الصالحة للخدمة ، وبالتالي المزيد من استنزاف المال السعودي كاستراتيجية متبعة أمريكياً وإسرائيلياً، بحيث يكون الأمر كتبادل الأدوار وتكاملها بين الأمريكي والإسرائيلي في عملية النهب و«الحلب».

المضحك أن الدراسة وعن غير قصد أعادت تسليط الضوء على حقيقة معروفة أساساً أن من يعدون أنفسهم حلفاء وشركاء لـ«إسرائيل» هم بالنسبة للأخيرة مجرد أدوات تمرر من خلالهم المخططات، أما «حمايتهم» كما يتم تغذية أدمغتهم بهذه الفكرة فهي غير واردة، فإذا كانت «القبة الحديدية» فشلت فشلاً ذريعاً في اعتراض صواريخ المقاومة، فما هو المختلف مع الصواريخ اليمنية في حال تزودت السعودية بهذه المنظومة بناء على رغبتها كما أشارت الدراسة، فـ«القبة» بالنسبة إلينا بمثابة الميت، فهل يعيد الضرب في الميت إحياءه؟!.

..إنه تعمد أمريكي و«إسرائيلي» معاً لإضعاف الحلفاء وإذلالهم وتشتيتهم، واستنزافهم لإبقائهم تحت الطلب والطاعة، ومنعاً من استثمار الأموال العربية في مواجهة العدو الأول والأخير «إسرائيل»، بل استثمارها في جعل المنطقة بؤرة دائمة للتوتر والصراع.

*هبا علي أحمد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا