المشهد اليمني الأول/
«لماذا لا تزال بريطانيا منغمسة في الإقتتال الدائر في اليمن؟». بهذا السؤال، استهل الكاتب البريطاني أليستر سلون، مقاله الأخير في موقع «ميدل إيست مونيتور»، مشيراً إلى أن بلداناً أوروبية مثل النروج وألمانيا والسويد وهولندا، فرضت حظراً على تصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، في حين أحجمت دول أخرى، كانت تعد حتى وقت قريب «حليفاً تاريخياً» للرياض، مثل باكستان، عن تقديم الدعم الأخيرة في حربها على اليمن.
ومن هذا المنطلق، ذهب الكاتب البريطاني إلى تفنيد الأسباب التي تسوقها المملكة العربية السعودية من أجل تبرير حرب اليمن، وبخاصة تلك المتعلقة بدحر النفوذ الإيراني هناك، متسائلاً عن «المدى الحقيقي» لتورط الحكومة الإيرانية في تلك الحرب. وفي هذا السياق، أوضح الكاتب أن «الحوثيين لا يسعون إلى إقامة نظام حكم ديني، كما هو الحال في إيران»، خلافاً لما تدعيه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مؤكداً في الوقت عينه، أن إيران «سوف تكون سعيدة إذا ما إنتصر الحوثيون» على «التحالف»، وفق تعبيره.
كذلك، وفي معرض نفيه لمبررات الرياض المتعلقة بزيادة طهران نفقاتها على التسلح عقب توقيع الاتفاق النووي مع «السداسية الدولية»، ورفع العقوبات المفروضة على طهران بشكل جزئي، لفت سلون إلى أن زيادة الإنفاق الدفاعي من جانب إيران، يعد «منطقياً للغاية»، في ضوء زيادة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، نفقاتهما العسكرية أيضاً لأعوام خلت. وفي حين يصب الساسة، ووسائل الإعلام، ووكالات الاستخبارات الغربية، تركيزهم على إيران، بوصفها «الفزاعة التقليدية» لدول الخليج الأخرى، إلا أن ثمة «اهتمام ضئيل» بشروع المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الأخيرة في بناء ترسانة «هائلة» من الأسلحة، حتى باتت «أكبر مستورد للأسلحة في العالم».
إلى ذلك، إستعرض سلون، أبرز محطات برنامج التسلح السعودي، حيث أعلنت الرياض في صيف العام 2015، عزمها زيادة النفقات العسكرية بنسبة 27 % على مدى الأعوام الخمس المقبلة، مشيراً إلى أن الإنفاق العسكري السعودي، بين عامي 2010 و2014، سجل ارتفاعاً بمقدار أربعة أضعاف قياساً بالفترة الممتدة بين عامي 2005 و2009. وبحسب الكاتب، فإن نمط التسلح السعودي (السريع) الموضح أعلاه، والذي يعود إلى حقبة ما قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني في العام 2015، قد بدأ تحديداً في العام 2010، وهو العام الذي شهد تشديد العقوبات على إيران، ما يبدد مبررات الرياض لشن الحرب في اليمن، ويجعل ما تروجه الأخيرة من أن زيادة نفقاتها العسكرية يأتي رداً على ما تسميه «العدوانية الإيرانية» في المنطقة بعد «الاتفاق النووي»، وبسبب ما تعتبره «تخاذل المجتمع الدولي عن كبح جماح إيران»، مسألة «أقل منطقية».
وفي ضوء ما سبق، إنتقد سلون بشكل مبطن، دور الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في تزويد «التحالف» بالأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، معرباً عن استهجانه لقيام لندن، بمد سلاح الجو السعودي بالقنابل، إثر نفاذ احتياطاته من تلك الذخائر مطلع حرب اليمن، وذلك من مخازن تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
ومع الإشارة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، بسبب ظروف الحرب، شدد سلون على أن «الأزمة اليمنية، يجب أن تأخذ على محمل الجد، على غرار الأزمة السورية»، لافتاً إلى «تناقض أخلاقي» يعتري نهج السياسة البريطانية حيال الازمتين. وبالنظر إلى دور لندن في تقديم الدعم للدول التي تتسبب في قتل المدنيين اليمنيين، طالب الكاتب حكومته بأخذ «المشهد الكئيب» في اليمن بعين الإعتبار، والعمل على «تقديم إجابات منطقية، وأخلاقية صحيحة» حيال الوضع هناك.