المشهد اليمني الأول/

قبل أعوام ذهبنا إلى صعدة كعلماء سلفيين ومعنا بعض الإخوة لنتثبت ونبلغ الحجة على أنصار الله حسب ما كنا نعتقده عليهم ، وكانت رحلتنا مغامرة بحد ذاتها بحسب ما كان يضلل علينا حتى كنا نعتقد أنه قد لا نعود أحياء كوننا سلفيين ، لكن بعد وصولنا صعدة وبعد المرور من نقاط الكرام هناك ، واستقبالنا بحفاوة وترحاب ، وتحركنا هنا وهناك والتقينا بقيادات المسيرة ، وكان من ضمنهم الشهيد المجاهد المؤمن التقي صالح الصماد رحمة الله تغشاه ، كنا قد اعددنا 12 نقطة نقيم الحجة بها ونطلب منه ردا صريحا عليها ، لكي نعود بالرد إلى قادات السلفية، فدار حوار قصيرنا بيننا ثم فرض الشهيد نفسه وأدلى بدلوه وقال كلمته ورد على كل الشبهات التي طرحناها عليه ، لا نبالغ يعلم أننا لم نسمع طرح قرآنيا وأسلوبا واعيا ، واستنباطا حكيما وبسلاسة وبلا تكلف مثل ما سمعناه من الشهيد الصماد ، فبدلا من أن نجادله نحن ونقيم الحجة التي كنا نراها ، إذا بنا نصمت جبراً لكلامه وشرحه وبيانه وتوضيحاته، فأقام هو علينا الحجة ورد على مبطلات المضلين على فهم كتاب الله ، فولا أن الليل طال وإلا ما سئمنا منه ومن درره ، فعدنا ونحن نتهامس فيما بيننا وأردد في نفسي قوله تعالى ( فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ) ، يعني ما عاد معنا حجة ولا عذر نحن ليس هم بعد ما سمعنا ، نعم لقد كان الشهيد الصماد بدرجة كبيرة من الوعي الايماني والقراني، وحريص كل الحرص على جمع كلمة الأمة وفق كتاب الله وسنة رسوله ، وكان له قبول عجيب ، فما من أحد يجلس معه إلا وترك أثره فيه ، فما يخرج عالماً كان أو سياسياً او عسكرياً ، إلا وقد قذف الشهيد في قلبه الحق .

وأختم أننا قبل استشهاده بأسبوع تيسر لنا لقاء معه ومع كبار علماء من السلفية، كانوا يودون اللقاء بشوق معه لِما يشاهدون منه في خطاباته وتوجيهاته وتحركاته ، وحصل اللقاء وكنت أتوقع من العلماء التأثر نفس ما حصل لنا في صعدة ، وكان وقت اللقاء قصير، لكن يعلم الله أنهم ما خرجوا من عنده إلا وهم مذهولين ومتأثرين ومطمئنين وسعداء، وأقام عليهم الشهيد الحجة ، وكان من روائع كلامه المؤثر لهم سلام الله عليه أثناء اللقاء أنه قال لهم : أنتوا علماء وعليكم واجبات ومسئوليةأمام الله ، قوموا بواجبكم بالتحرك الجاد للمصالحة بين الجميع ، وقوموا الحجة علينا أو عليهم يقصد ( المرتزقة) وهذا كتاب الله ، إذا شفتوا إننا ما با نطبقه ، تحركوا وجاهدونا ( قاتلونا) وقده واجب عليكم وما عليكم ملامة. نعم هذا هو الشهيد الصماد كان حريصا على التصالح والتسامح والعفو ، ويحرص دائما أنه لا بد من نتوحد لمواجهة العدو الحقيقي للأمة وهي أمريكا واسرائيل ، فسلام الله عليه يوم ولد ويوم عاش ويوم قتل شهيدا .

لا غريب أن الشهيد الصماد بعلمه وفهمه أنجبته مدرسة عظيمة هي مدرسة الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي ، والذي يقود زمامها اليوم علم أهل البيت السيد القائد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي ، فلا غرابة ولا تعجب ، أن أحبه العلماء والساسة والمواطنين وبكى عليه كل الناس وبكل فئاتهم ومكوناتهم ، فرحم الله الرئيس الصماد وتقبله الله في الفردوس الأعلى مع الانبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: عادل أمين الغرباني – عضو رابطة علماء اليمن

https://youtu.be/aLg02a-bADY

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا