وختام حياتهم الشهادة ونعم الختام

1374

المشهد اليمني الأول/

حين رحل العظماء السابقين أولئك الرجال الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه تركوا لنا ملاحمهم البطولية التي سطروها آنذاك وخلدوها لنا تاريخهم لنستلهمها من بعد عهد الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وعهد الإمام علي عليه السلام إلى عهدنا هذا وقصصهم الخالدة التي تركت لنا أثراً عظيماً لتكرر الأحداث التي وقعت في زمانهم…

ومن بين قصص أولياء الله التي أخذنا العظة والعبرة هي قصة الصحابي “عمار بن ياسر” رضوان الله عليه الذي كان صاحب رسول الله والإمام علي عليه السلام ، فنذر حياته كلها في سبيل الله فقد كان نجماً لامعاً في معركتي الجمل وصفين والغزوات التي شاركها مع رسول الله ، فكان من الذين تسلموا زمام الحكم في الكوفة في خلافة الإمام علي فكان أحكمهم وخيرهم ، مإن جاءت معركة صفين حتى صار فيها بطلاً وقضى نحبه ، وكان يقول لصاحبه “جندب الأزدي” رضوان الله عليه حينما كانت روحه تريد عناق السماء : إنهم من قال لي عنهم رسول الله : ((أبشرك يا عمار تقتلك الفئة الباغية)) ثم قال لجندب : إن الموت بالنسبة لي حلواً ومراً ، فهو مرٌ لأنني أفارق به علياً ، وحلوٌ لأنني سألاقي به حبيبي محمداً ، وثم فارقت روح عمار جسده معانقة للسماء وتارك لنا قصته العظيمة التي سطرها من التضحيات والكفاح لمواجهة أعداء الله و الرسول و الإمام علي…

وثاني قصص المجاهدين العظماء قصة الصحابي “مالك الأشتر النخعي” رضوان الله عليه الذي كان أعز أصحاب الإمام علي وحميماً له والذي قال الإمام علي عنه : ((منزلة مالك مني بمنزلة علي من رسول الله)) فكان شجاعاً مغواراً كراراً في معركتي الجمل وصفين حيث كان قائد المعركتين حيث كان ينتصر على جيش معاوية الضعيف والوضيع ، وحين عَهَد الإمام علي لمالك الأشتر ليكون والياً لمصر شعر بأن هناك أمراً عظيماً سيحدث له وكان يقول لزوجته وإبنه إبراهيم الأشتر : ((حياة جنود الحق محفوفة طريقها بكمائن الموت ، وسأرحل قريباً إلى مصر إلى الموت)) وفي اليوم الثاني تحقق ماتمناه حيث إستشهد في غلزوم في مصر وترك المنصب الدنيوي وإختار المنصب الأبدي التي نالها…

وزماننا اليوم يخلد عظماء من جديد قد إستأثروا بحياة أولياء الله السابقين وجسدوا حياة الحسين وعمار والأشتر والكرار والثقفي وحمزة وكل من جعلوا نهج القرآن وثقافة الجهاد والإستشهاد سبيلهم الوحيد في السير على هذا الدرب العظيم ، وأولى حديث أولياء الله في زماننا الشهيد “عباس الموسوي” رضوان الله عليه الذي كان شجاعاً وفارس مغوار في مواجهة العدو الصهيوني ، حيث إستشهد هو وزوجته وولده عام 1992م حيث أثمرت دمائه الطاهرة النصر والغلبة على العدو الإسرائيلي وبقيادة السيد “حسن نصر الله” حفظه الله تطهرت لبنان من رجس العدو الصهيوني وأصبح أميناً عاماً لحزب الله من بعد الشهيد الموسوي…

وفي اليمن هناك رجل جسد حياة الإمام الحسين وجسد كربلاء بكل ماوقع بها من واقعة ليس لوقعتها كاذبة ألا وهو الشهيد القائد السيد “حسين بدر الدين الحوثي” رضوان الله عليه الذي بنى بثقافة القرآن أمة تعشق الجهاد والإستشهاد ، حيث أطلق شرارة المسيرة القرآنية من قلب عاصمة الثقافة القرآنية “صعدة” حيث تكالب عليه فرعون العصر المقبور عفاش وأسياده الأمريكان وأصبحت مران كربلاء العصر وشهيدها حسين العصر ثم أثمرت دمائه الزكية النقية النضال والجهاد وبقيادة السيد القائد “عبد الملك بدر الدين الحوثي” سلام الله عليه الذي يتولى قيادة المسيرة القرآنية العظيمة والآن تجتمع العالم لقتاله فهزمهم برجاله…

واليوم رحل عنا رجل كان مضرب المثل في الشجاعة والأخلاق القرآنية التي تغذى عليها منذ صغره ، ولم يكن يترك مكان في ميادين الجهاد إلا وقد زارها ويطمئن على حال المجاهدين في الجبهات ، إنه الرئيس الشهيد “صالح علي الصماد” الذي ترك الحياة الفانية والمناصب الدنيوية ورحل إلى الحياة الأبدية ونال المنصب الأبدي ، فتوجه الله بتاج الشهادة ففاز بها ، وإصطفاه الله بجوار أوليائه وأنبيائه ، وكانت آخر كلمة قالها حين تمنى أن يستشهد وقال : ((صالح الصماد لو يستشهد غدر آخر الشهر مامعه جهاله وين يرقدوا إلا يرجعوا مسقط رأسهم وهذه نعمة كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى)) كم قشعرت أبداننا في كلمته الأخيرة وكأنه يتنبأ بأن إستشهاده قريب ، وثم تحقق ماتمناه وفاز بوسام الشهادة الأبدية…

هكذا هي حياة أولياء الله ترصدهم كمائن الموت ، فكانت دمائهم سبباً في الظفر والنضال والإنتصار على الأعداء ، وقال الإمام الخميني رضوان الله عليه في حديثه عن الشهداء : ((لن تحصدوا النصر حتى تفقدوا من تحبون)) فالشهادة كزليخة لاتختار إلا ذو الجمال اليوسفي ، فإن فارقونا أحييوا مجدنا وصمودنا وعزتنا وكرامتنا ، فختام حياة أولياء الله هي الشهادة ونعم الخاتمة المرضية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: زينب إبراهيم الديلمي

https://youtu.be/OmCFI8aeaKg

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا