المشهد اليمني الأول| متابعات
في حين يمكن جمع الهدفين في مقولة محاولة “تل أبيب” إعادة إحياء علاقاتٍ أماتها السلوك الإسرائيلي العدواني. وهو ما ظهر من خلال قدرة الأطراف الإفريقية في التأثير على المنابر العالمية الداعمة للقضية الفلسطينية.
من هنا يمكن القول إن جولة نتنياهو، تستهدف محاصرة قضية الشعب الفلسطيني، عبر جني مزيدٍ من الداعمين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، في ظل صمتٍ عربي، وتراجعٍ في احتضان القرار الإسرائيلي من قبل شعوب المنطقة والعالم. فكيف تُعتبر زيارة نتنياهو محاولة لكسب الود الإفريقي في زمن التآمر العربي حول القضية الفلسطينية، وثورة الشعوب المستضعفة؟
زيارة نتنياهو لأفريقيا
بدأ رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الإثنين، جولة خارجية تشمل 4 من دول شرق ووسط أفريقيا، وهي، أوغندا وإثيوبيا وكينيا ورواندا.
وحسب المصادر الصحفية، فإن دبلوماسياً أفريقياً مطلعاً على تفاصيل الزيارة، أشار الى أن نتنياهو الذي وصل الى أوغندا، سيُجري محادثات رسمية مع الرئيس الأوغندي، يوري موسفيني، تتناول سبل تعزيز العلاقات بين الطرفين في مختلف المجالات. كما أن زيارة نتنياهو إلى أوغندا ستشهد، أيضاً، التوقيع على 5 اتفاقيات تعاون في مجالات عدة، وأهمها الإقتصاد، والزراعة، والري.
أما محطة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الثانية فستكون كينيا، حيث ستتواصل زيارته لها يومي الأربعاء والخميس. في حين ستكون العاصمة الأثيوبية أديس أبابا المحطة الثالثة لنتنياهو، حيث سيمكث فيها يومي الجمعة والسبت. وحسب المصادر فإنه من المقرر أن يُلقي نتنياهو خطابا في مقر الإتحاد الأفريقي، في أديس أبابا، حيث سيدعو من خلاله إلى تأسيس شراكة وتعاون بين كيانه والإتحاد، الذي سبق أن اتهمه قادة الكيان الإسرائيلي بأنه معاد للسامية.
كما سيلتقي نتنياهو، في أديس أبابا، رئيسة مفوضية الإتحاد الأفريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، وسيعقد مؤتمراً صحفياً معها. الى جانب ذلك، سيجمعه لقاءات مُقررة مع رئيس الوزراء الأثيوبي، هايلي مريام ديسالين، ورئيس الدولة، مولاتو تشومي ورتو، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الطرفين.
محطة نتنياهو الأخيرة ستكون في رواندا، وسيمكث فيها يومي الأحد والإثنين المقبلين بالتزامن مع بدء فعاليات القمة الأفريقية الـ27، والتي تستضيفها كيغالي خلال الفترة بين 10 و18 تموز.
وفي هذا السياق، أشارت المصادر إلى أن المجموعة العربية داخل الإتحاد الأفريقي، والتي تضم 9 دول، سجلت تحفظها على استقبال نتنياهو في مقر الإتحاد.
تقرير حول مسار العلاقات الإسرائيلية الإفريقية
تعود العلاقات الأفريقية الإسرائيلية إلى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث عاشت هذه العلاقات فترة مزدهرة وصولاً لحربي 1967 وأكتوبر 1973. وبين الفترتين، أدى العدوان الإسرائيلي على سوريا ومصر والأردن، إلى تغيير الدول الأفريقية للإنطباع السائد حول الكيان الإسرائيلي، من صورة كيانٍ صاعدٍ لصورة طرفٍ عدوانيٍ يفتعل الحروب. وبعد حرب 1967، بدأت مساعي قطع العلاقات، وهو ما شمل حينها، أربع دول فقط هي أوغندا، غينيا، الكونغو، وتشاد.
حيث بقيت الصورة الإيجابية حتى سبعينيات القرن الماضي. لكنه وبعد حرب أكتوبر 1973 بين مصر والكيان الإسرائيلي، شهدت العلاقات توتراً، حيث استطاعت الدبلوماسية العربية أن تُحاصر النفوذ الإسرائيلي في القارة الإفريقية. لينتهي الأمر بإعلان الدول الأفريقية قطيعة شبه كاملة مع “تل أبيب”، متخذين مواقف متضامنة مع القضية الفلسطينية.
ثم حصل أن عمدت الدول الأفريقية إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي بشكل جماعي عقب قرار مُلزم صدر عن منظمة الوحدة الأفريقية، مما أدى لقطع 31 دولة علاقتها مع “تل أبيب”، لكن وبعد توقيع مصر والكيان الإسرائيلي على إتفاقية “كامب ديفيد” للسلام في عام 1978، بادر بعض الدول الأفريقية وبشكلٍ فردي، لإعادة إحياء العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
أهداف زيارة نتنياهو
بحسب المحللين تحمل زيارة نتنياهو العديد من الدلالات، وهو ما يمكن الإشارة له بالتالي:
سيسعى نتنياهو من خلال زيارته لإحداث اختراقٍ لعلاقة كيانه بالقارة الأفريقية وعلى صُعد عدة، حيث يُعتبر ذلك هدفه الرئيس، إذ أنه وبنجاحه، يمكن العبور نحو الأهداف الأخرى. وهنا فإن الدور الأفريقي في المنابر العالمية، والداعم للقضية الفلسطينية، يُعتبر الدافع الأساسي لنتنياهو من أجل تحسين العلاقات الإفريقية الإسرائيلية. خصوصاً في ظل تآمرٍ لبعض الأنظمة العربية، وتطبيعها للعلاقات مع “تل أبيب”. وهو ما يؤثر على القرار الأفريقي، بحسب التجربة التاريخية.
بالإضافة الى ذلك، تبدو الأهداف الإقتصادية حاضرة وبقوة، حيث ينضم للوفد السياسي لنتنياهو، أكثر من مئتي رجل أعمال، كانوا يدخلون أفريقيا تحت غطاء شركات أوروبية. في حين ستسعى الزيارة لكسب الأسواق الأفريقية، خصوصاً في المناطق الإستراتيجية في القارة السمراء. وهنا تتركز بحسب المحللين، المصالح الإسرائيلية الإقتصادية في كينيا ورواندا، حيث يضع الغرب و”تل أبيب” عينهم على مناجم المعادن الثمينة من الذهب واليورانيوم والأحجار الكريمة.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الحلم الإسرائيلي في الحصول على عضوية المراقب في الإتحاد الأفريقي، هو من أهم أهداف الزيارة. وهنا فإن عضوية المراقب في منظمة الوحدة الأفريقية كانت مقتصرة ومنذ تأسيسه عام 1963 على المنظمات الأممية مثل الإتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة.
لكن ومنذ أن تحولت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الإتحاد الأفريقي عام 2002، تم إعطاء فرصة لقبول العضوية لمن يعتبرهم الإتحاد شركاء في التنمية الإفريقية. في حين وبحسب ميثاق الإتحاد، يُمنع قبول عضوية أي دولة تحتل أراضي دولة أخرى. وهو ما سيسعى نتنياهو لإزالته.
وفي مجال التعاون العسكري، من المتوقع أن تسعى الزيارة لتسويق السلاح الإسرائيلي الى جانب الطائرات بدون طيار المتطورة.
إذن، يبدو أن نتنياهو بدأ يستشعر خطر تراجع الإحتضان الدولي لسلوك كيانه. في وقتٍ قررت بعض الأنظمة العربية أن تُعدِّل ذلك إقليمياً.
وهو ما يؤثر على قرار الدول الأفريقية. وهنا فإن القضية الفلسطينية، هي المسألة التي يمكن أن تكون الهدف الإستراتيجي، للجولة، حيث أن تقوية علاقات “تل أبيب” الإقليمية والدولية، ينعكس أولاً على القضية الفلسطينية إقليمياً وعالمياً.
في وقتٍ لا يبدو فيه، أن خياراً سوى المقاومة، يمكن أن يمنح الفلسطينيين حقوقهم، المشروعة، والتي يجول نتنياهو للتفريط بها.
المصدر: الوقت