المشهد اليمني الأول/

تشهد الساحة الليبية تنافساً محموماً بين فرنسا وإيطاليا حول من سيمسك بزمام الأمور في هذا البلد الذي مزقته الفوضى منذ غزو «ناتو» عام 2011, التناحر الفرنسي – الايطالي على النفوذ هناك لم يعد مجرد تكهنات بل حقيقة يؤكدها تصاعد حدة التصريحات والإجراءات الكيدية بين البلدين, وخاصة بعد قرار النيجر البلد المجاور لليبيا في المنطقة الجنوبية، إحباط الانتشار الإيطالي من خلال إبعاد أربعين عسكريّاً إيطاليّاً عن أراضيه مقابل الإبقاء على الجنود الفرنسيين وزيادة أعدادهم في الجنوب الليبي.

قرار النيجر أثار موجة استياء كبيرة في إيطاليا التي اتهمت حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسعي إلى محاصرة المصالح الإيطالية في شمال إفريقيا وخاصة في ليبيا حيث اعتادت فرنسا على خطف أي فرصة من روما للإمساك بزمام المبادرة هناك.

ناهيك عن تزامن قرار النيجر الذي تدور حوله العديد من التكهنات مع قرار تونس منع الإيطاليين من الانتشار على أراضيها وعدم الانضمام إلى قيادة عسكرية مشتركة مع حلف «ناتو»، ما اعتبرته روما قراراً جاء أيضاً بتحريض من فرنسا.

رغم حالة الحنق التي تعيشها إيطاليا إلا أنها كما يبدو تتفهم جيداً محاولات فرنسا لصرف القبلة السياسية عنها.
حالة التربص بين روما وباريس كانت واضحة تماماً منذ البداية، وما ينذر اليوم بالتصعيد, هو أن كلا البلدين يريد بسط هيمنته على ليبيا بوصفها «مستعمرة له يحقّ له فيها ما لا يحق لغيره».

وعليه, فإن الخلافات الفرنسية – الإيطالية على ليبيا ليست سوى واحدة من الصراعات الأوروبية للاستفادة من ليبيا وثرواتها وموقعها الاستراتيجي الذي يجعلها دائماً عرضة للصراع بين الدول الاستعمارية الكبرى لكونها بوابة إفريقيا بلا منازع، والطريق الأقرب من سواحل البحر المتوسط إلى أعماق القارة البكر.

*صفاء إسماعيل

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا