المشهد اليمني الأول/

ما يراه وزير خارجية السعودية عادل الجبير، أن كل ما هنالك ليس أكثر من خمسين ألف حوثيا على الناحية المقابلة لمواجهة بلاده مع اليمن، وهؤلاء الخمسين ألف يريدون التحكم بمصير 28 مليون يمني، وعلى فرض صحة تقديرات وزارة خارجية الرياض فستكون تلك فضيحة كارثية للسعودية التي لم تستطع منذ سنوات حل عقدة واحدة من عقد اليمن والحرب عليه.

قبل نحو سنتين أعلن البنتاغون أن الجيش السعودي نمر من ورق، لكن تقديرات الجبير الأخيرة، أو تصريحاته، أو فلتسمى بأي كان، تؤكد حاليا أن قوات النظام السعودي ليست أكثر من مجرد جيش خلبي رمي إلى الجحيم بقرار متهور دفع البلاد لأن تعلق بمأزق لا يتم الخروج منه إلا بإعلان هزيمة ليتضاعف السواد في التاريخ السعودي المتعلق باليمن، فهذه هي المرة الثانية وبعد فترة طويلة من تطوير القدرات والبذخ المترف على التسليح دون جدوى.

الأهم من ذلك أن الرياض لم تكن على قدر المسؤولية التي أوليت لها من دوائر القرار في واشنطن، نحن الآن لا نتحدث عن ترمب المغفل، المنشغل بصراعاته الشخصية والحفاظ على الكرسي الأول في الولايات المتحدة الأميركية، بل عما هو أعمق منه ومن الممكن أن لا يبدي لحظات تسامح مع الرياض أيا كانت الرشوة المدفوعة لهذا الغرض، فالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط استلقت على قاع الحضيض، وهي معرضة أكثر من أي وقت مضى للتمزق وأن تبدو بالحالة الرثة التي لا تنفع معها محاولات الترقيع.

لم تفلح السعودية والإمارات ومعهما تحالف خليجي وخط إمداد أميركي عريض ويمتد مما وراء البحار، عبر سنوات، بتحقيق انتصار على ما تسميه الرياض وأبو ظبي «ميليشيات متمردة» قوامها بحسب الجبير خمسون ألفا من المقاتلين والبيئة الحاضنة ومزاولي السياسة والشؤون الإدارية وإلى ما هنالك، أليست هذه هزيمة منكرة لمن يملك قواتا عسكرية تستحوذ على تسليح متطور ورفيع المستوى من الصناعات العسكرية الغربية إضافة إلى ميزانيات خيالية؟.

تحت ألسنة أقطاب النظام السعودي تخرج زلات هزيمة يمكن أن يسمع صداها في أركان البيت الأبيض والبنتاغون، وهذه هي الفقرة الحرجة من صفحة الحرب على اليمن التي تقترب من طيها بعد الإيعاز للسعودية بالابتعاد لإيجاد طريقة ما للإبقاء على اليمن سبيلا للضغط، ينفع أميركا في الاستحقاقات المقبلة، ولن تكتفي واشنطن بهذا وحسب بل ستحاسب مقصريها الذين لم بفلحوا بعمليات التنفيذ، تغيير النظام السعودي سيكون واحد من اهم عمليات الحساب الأميركي ووضع الفواتير الباهظة موضع التنفيذ.

التأفف العسكري الأميركي الذي أبداه مسؤولو البنتاغون والجيش الأميركي من الأداء السعودي، لا ينقطع إلا للحديث عن ملف آخر أكثر استحقاقا ليعاود الظهور من جديد فيما بعد، وذلك التأفف العسكري صادر عن عقلية سياسية لم تعد تثق بملاصقة السعودية في الشرق الأوسط، ولأجل وضع الفاتورة الأميركية حيز التنفيذ فإن حربا «أهلية» خليجية ستستمر بين كل من السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى، ستترك واشنطن حلفاءها الخليجيين في عراك مفتوح لغاية إجراء تعديلات في أدواتها الخليجية التي غلبها الصدأ.

*إيفين دوبا -عاجل

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا