المشهد اليمني الأول/
أشعلت جريمة اغتصاب جندي سوداني في ضواحي مدينة الخوخة امرأة تهامية في الـ 26 من عمرها، ثورة غضب وغيرة في أوساط مختلف أبناء اليمن، في شماله وجنوبه، تجاوزت حدود الخلافات بين جميع الأطراف المتصارعة، وجمع العرف اليمني الجميع تحت شعار «النار ولا العار».
موجة سخط واستياء شعبية لا حدود لها أثارتها جريمة اغتصاب الجندي السوداني، من منتسبي الكتيبة السودانية المرابطة في معسكر «أبو موسى الأشعري» الذي سقط منتصف ديسمبر الماضي بيد القوات الجنوبية الموالية للإمارات. الجريمة صدمت أبناء اليمن كافة، في الداخل والخارج، وتسببت بانقسام في أوساط «المقاومة التهامية» بعد تجاهل «التحالف العربي» للقضية، وعدم القبض على الجاني، وقيام القيادات الإماراتية بالضغط على أسرة الضحية وتهديدها بالسجن والتفاوض معها على دفع مبلغ مالي مقابل الصمت، وتغطية الفضيحة حتى لا تستغل ضد «التحالف».
وفشلت أبوظبي في طمس جريمة الأشعري التي تعرضت لها المرأة المعيلة لثلاثة أطفال. تسجيل صوتي للمرأة المغتصبة من قبل جندي سوداني من جنجويد السودان اللذين ارتكبو الآلاف من جرائم الاغتصاب في دارفور خلال الفترة بين 2002 و 2005، كشف محاولات إماراتية كثيفة لإدانة الضحية وتبرئة المجرم.
ونشر الناشط محمد المسمري، التسجيل الصوتي، وكشف عن قيام ضباط إماراتيين بإجبار المرأة الأمية بالتنازل عن القضية بعد تهديدها وتهديد أسرتها.
تفاصيل الجريمة
ووفق التسجيل الصوتي الذي استغاثت المرأة فيه «بكل يمني حر»، فإن الحادث حصل عندما كانت في إحدى ضواحي معسكر «أبو موسى الأشعري» تجمع الحطب، وفجأة تقدم نحوها جندي سوداني كان يرتدي لباساً مدنياً، قال لها أين طريق السوق فجاوبته بأن الطريق أمامه، وذهبت وواصلت مهمتها في جمع الحطب، وبصورة مفاجئة اختفى الجندي السوداني من الطريق، إلا أنه كان يخطط لجريمته، فبعد ربع ساعة وفق شهادة الضحية، انقض عليها من الخلف وبدأ بمسك عنقها بشدة حتى كاد أن يخنقها، وأثناء محاولتها الصراخ وهي ترتعد من الخوف، وجه الجندي الذي تحول إلى وحش بشري لكمة مؤلمة على وجهها أفقدتها الوعي. ووفق شهادتها، فقد ركلها أيضاً ودفعها بقوة لتسقط على الأرض، ومن ثم مزق ملابسها واغتصبها.
بلكنتها التهامية البريئة تتحدث المجني عليها بحرقة، عن معاملة الإماراتيين لها وزوجها وأسرتها. وتقول في التسجيل الصوتي «اقتادوني الإماراتيون بعد أن قام أبناء المنطقة بالإبلاغ عن الجريمة إلى معسكر أبو موسى الأشعري للتعرف على الجاني الذي عرفته فوراً».
التنازل بالقوة
وبعد التعرف على الجاني من قبل المجني عليها، أدخلوها إلى غرفة التحقيق وكان معها زوجها، إلا أنهم هددوها وأجبروها على التنازل عن القضية. ووفق شهادتها، قالت «قالوا لي سنرحلك للإمارات لتعيشي هناك مقابل أن تسكتي ولا تتكلمي عن الحادثة»، وأضافت «أدخلوني غرفة التحقيق مع زوجي، ولكن بعد دقائق أخرجوا زوجي من غرفة التحقيق، إثرها قام إماراتي بتهديدي بالضرب بعد أن رفضت التوقيع، وقال لي وقعي وإلا المشكلة ستكبر عليك أنت وأهلك».
مصادر محلية أكدت لـ«العربي» أن والد المرأة وأفراد أسرتها تعرضوا للضغوط من قبل قوات إماراتية، وتلقوا مساء الجمعة تهديدات من قبل القوات بالسجن في حال تحدثوا عن الجريمة، مطالبة إياهم بالتكتم عما حدث.
نقمة مرتفعة
مصدر في «لواء تهامة» الذي يقوده العميد حسن دوبلة، أكد لـ«العربي» أن شقيق الفتاة في «المقاومة التهامية» وأن العشرات من أبناء تهامة حملوا أسلحتهم الشخصية وغادروا المعسكر، ووفقاً للمصدر فإن «المعركة اليوم لم تعد معركة الأرض بل معركة العرض».
الجريمة التي هزت كل يمني، لم تتعامل معها القيادات الإماراتية تعاملاً مسؤولاً، وهو ما أثار موجة الاستياء، ودفع الكثير من الناشطين اليمنيين في مختلف المواقع إلى توحيد مطالبهم بالمحاسبة. الناشط التهامي وديع عطا، وهو من أبناء حيس ومؤيد لـ«التحالف»، اعتبر أن الصمت على الجريمة يعد جريمة لا تقل عن الجريمة نفسها، في حين تولى الناشط محمد عبدالله المسمري متابعة القضية.
وتعد الجريمة التي تعرضت لها المرأة الريفية في قرية الأشعري في الخوخة، امتداداً للجرائم والانتهاكات التي ترتكب من قبل القوات الموالية للإمارات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولكن الجريمة الأكبر هي معالجة الإمارات لتلك الجرائم بالترهيب والترغيب.
تأتي هذه الحادثة بعد أن وأدت القوات الإماراتية قضايا اغتصاب تعرضت لها فتيات في الساحل الغربي من جنود موالين لها، إحدى تلك الجرائم الوحشية حدثت لفتاة في مدينة حيس في فبراير الماضي من قبل جندي تابع للإمارات من اللواء الأول عمالقة، بالإضافة إلى قضايا أخرى حدثت في المخا خلال النصف الثاني من العام الماضي.
رشيد الحداد – العربي