المشهد اليمني الأول/
وقفتُ حائرةٌ وتَجمدَ حبرُ قلمي وسقطَ دمعُ عيني كلما حاولت أن أبدأ بالكتابة عن أسطورة نادرة من أساطير البطولة والشجاعة والشموخ والإستبسال ، فكلماتي تتلعثم وتعتذر بأن تصف ذاك الرجل العظيم المجاهد المغوار الكرار غير الفرار ، والشخصية البطولية النادرة التي قل أن نجد لها مثيلٌ في هذا الزمانّ .
هذا البطل الأسطوري هو الشهيد الرئيس صالح الصماد الذي كان رجلاً بحجم أمة، حمل في ثناياهِ هموم الأمة وقضية الوطن ، أنّهُ بحق قائد عجزت كُلّ الأمهات أن تلد مثلهُ ، لقد حَمّل الشهيد الرئيس روحية الجهاد في كل مراحل حياته التي استقاها من الثقافة القرآنية وتعلمها على يد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- فلم يخضع أو يتوانى أو يَهنّ ، ولم يتراجع بل كلما إزدادت الصعوبات والتهديدات إزداد صموداً وصبراً وقوةً حتى حينما وصل به إلى تحمل مسؤولية البلاد في ظروف قاسية وإستثنائية وحرجة ، لقد حمل المسؤولية بكل تحدي ورحابة صدّر ، فكان رجل المرحلة الجدير في كُل المواقف والظروف الصعبة، وكان الحصن الحصين والدّرع الواقي للبلاد ، فجّل هَمهِ الدفاع عن الوطن ، ولهذا كان يَعدّ العدّة ويجهز الرجال بنفسه ، فأخر أعماله كانت التحشيد لمعركة الساحل ، ذهب بنفسه للحديدة وحشد لمسيرة البنادق لمواجهة العدوان والردّ على المبعوث الأممي بأنّا لنّ نَقبل أي مفاوضات نفاقية خداعة ، فالرد سيكون من بنادقنا ، ارعبتهم كلماته وأفعاله وزلزلتهم؛ لذلك اغتالوه في الحديدة وصبوا عليه نار حقدهم بثلاث غارات جوية .
سيكتب التاريخ بأن الصماد كان أول رئيس في الوطن العربي يخدم مجتمعه من غير مقابل ولاعرض دنيوي فقد أهتم ببناء المجتمع والدولة ، وقدم مشروعه العظيم (يد تحمي ويد تبني) ، فلن ينسى التاريخ بأن يخلد مشروعه العظيم الذي كان كخارطة للطريق نحو عمل مؤسسي متكامل من بناء وتحرك جهادي لمقارعة العدوان الغاشم والحصار الخانق، هذا المشروع عَمّده بدمائهِ الطاهرة الزكية ، فعهداً علينا أن نكون أوفياء له وأن نستكمل مشروعه العظيم فهذا طريقاً اخترناه ولن نحيد عنه مهما كان حجم التحديات، كان الصماد إماماً جامعاً لكل خصال الخير، هادياً مهدياً مقبل على الله وحده، شاكراً لنعم ربه يُقتدى بهِ في كل شيء كما كان خليل الرحمٰن إبراهيم -عليه السلام- أمة قانتاً لله ، فهو أول رئيس في العالم يخطب خطبة بليغة للجمعة ويؤم المصلين ويعلم الناس الدين ، وأول رئيس لا يورث لأهله قصور، ولامباني، ولا أرصدة في البنوك، إنما ورثهم عقيدةٌ راسخة وخطاً يسيرون عليه للجنة ، فلا يسعني إلا أن أقول إنه كان أمةٌ في رجل واحد ، لقد كان أمة في إيمانه ودعوته إلى الله، واستشعارة للمسؤولية، وجهاده من أجل رفع راية الحق ومقارعة الباطل وحزبة ، كان اخلاصه لله وحدة ولأمته ، أحبّ شعبهُ فأحبوه واعتزوا به وافتخروا بأن رئيسهم وقائدهم أول رئيس يقدم نفسه ويضحى بها كقربان من أجل الله ودفاعاً عن المسضعفين وعن سيادة الوطن فهنيئاً لشعب كان رئيسها شهيداً ، وشعبها شهيد أو مازال في قائمة الانتظار.
إن خبر استشهاده كان فاجعة وخسارة عظيمة للبلاد، ولكن عزائنا بأنه إرتقى شهيداً حياً يرزق عند مليك مقتدر، نعاهد الشهيد الرئيس الصمّاد بأن دماءة الطاهرة لنّ تَمّر دونّ ردّ مزلزل ومرعب، وبأنهم لنّ يذوقوا بعد اليوم لاطعم الأمن ولا الأمان ، فلن نتهاون أو نتراجع أو نخضع أو نضعف بل سنكون أقوياء أشداء على الأعداء كما كان الصمّاد أمة كاملة في الصبر والصمود والجهاد، ولن يجدونا إلا حيث يكرهون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: وفاء الكبسي
https://youtu.be/GAC7JeRbh9c