المشهد اليمني الأول/

ارتكبت طائرات التحالف السعودي يوم الاثنين الماضي مجزرة تقشعر لها الابدان في مخيم للنازحين في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الاحمر في اليمن ذهب ضحيتها 29 شهيدا وعشرات الجرحى اغلبهم من الاطفال والنساء.

الجريمة البشعة ارتُكبت باصرار واضح ، حيث شنت الطائرات غارتين متتاليتين على موقع مكشوف يضم الاف النازحين المدنيين الذين هربوا من مدنهم وقراهم التي استهدفتها طائرات التحالف السعودي اكثر من مرة.

توقيت الغارتين من قبل السعودية جاء بالتزامن مع دخول الحرب على اليمن عامها الرابع ، الامر الذي يؤكد اصرار وتعنت الجهات التي تقف وراء الحرب على مواصلتها رغم كوارثها الانسانية البشعة ، ما دامت هذه الجهات تتلقى الضوء الاخضر من الغرب بمواصلتها ، لا من اجل سواد عيونها ، بل لاستنزاف كل عناصر القوة في المنطقة ، وحلب ما تبقى في خزائن الدول الثرية التي تشن الحرب على الشعب اليمني الاعزل.

الكارثة التي يعيشها الشعب اليمني ، هي اسوء كارثة انسانية يشهدها العالم باعتراف الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، الا انها لم تحرك شعرة واحدة في الجسد الجشع والمخمور للغرب وعلى راسه امريكا ، حيث مازال هذا الغرب يعقد الاجتماعات والمؤتمرات منذ اكثر من ثلاث سنوات لجمع التبرعات للشعب اليمني ، بينما يقف صامتا كصمت المقابر امام السبب الحقيقي وراء مأساة اليمنيين وهو الحرب.

يوم امس الثلاثاء وامام مؤتمر الدول المانحة لليمن في جنيف حذر الامين العام للامم المتحدة غوتيريش من الكارثة الانسانية التي ستلحق بالشعب اليمني في حال استمرت الحرب عليه ، ودعا الى إيجاد تسوية سياسية ووقف الحرب على اليمن ، والاسراع بفتح الموانئ والمطارات اليمنية لإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين.

مصادر الامم المتحدة كشفت ان أكثر من 22 مليون شخص اي ما يعادل ثلاثة أرباع سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الفورية فيما تظهر جميع المؤشرات أن الأوضاع ستتدهور بشكل كبير بنهاية العام الحالي.

ذات المصادر اكدت ، ان 17.8 مليون شخص في اليمن يعاني من انعدام الأمن الغذائي (الجوع)، ويصاب ثلاثة ملايين بسوء التغذية الحاد من بينهم نحو مليوني طفل ممن قد يلقون حتفهم إذا لم تصلهم المساعدات الضرورية.

المضحك المبكي في موقف الغرب من المأساة اليمنية ، هو اشادة هذا الغرب ب”المساهمة” السعودية والإماراتية البالغة مليار دولار، لدعم العمليات “الانسانية” في اليمن ، فيما انهما تقودان العدوان على الشعب اليمني منذ اكثر من ثلاثة اعوام ، وهما السبب وراء كل ما حل باليمن من ويلات.

حال الغرب المنافق من الحرب على اليمن يثير السخرية ، فهو يجتمع بين وقت واخر لجمع المساعدات “الانسانية” للشعب اليمني ، والتي تاتي عادة من الدول الثرية التي تشن الحرب على اليمن ، بينما لم تصل هذه المساعدات “الانسانية” الغربية والخليجية ، الى المنكوبين الحقيقيين بهذه الحرب ، فالدول التي تشن العدوان على اليمنيين تفرض حصارا خانقا على الشعب اليمني من البر والبحر والجو ، فهي لا تسمح بايصال هذه المساعدات الى المناطق التي هي خارج نطاق سيطرة مرتزقة العدوان.

لو كان ما تتمخض عنه بيانات الاجتماعات والمؤتمرات “الانسانية” التي تعقد من اجل الشعب اليمني صحيحا لما حذرت الأمم المتحدة واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، من كارثة إنسانية غير مسبوقة في اليمن، نتيجة الحصار الذي يفرضه التحالف العسكري بقيادة السعودية.

قبل ايام فقط حذر بيان صادرعن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي من أن “آلاف الضحايا الأبرياء وبينهم الكثير من الأطفال سيموتون” إذا لم تصلهم مساعدة إنسانية.

وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم ومدير اليونيسف أنطوني لايك والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي “معا نوجه نداء جديدا إلى التحالف للسماح بإدخال لوازم الإسعافات الأولية إلى اليمن لمواجهة ما أصبح اليوم أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، مشددين على أن “اللوازم التي تتضمن أدوية ولقاحات ومواد غذائية، ضرورية لمواجهة الأمراض والمجاعة”.

وتابعت الوكالات الثلاث أن “أكثر من 20 مليون شخص من بينهم أكثر من 10 مليون طفل بحاجة ماسة إلى مساعدة إنسانية”، مشيرة إلى أن خطر “سوء التغذية الحاد والشديد” يهدد بوفاة “نحو 400 ألف طفل”.

ولفتت الانتباه إلى “تداعيات الحصار الإنسانية” بعد تشخيص 120 حالة خناق وتسجيل “14 حالة وفاة معظمها من الأطفال في الأسابيع الأخيرة” فيما اللقاحات والأدوية عالقة على حدود اليمن”.

هذه الارقام المرعبة تؤكد ضرورة ان يوقف العالم العلة التي تسببت بكل هذه الكوارث ، وهي الحرب ، والكف عن الدوران حول هذه الحقيقة التي باتت تؤرق الضمير الانساني.

افضل وصف للحرب العدوانية التي تشن على الشعب اليمني منذ اكثر من ثلاث اعوام ، هو وصف الامين العام للامم المتحدة انطونيوس غوتيريش ، عندما قال ان الحرب على اليمن هو حرب “غبية” ، وهو وصف يمتد بالضرورة على من تسبب بها ويصر على مواصلتها.

*شفقنا

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا