المشهد اليمني الأول/
لم يتوقع المسؤولون السعوديون أن يتحول التدخل العسكري في اليمن إلى ورطة كبرى تكلّفهم الكثير على الصعيد العسكري والاقتصادي.
وذكر تقرير لـ «الجزيرة نت»: «معظم الأرقام والتقديرات تؤكد انعكاساتها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي».
واستهدف الجيش اليمني واللجان الشعبية منذ مارس 2015 المواقع السعودية بمئات الصواريخ قصيرة المدى، ونحو 100 صاروخ بالستي، إضافة إلى الطائرات المسيرة التي يبلغ سعرها بضع عشرات أو مئات من الدولارات؛ لكن إسقاطها يكلف الخزينة السعودية ملايين الدولارات.
وتبلغ تكلفة صاروخ الباتريوت ثلاثة ملايين دولار، ويستلزم إسقاط صاروخ بالستي ثلاثة صواريخ باتريوت على الأقل، أي أن اعتراض سبعة صواريخ يكلف 21 مليون دولار أو أكثر (نحو 79 مليون ريال).
وتُضطر المملكة لتجديد ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية أو تغييرها بمبالغ طائلة، وقد اتفقت مؤخراً على شراء صواريخ «أس 400» من روسيا ومنظومة «ثاد» من الولايات المتحدة.
كما أن صواريخ الباتريوت المنشورة على نطاق واسع بمواقع عديدة من المملكة تكلف عمليات صيانتها مئات الملايين من الدولارات.
تشغيل وصيانة
وتشير تقارير سعودية إلى أن تكلفة الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهرياً، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة، أي أكثر من ثمانية مليارات دولار في ثلاث سنوات.
وفي مارس الماضي، أعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية أن عدد الطلعات الجوية التي نفّذها طيرانه في اليمن بلغت أكثر من 90 ألفاً، وبالتالي تكون تكاليف الضربات الجوية قد بلغت خلال عامين ما بين سبعة مليارات وتسعة مليارات؛ إذ تترواح تكلفة الطلعة بين 84 ألفاً و104 آلاف، وهي تكلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأمريكية.
وتشير «فورين بوليسي» إلى أن نفقات قمرين اصطناعيين للأغراض العسكرية بلغت 1.8 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى للحرب، بينما تبلغ تكلفة طائرة الإنذار المبكر (أواكس) 250 ألف دولار في الساعة، أي 1.08 مليار دولار سنوياً.
وفي حين ذهبت مجلة «التايمز» البريطانية إلى تقدير تكلفة الحرب بنحو 200 مليون دولار يومياً، أي 72 مليار دولار سنوياً و216 مليار دولار في ثلاث سنوات. وتشير مصادر أخرى إلى أن المبلغ أكبر بكثير، وتقدره «فورين بوليسي» بنحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط، منها الصفقات العسكرية للمملكة.
والاستنزاف المستمر في الحد الجنوبي للسعودية أو في اليمن نفسه، رفع بشكل كبير من موازنة التسلح السعودية وجعلها الزبون الأول عالمياً؛ حيث أبرمت العام الماضي صفقة شراء أسلحة مع واشنطن بقيمة 100 مليار دولار، وقد تصل إلى 350 مليار دولار خلال عشر سنوات، وصفقات أخرى مع فرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
وتستنزف الخسائر العسكرية في اليمن احتياطي الدولة من النقد الأجنبي بشكل غير مسبوق؛ إذ انخفض إلى 487 ملياراً في يوليو 2017 بعد أن كان 737 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2014، وزاد الإنفاق العسكري بنحو 22.6 مليار دولار في العام الأول من حرب اليمن، مقارنة بعام 2013.
واعتمدت المملكة على الاقتراض في خطوة نادرة، وعلى رفع الضرائب والأداءات والأسعار والرسوم على العمالة الوافدة.
وتشير التقديرات إلى أن النفقات العسكرية تبلغ 83 مليار دولار من الموازنة العامة المقدرة بنحو 261 مليار دولار عام 2018، أي ثلثها، بينما يقدّر العجز المتوقع بنحو 52 مليار دولار.