المشهد اليمني الأول/
تسبب إغلاق مطار الريان الدولي في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، شرقي جنوب اليمن، من قبل القوات الإماراتية المشاركة ضمن «التحالف» الذي تقوده السعودية، منذُ «تحرير مدن الساحل الحضرمي» من قبضة تنظيم «القاعدة» في أبريل العام 2016، بحجة تنفيذ مشروع صيانة المطار، في تأثيرات خطيرة وكبيرة على المواطنين، وفاقم من معاناة المرضى وكبار السن المسافرين من سكان المحافظة والمحافظات المجاورة، إذ بات المريض يضطر بدلاً من الإقلاع عبر مطار الريان، إلى السفر براً وقطع أكثر من 360 كيلومتر للوصول إلى مدينة سيئون، لحجز تذكرة ومقعد في طائرة الشركة اليمنية، للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، فيما يصل بعض المرضى إلى المطار جثثاً هامدة نظراً لبعد مسافة الطريق.
ويمثل مطار الريان الدولي، أفضل المطارات اليمنية بعد مطار صنعاء وعدن من حيث التجهيزات، ويعتبر ذا أهمية كبيرة لسكان محافظات شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، ولإقتصاد محافظة حضرموت، ويفاقم إستمرار إغلاقه من قبل القوات الإماراتية من معاناة الناس والمرضى ويضرب الحركة التجارية.
وتحتوي منشآت المطار على ثلاجات كبيرة لحفظ الأسماك، وقد كان التجار الحضارم يستخدمون المطار قبل اندلاع الحرب في اليمن، لتصدير بعض صادرات محافظة حضرموت، مثل الأسماك، إلى الدول العربية وحتى الأوروبية، ضمن عقود تجارية.
إلحاق الأذى بالمرضى
وقال رئيس «المجلس الأعلى للحراك الثوري» فؤاد راشد، المنتخب حديثاً، إن «إغلاق المطار لأكثر من عامين، لا معنى له، ولا أسباب موضوعية تدعو لذلك، سوى إلحاق الأذى بالمرضى والعجزة من أهالي مدينة المكلا والمدن المجاورة»، الذين يضطرون للسفر براً إلى سيئون ومدينة عدن، للانتقال إلى الخارج، ومعظمهم ممن يعانون أمراضاً خطرة، موضحاً أن «استمرار إغلاق المطار من دون أي مبررات، يتسبب في قتل الحياة التي يجب أن تتطبع بعد التحرير في المناطق المحررة وتنتعش في كافة مجالاتها الحيوية».
وكشف راشد، عن جاهزية مطار الريان الدولي عملياً وفنياً لإستقبال الرحلات الجوية، بحسب شهادات عاملين، وأن تعليق عمله «جاء قرار عسكري من قوات التحالف، ممثلة بالقوات الإماراتية».
ونوه رئيس «المجلس الأعلى للحراك الثوري»، إلى أن «ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وعد الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس حكومته أحمد بن دغر، خلال زيارتهم دولة الإمارات، في الفترة الماضية، بالإسراع في تأهيل مطاري عدن والريان وتشغيلهما، إلا أن مطار عدن عاد للعمل، وبقي مطار الريان كثكنة عسكرية بقبضة العسكريين الذي يبدو أنهم بعيدين عن معاناة الناس».
كما دعا راشد، قوات «التحالف» التي تتخذ من مطار الريان الدولي مقراً عسكرياً لها، إلى «تشغيل المطار والانتقال إلى منطقة الضبة النفطية شرق مدينة المكلا، والمساحات الجبلية المواجهة لها، لإقامة معسكراتهم هناك».
دواعي إنسانية بحته
وقال الصحافي صلاح بوعابس، إن إعادة الحياة لنشاط الطيران المدني من مطار الريان الدولي أصبح ضرورة لدواعي إنسانية بحته. وأضاف في منشور على صفحته في «فيس بوك»، خلال رحلته إلى تونس: «قدرت عالياً المناشدات والنداءات التي يطلقها مراراً وتكراراً الناشطون في مواقع التواصل الإجتماعي من أجل فتح مطار الريان، لذلك كنت شاهداً لمأساة عشرات الأسر الكريمة ممن يتجرعون مرارات التعب والعناء لاصطحاب مرضاهم من مختلف الأعمار والمناطق، بطائرة العيانيين من مطار سيئون إلى القاهرة، ولا يخفف هذه المعاناة، إلا التعامل الراقي والمذهب لموظفي وعمال طواقم اليمنية والجوازات ورجال الأمن والخدمات الأرضية في مطار سيئون».
وأوضح أن «المسافرين يعانون من مشقة، ويتكبدون أسفاراً، كما أنهم لا يخفون تكدرهم ويتسألون بحرقة: «يرضي من هذه المعاناة؟ فهل سيعاد النظر في مسألة إغلاق مطار الريان في وجه الملاحة الجوية الدولية؟».
مناشدات لفتح المطار
كوادر وعمال وموظفو مطار الريان لم يستسلموا لواقع الحال المفروض، فبعثوا بمناشدات عدة في وقت سابق إلى قيادة «التحالف»، تطالب بافتتاح مطار الريان الدولي أمام حركة الملاحة الجوية، كونه يعد شريان الحياة للمحافظة، الذي يربطها بمدن العالم الأخرى، والذي توقف منذ سقوط مدينة المكلا ومعظم مناطق ساحل حضرموت بأيدي الجماعات المتطرفة.
المطالبة بعودة الكادر الوظيفي المسؤول عن تشغيل المطار، إلى مزاولة عمله في تسيير شؤون الحركة في المطار، أهم ما جاء في المناشدة، مع توفير سبل التأهيل والتدريب اللازمين له من أجل الارتقاء بالعمل في كافة مرافق المطار بصورة فعّالة، إضافة إلى تعويض الموظفين عن مستحقاتهم التي انقطعت منذ إغلاق المطار من قبل المنظمة الدولية «الإيكاو»، على إثر سيطرة تنظيم «القاعدة»، وعدم تشغيله منذ ذلك الحين، مؤكدين أن الكادر الوظيفي في مطار الريان، على أهبة الاستعداد ليضطلع بمهامه في إدارة المطار، وليكون جزءاً لا يتجزأ من المنظومة التشغيلية للمطار في حال افتتاحه.
فتح المطار مقابل التأجير
ويرى مراقبون أن القوات الإماراتية المهيمنة على محافظة حضرموت، لن تفتح مطار الريان الدولي إلا بشرط، يتمثل بعقد إتفاق تأجير المطار لصالح أبوظبي مع السلطات المحلية في المحافظة، وأن تلك الوعود المتكررة التي تطلقها الأطراف الحاكمة عن فتح المطار، هي مجرد تخدير للغضب الشعبي الرافض لإستمرار إغلاق المطار.
ورجح المراقبون، أن تمارس القوات الإماراتية، التي تتخذ من مطار الريان مقراً وقاعدة عسكرية لها إلى جانب وجود لقوات أمريكية برية هناك، ضغوطاً قوية على السلطات الحاكمة في المحافظة، بهدف توقيع عقد تأجير المطار لصالح شركة «الاتحاد للطيران الإماراتي» التابعة للخطوط الجوية الإماراتية.
وأكد المراقبون أن القبول بتوقيع عقد تأجير مطار الريان، سيضعه الإماراتيون شرطاً لإعادة تفعيل خطوط الملاحة والرحلات الجوية، التي ستكون خاضعة للتحكم والسيطرة الإماراتية المباشرة.
(أحمد باعباد – العربي)