المشهد اليمني الأول/
“قادمون في العام الرابع بمنظوماتنا الصاروخية التي تخترق كل وسائل الحماية للعدو وبطائراتنا المسيرة التي تصل إلى مدى بعيد وبتفعيل غير مسبوق لمؤسساتنا العسكرية”.
بهذه الكلمات عظيمة الدلالة والانجاز، افتتح السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة الشعبية، العام الرابع من المواجهة مع العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، يدرك ذلك المطلعون على الوضع اليمني والمراقبون العسكريون.
مفاعيل ما جاء في خطاب السيد عبدالملك عشية الذكرى الثالثة للعدوان في رسم ملامح العام الرابع جرت على الأرض وفي أهم جبهة راهن عليها العدوان طوال عامين، فاستعاد الجيش واللجان بعمليات عسكرية خاطفة، وذات تكنيك عال فاجئ معسكر الخصم، ما سيطر عليه مرتزقة العدوان خلال عام كامل في مديرية نهم.
وافتتح العام الرابع بعاصفة من الباليستيات ضربت مطار الرياض ومطارات سعودية في توقيت ذو دلالة سياسية وعسكرية يتصل ببدء ما سمي عاصفة الحزم وقصف مطار صنعاء.
لا يختلف المراقبون العسكريون في أن ثمة إنجاز يمني قد تحقق في الأعوام السابقة وأسس للسقف العالي الذي ظهر في خطاب قائد الثورة عشية الذكرى الثالثة للعدوان 25 مارس2018م، وتهديد رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد أمس الأول بعام باليستي يطال مفاصل الاقتصاد والمواقع العسكرية لدول العدوان، وأن من ظلوا يعزفون على مقطوعة تراجع قوة أنصار الله وانكفاء الجيش واللجان الشعبية لم يكونوا سوى حمقى وقصيري النظر إلى حد كبير.
في يناير الماضي كتب رئيس تحرير صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق قائلا “اشتركت في المسيرة موبايل مؤخرا ولم أجد سوى الرسائل التي تصلني عن صد زحف وكسر آخر في منطقة أخرى …. الحوثيون يتراجعون وفي السنة المقبلة لن يكونوا موجودين”.
لم يكن الرجل مخطئا في رصده لسير العمليات العسكرية خلال العام الثالث، لكن جهله كان فاضحا، ففي خطابه عشية الذكرى الثانية للعدوان رسم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ملامح المواجهة بالصمود والصبر والثبات على مستوى الجبهات وفي الجبهة الداخلية، “وأقول لا تبتئس يا شعبنا مهما كان حجم المعاناة، توكل على الله وواصل، قادمون في العام الثالث، بعون الله، بانتصار وثبات وتضحيات ومواقف مشرفة ترضي الله عنا، وترضي رسوله عنا”.
وإلى جانب الصمود الميداني في الجبهات كان للقوة الصاروخية اليمنية محطات فارقة خلال العام الثالث تجلت في ظهور أجيال جديدة من الصواريخ اليمنية، وقصف مطار الرياض لأول مرة منذ عام 90م، وكان التطور الأبرز بقصف قصر اليمامة في وضح النهار في الـ19 من ديسمبر 2017م، سبقه قصف هدفين أحدهما مفاعل براكة النووي في أبوظبي بصاروخ كروز يمني، وجميعها أجيال صاروخية جديدة جرى تجريبها تحت ظروف الحرب والقتال، بالإضافة إلى ظهور أجيال من الطائرات المسيَّرة راصدة وهجومية.
ومع أفول العام الثالث للعدوان مطلع العام 2018م جرى تنفيذ عمليات نوعية اشتركت فيها طائرات مسيرة هجومية وصواريخ باليستية، حيث رصدت الطائرات المسيرة الأهداف وعاينتها عن قرب، وفتحت الثغرة للصواريخ الباليستية لتدك أهدافها بكل سهولة واطمئنان في المخا ومأرب.
العام الثالث شهد ما يمكن وصفها بالهدايا غير المتوقعة من طرف العدوان، أغلاها ثمنا كان دفع الامارات بورقتها الأخيرة للسيطرة على العاصمة صنعاء على طريقة الصدمة الأمريكية كما حصل في بغداد عشية احتلالها في العام 2003م، لكنها أسقطت وقتل زعيم الخيانة في الـ4 من ديسمبر وانهارت صفوف الطابور الخامس، وظلت طائرات قوات الكوماندوز الإماراتية جاثمة في قواعدها لعدم تأمين مطار صنعاء للإنزال المظلي ضمن خطة للإطباق على العاصمة من الجنوب والشمال.
لقد أسس انكشاف وسقوط ورقة الخائن عفاش لتكوين أرضية صلبة، والانطلاق نحو تفعيل المؤسسة العسكرية، وحشد كامل الطاقات في اتجاه الحسم مع العدوان في الجبهات، وبعد انتصارات نهم، بالأمس جبهة صرواح تتزاحم بالانتصارات وتتالى الأنباء من هناك عن انهيارات متسارعة لجبهة المرتزقة وسيطرة الجيش واللجان على جبال وتباب استراتيجية، وصولا إلى فرض سطوة نارية على معسكر كوفل، بعد السيطرة على جبال أتياس الاستراتيجية، واقترابهم من مدينة مأرب من الجهة الجنوبية الشرقية.
ثمة تحوّل واقع في مسار المعركة لصالح الجيش واللجان، وليست الصواريخ الباليستية إلا طليعة ذلك الإنجاز ورأس الحربة المتقدمة في مسار المواجهة الجديد مع قوى العدوان، تحوّلٌ بات محل بحث الدوائر الغربية ومحور زيارات ولي العهد السعودي واتصالات محمد بن زايد مع الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن قائدة العدوان الفعلية وبريطانيا وفرنسا..
الأيام المقبلة كفيلة بتأكيد ما إذا كان اليمنيون قد ولجوا موسم الحصاد وقطاف رؤوس العدوان ومفاصل قوته وبقائه في اليمن والمنطقة، بعد ثلاثة أعوام غرست فيها قيادة الثورة الشعبية سنابل الصمود، وأرست وعيا وعملا مداميك الانتصار.
عشرون ضربة بالستية لأهداف اقتصادية وعسكرية في السعودية ولايزال العام الرابع في أوله، وعشرات الدفع العسكرية تتهيأ للانضمام إلى جبهات القتال.
وهناك مفاجآت لم يعلن عنها في معركة النفس الطويل وضمن الخيارات الاستراتيجية المعلنة منذ اليوم الأول للمعركة.
*إبراهيم الوادعي – المسيرة نت