المشهد اليمني الأول/
لم ينتظر المتآمرون داخل المنظومة الرسمية العربية حتى تجفّ دماء شهداء “مسيرة العودة الكبرى” عند تخوم قطاع غزة المتعالية دوماً على جراحاتها، وهُم استكثروا على هذه الكوكبة أن تُؤبّن يوم الجمعة القادم، فراحوا يُفرّطون في أرض الأنبياء (ع) وكأنها عطيّة يجوز وهُبها على غرار مليارات الدولارات التي منحتها “الرياض” من قَبل لحاكم البيت الأبيض، إكرامية لابنته الشقراء.
إكرامية الملك السعودي تلك، زاد عليها ولي العهد “محمد بن سلمان” -وهذه المرة- الثمن هو التخلي عن فلسطين التاريخية، وتسميتها “وطنًا” لمستوطنين أغراب دعاهم الأمير المراهق بـ”شعب إسرائيل”!.
أصحاب الأرض استهجنوا ما ذهب إليه ملك آل سعود القادم لجهة مغازلة الكيان الغاصب، وعدم التردّد في التأكيد على المصالح المشتركة بينهما، وشيطنة محور المقاومة المناهض للمشروع التوسعي الاستعماري الذي تنخرط فيه غالبية العواصم الخليجية.
بدورها، رأت حركة “الجهاد الإسلامي” في مواقف ابن سلمان مؤشرًا على الانحدار غير المسبوق الذي تعيشه المنظومة الرسمية العربية، ودليلًا على جهل الأمير السعودي الواضح بجوهر الصراع الممتد منذ سبعة عقود.
وشدد مسؤول المكتب الإعلامي للحركة داوود شهاب على أن حق الفلسطينيين في أرضهم، ومقدساتهم، هو حق مطلق ولا يقبل التجزئة أو المساومة.
وأضاف إن “أية محاولة لدمج الكيان الغاصب في المنطقة، والعمل على جعل وجوده طبيعيًا يجب أن يكونا محل رفض لأنهما يتعارضان مع الأمة ومصالحها”.
وتساءل القيادي في “الجهاد” عن “أية مصالح مع “إسرائيل” يتحدث ابن سلمان؟!”، وتابع “واضح أنها ليست أكثر من غايات شخصية بهدف تثبيت موقعه، وتأمين وصوله إلى العرش الملكي دون اكتراث بالويلات التي سيجرها على المنطقة”.
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية جميل مزهر فرأى أن هذه التصريحات العدائية تكشف الدور الوظيفي الجديد لابن سلمان كعرّاب لـ”صفقة القرن”، التي تسعى الإدارة الأمريكية لتمريرها في المنطقة بهدف طمس ثوابت الشعب الفلسطيني.
ونبّه مزهر إلى أن ما صدر عن ولي العهد السعودي يتعارض مع مواقف الجماهير العربية الحرة التي ترفض الاعتراف بشرعية الكيان الغاصب وبكل مظاهر التطبيع معه.
ومن جانبه قال القيادي في حماس موسى أبو مرزوق، “واهم من يعتقد أنه يكسب الأميركيين والصهاينة الغاصبين بعبارات ملتبسة او بتنازلات يحسبونها هينه، إبتغاء مرضاتهم وكسبهم او تحييدهم هم واهمون”.
وقال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم عبر تويتر إن الحركة لن تلتفت إلى كل محاولات إشغالها بعيداً عن الهدف الإستراتيجي للعمل الوطني ولن تنجر إلى سجالات إعلامية تهدف إلى إضعاف حالة التحدي الكبرى التي يخوضها الشعب الفلسطيني لإنتزاع حقوقه وسيبقى الهم الأكبر مقاومة العدو وإفشال مخططاته والإنشغال بما يوحد الشعب الفلسطيني ويحقق مصالحه.
من جهتها، إستنكرت “حركة الصابرين” الفلسطينية تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأخيرة، واصفة إياها بــ “الغريبة والمُدانة بكافّة المقاييس الإنسانية والوطنية”.
الحركة رأت أن تصريحات بن سلمان “اعتراف واضح بأن أرض فلسطين التاريخية حق للمحتلّين”، مضيفة أنها “دعوة صريحة وعلنية لإقامة علاقات تطبيعية كاملة مع إسرائيل”.
الحركة اعتبرت أن ما قاله بن سلمان يُعدًّ بمثابة “اعتداء من قبل السعودية على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيّته العادلة”، معبّرةً عن رفضها وصف المسؤول السعودي حركات المقاومة بالإرهاب وتصنيفه إياها كخطر على المنطقة.
وكان ابن سلمان قد صرّح في حديث مع مجلّة “ذي أتلانتيك” الأميركية قائلاً إن بلاده لديها الكثير من المصالح المشتركة مع إسرائيل، وإن الشعب اليهودي له الحق في إقامة دولة مجاورة للدولة الفلسطينية.