المشهد اليمني الأول/ فايز الأشول – العربي

الحرب الخاطفة التي تبناها محمد بن سلمان في 26 مارس 2015 بعد تعيينه وزيراً للدفاع، وتوقع ألا تستمر في أسوأ الأحوال 3 أشهر، تكمل عامها الثالث ولا تبدو السعودية أقرب إلى هدفها. لقد خرجت «العاصفة» عن مسارها لتعصف بحلفائها.

تغيب «الشرعية» عن اليمن التي مثلت إعادتها الهدف المعلن لحرب «التحالف» ويخرج وزير الدولة في حكومة هادي صلاح الصيادي، الأربعاء الماضي ببيان استقالة من منصبه يحمّل فيه «التحالف» مسؤولية الخراب والفوضى التي حلت في اليمن منذ تدخله عسكرياً ويقر بـ«سلب القرار السياسي الوطني والسيادي وعدم تمكين الرئيس هادي من العودة الى أي جزء من المناطق المحررة أو العاصمة المؤقته عدن».

استقالة الصيادي سبقتها بساعات استقالة عبدالعزيز جباري، من منصبه نائباً لرئيس الوزراء وزير الخدمة، وتصريحه لإحدى القنوات الفضائية بأن «التحالف لا يعمل على إنهاء الإنقلاب وإعادة الشرعية بقدر ما يقوّض الدولة وينهي تواجدها»، ملمحاً الى «امتهان كرامة هادي ووزراء حكومته من قبل الرياض وأبوظبي»، وهو ما أكدته الناشطة توكل كرمان التي أفصحت في منشور لها عن «إجتماع عقد في الرياض لمستشاري هادي وفيه طلب المندوب السعودي منهم التوقيع على وثيقة تنص على أن تبقى اليمن في المستقبل منزوعة السلاح ولم يرفض الطلب سوى جباري».

هذه الإستقالات، وإن رأى فيها بعض المراقبين، إبتزازاً لمواجهة مشاورات تتجاوز هادي ومرجعياته الثلاث. إلا أنها كشفت عن وصول علاقة «التحالف» مع هادي وحكومته إلى منعطف خطير، وأن الطرفين خسرا معظم أوراقهما في اليمن ولم تعد «الشرعية» سوى عجوز طالت استضافته كثيراً في فندق «إنتركونتننتال» بالرياض، وتتحلق حوله حاشية من الإنتهازيين الذين يجيدون القفز من كل مركب يشارف على الغرق.

أنهكت الحرب اليمن وتفاقمت المأساة الإنسانية بانتشار الجوع وظهور الأوبئة في أوساط السكان القابعين تحت حصار بري وبحري وجوي منذ 3 سنوات. لكن «التحالف» الذي تقوده السعودية هو الآخر منهك بعد تضارب أهدافه واشتغاله على استبدال حلفائه، في وقت تتواصل فيه المهرجانات والمسيرات التي تنظمها «أنصار الله» في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها للدفع بمزيد من المقاتلين إلى الجبهات وإيصال رسائل تؤكد قدرتها على «الصمود في وجه العدوان».

نسبة الـ85% من الأراضي اليمنية التي يزعم الرئيس هادي أن قواته تسيطر عليها لم تتغير منذ العام الماضي، فيما صارت عودته إلى هذه المساحة شبه مستحيلة بعد سيطرة القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» المدعومة من الإمارات في يناير الماضي على مدينة عدن ومعسكرات الحماية الرئاسية. لقد فشل هادي وحكومته في تشكيل جيش وطني لتنشر الإمارات القوات التي تدرّبها في محافظات الجنوب كوحدات مناطقية لا تطوي مشروع «اليمن الاتحادي» فحسب، بل تهدد وحدة الجنوب وتزرع بذورع صراعات مستقبلية بين أبنائه. ومثلما قسّم الإستعمار البريطاني جنوب اليمن إلى أكثر من 25 سلطنة وإمارة ومشيخة، فإن الإمارات وعلى لسان مسؤول عسكري كبير في قواتها، يقول لـ«رويترز» في اليمن «الحضرمي لا يقاتل إلا من أجل حضرمي آخر، ومن المهم الإحتفاظ بتجمعات إقليمية عندما نؤسس الكتائب». هذه التجمعات الإقليمية هي التي تحمي مصالح الإمارات في الجنوب وهي «النخبة الشبوانية» التي منعت وزير النقل في حكومة الرئيس هادي، صالح الجبواني، من زيارة ميناء قناء بمديرية النشيمة مطلع مارس الحالي. ليصرح بعدها الجبواني بأن «الجيوش القبلية والمناطقية التي أنشأتها الإمارات هي سبب الوضع المزري في المحافظات المحررة»، وأنها «ساهمت في انتشار كبير لتنظيم القاعدة لم تشهده هذه المناطق من قبل». لم تتقبل أبوظبي رفع الصوت بالشكوى من عبثها لتبعد الجبواني من بلاده إلى لندن وتواصل إدارة الجنوب كمندوب سامي.

غارات صديقة

خلال 3 سنوات نفذ «التحالف» 145 ألف طلعة جوية، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» التي زارت غرفة عمليات إدارة الحرب في الرياض في منتصف مارس الجاري، وقالت في تقرير لها إن «هذا الرقم لعدد الطلعات الجوية دليل على أن التحالف ينزف مالياً في مستنقع كبير لا تبدو له نهاية». منظمات حقوقية رصدت 16 ألف غارة لـ«التحالف» أصابت أهدفاً مدنية في اليمن وخلفت الآف القتلى والجرحى من سكان البلد الفقير.

هذا القصف لم يغير كثيراً في ميزان القوى على الأرض لصالح الأطراف والجماعات التي يساندها «التحالف»، فلا تزال حركة «أنصار الله» تسيطر على صنعاء ومعظم محافظات الشمال ذات الكثافة السكانية.

وعلى مدى العامين والثلاثة الأشهر الماضية، لم تتوقف وسائل الإعلام التابعة لـ«التحالف» و«الشرعية» عن الترويج إلى أن جبهة نهم هي الطريق الأقرب والأوفر كلفة للوصول الى العاصمة صنعاء واليوم وبعد ابتلاع الجبال والتباب الآف الضباط والجنود من القوات التابعة للرئيس هادي يقول ضابط رفيع في المنطقة السابعة لـ«العربي» إن «اختيار نهم كبوابة نحو صنعاء لم يكن موفقاً بسبب وعورة التضاريس التي مكنت الحوثيين من بناء التحصينات فيها والتمترس في وضع دفاعي بأقل عدد من المقاتلين»، مضيفاً أن «تغير حسابات التحالف في الشهور الأخيرة أعاقت تقدم الوية المنطقة السابعة في نهم والتي لم يتسلم منتسبيها مرتباتهم لـ7 أشهر مضت، وخلال هذه الشهور تكررت الغارات الخاطئة للطيران على مواقعنا وخسرنا العشرات من الضباط والجنود ومنهم قيادات رفيعة».

صراع في معسكر الحلفاء

راهن «التحالف» على فك الشراكة بين حزب «المؤتمر» و«أنصار الله» بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في سبتمبر الماضي، لرفع الغطاء السياسي عن الحركة والتحاق قوات الحرس التي كان يقودها نجله الأكبر، وابن أخيه العميد طارق محمد عبدالله صالح، بالجبهات لقتال «أنصار الله». واليوم وبعد مضي أكثر من 5 أشهر تواجه الإمارات صعوبة في إيجاد ساحة قتال يقودها العميد طارق. كل الجبهات التي تطوق المناطق الخاضعة لسيطرة «أنصار الله» محجوزة من قبل الوية موالية لحزب «الإصلاح» وجماعات قاتلت خلال الأعوام الثلاثة لخدمة مصالحها وتعزيز نفوذها.

في منتصف فبراير الماضي ظهر العميد طارق عفاش، في جبهة المخا برفقة ضباط إماراتيين وسرت حينها أنباء عن إعتزام أبوظبي تمكينه من قيادة جبهة الساحل الغربي لقتال «أنصار الله». هذا الظهور والتوجه أتى بنتائج عكسية وضاعف مأزق الإمارات التي عجزت عن تأمين تواجد القوات الموالية لها في الشريط الساحلي من المخا إلى مدينة حيس. رفضت «المقاومة الجنوبية والتهامية» تمكين طارق عفاش من قيادة جبهة الساحل، وعجز هو عن لململة شتات قوات الحرس الخاص التي كان يقودها. ولم تتوقف التداعيات عند ذلك الحد، لقد أشعل ظهور طارق في صف الإمارات غضب الجنرال علي محسن الأحمر، وبعث مخاوفه مع حزب «الإصلاح» من استبدالهم بحليف جديد، ليصدر في 14 مارس الجاري قرار الرئيس هادي بتعيين اللواء عمر سجاف قائداً لمحور الحديدة. وهو الموالي لـ«الإصلاح» والضابط المقرّب من الجنرال الذي دفع به إلى الساحل الغربي لمواجهة ترتيبات الإمارات وصد العميد طارق عن ساحل الحديدة.

وبالتزامن مع قرار تعيين اللواء سجاف، صدر قرار الرئيس هادي بتعيين اللواء علي صالح عفاش الحميري، قائداً لقوات الاحتياط لمنافسة طارق في استقطاب ما تبقى لهم من أتباع في «الحرس الجمهوري السابق». الأول يوالي السعودية والجنرال محسن والثاني يوالي الإمارات وابن عمه العميد أحمد. هذه الانقسامات لعائلة عفاش، علق عليها الكاتب والصحافي المقرّب منها نبيل الصوفي، بقوله «يبدو أن آل عفاش لم يعد لهم جديد سوى المعسكر الذي يقيمه طارق كل واحد منهم يبحث له عن مشروع خاص به، بدءاً من علي محسن إلى علي صالح عفاش الحميري إلى أحمد وعمار وعشرات الأسماء الممتدة يقولون قدّمنا أفضل ما عندنا وما عاد باقي شيء نقدمه».

تجاوزت «أنصار الله» الكثير من تبعات مقتل صالح، وأحكمت قبضتها على صنعاء وكل المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها واطمأنت الى خلو ساحتها من أي محاولة للإنقلاب عليها واحتفظت بعلاقات مع الكثير من رجالات صالح وقيادات حزبه.

خسرت في يناير الماضي مدينة حيس مسافة 30 كلم من الخوخة في ساحل الحديدة، لكنها حوّلت جبهة الساحل الغربي إلى رمال متحركة ابتعلت العشرات من الضباط والجنود الإماراتيين والمئات من «المقاومة»التي تساندها. وظهرت مكاسب الإمارات كعملية تسلل في الشاطئ من باب المندب إلى حيس، تترصدها قناصات ونيران «أنصار الله» من «معسكر العمري» المطل على جزيرة ميون إلى جبال دباس المتربعة فوق مدينة حيس.

هجمة مرتدة

تبادل للضربات تحت عباءة «التحالف» بين حزب «الإصلاح» والإمارات، ففي الوقت الذي أعاق الأول مشروع إعادة الهيكلة لمعسكر الساحل الغربي، ردت الثانية بإعاقة تمكين اللواء هاشم الأحمر، الموالي للجنرال محسن و«الإصلاح»، من تولي قيادة المنطقة السادسة. وقالت مصادر لـ«العربي» إن «محافظ الجوف أمين العكيمي، منع الأسبوع الماضي، هاشم الأحمر من دخول المحافظة، بحجة أن أركان حرب المنطقة السادسة العميد منصور ثوابة، من أبناء الجوف وهو الجدير بقيادة المنطقة»، مضيفة بأن «اللواء هاشم اضطر إلى الاعتكاف في القصر الجمهوري بمأرب، وأن القوات الإماراتية منعته هي الأخرى قبل أيام من دخول معسكر تداوين لزيارة كتيبة تابعة له هناك، وأن البت في قرار تعيينه تم الرفع به من قبل القائم بأعمال وزير الدفاع اللواء محمد علي المقدشي إلى قيادة التحالف».

هذه الصراعات أبقت جبهات القتال في كافة المحاور بمحافظة الجوف تراوح مكانها. ولم تمثل سيطرة القوات الموالية للرئيس هادي على مساحات صحراوية في اليتمة مكسباً لـ«التحالف» الذي لا يرى في الجوف سوى ممر عبور للوصول الى محافظة عمران وقطع طريق صنعاء – صعدة في حرف سفيان أو الوصول بالقوات التي يساندها إلى أرحب بمحافظة صنعاء عبر مديرية الغيل وهو ما لم يتحقق له خلال العامين الماضيين، فالمواجهات مع «أنصار الله» في محوري المتون والغيل بين الكر والفر راسمة مسلسل ممل ومكلف.

صراع الإمارات وقطر

وبالإنتقال إلى وسط اليمن، فإن القوات السودانية و«المقاومة الجنوبية» لم تتجاوز حدود ما قبل العام 1990 بين شطري اليمن في منطقة كرش منذ مطلع العام 2016. فيما عمليات «تحرير تعز» من «أنصار الله» التي تتوالى منذ الشهور الأولى من الحرب، لم تسفر سوى عن تدمير المدينة مركز المحافظة التي تحولت إلى إمارة تابعة لحزب «الإصلاح» والجماعات السلفية المتطرفة التي مدّت نفوذها تحت عباءة «التحالف» و«الجيش الوطني»، وتحصّلت على مليارات الريالات وكميات مهولة من السلاح والذخيرة باسم «تحرير تعز».
واقع الحال هذا حول الأحياء «المحررة» في المدينة إلى مسرح صراع بين الإمارات وقطر بعد انسحاب الأخيرة من «التحالف» منتصف العام 2017.

6 ألوية شكلها حزب «الإصلاح» في مدينة تعز خلال 3 أعوام من الحربهي «17 مشاة، 22 ميكا، 170 دفاع جوي، 145، اللواء الرابع مشاة جبلي، اللواء الخامس حماية رئاسية»، هذه الألوية تقاتل ضد «أنصار الله» وتشتبك مع خصومها من الجماعات السلفية، وتدين بولاء ملحوظ للدوحة و«التحالف الدولي للإخوان المسلمين».

وفي سبتمبر الماضي، تمكنت الإمارات من إزاحة محافظ تعز الموالي لحزب «الإصلاح» علي المعمري، وتعيين المحافظ أمين محمود عبدالوهاب، وعقب ساعات من تعيينه دشّن ناشطو الإصلاح حملة ضده تضمنت مطالبته بتحرير تعز كأولوية لا تحتمل التأجيل. ونزولاً عند مطلب الحزب، ظهر المحافظ الجديد في قناة «الغد المشرق» التابعة للإمارات، معلناً إطلاق «عملية التحرير»، وبعد أسبوعين انقشع غبار المعارك، ولم تتمكن الألوية التابعة للحزب من السيطرة حتى على تبة.

وتسرّبت صورة شيك مالي كشفت عن تسلّم قائد اللواء الخامس عدنان زريق، 3 مليارات ريال باسم عملية «تحرير تعز». بعدها، بدأت الحرب الناعمة بين المحافظ الموالي للإمارات وحزب «الإصلاح» بصدور قرار من الرئيس هادي بتعيين القيادي في «الإصلاح» عبدالقوي المخلافي، وكيل أول محافظة تعز، والذي اقتحم مسلحون تابعون له بقيادة أسامة القردعي، مكتب المحافظ في فبراير الماضي، رداً على خطوة توزيع المهام بين وكلاء المحافظة.

بجانب الألوية التابعة لحزب «الإصلاح»، يوجد اللواء 35، يقوده العميد عدنان الحمادي، المتوافق مع «التنظيم الناصري»، والذي تمكن في فبراير الماضي من السيطرة على معظم مناطق مديرية الصلو بعد مواجهات مع «أنصار الله». كما يوجد «لواء العصبة» بقيادة السلفي رضوان العديني، الذي ظهر بعد تواري كتائب «أبو العباس» السلفية المدعومة من الإمارات، وتوجه قائدها عادل عبده فارع، المعاقب من الخزانة الأمريكية لتأسيس «دار حديث» في مدينة تعز، لنشر السلفية.

إكتمل العام الثالث، ولاتزال «أنصار الله» تطوّق المدينة، ويسيطر مقاتلوها على مداخلها ومعظم مديريات المحافظة. في وقت تتواصل التراشقات بين ناشطي حزب «الإصلاح»، خصوصاً المتواجدين في قطر وتركيا، مع الناشطين في صف الإمارات، وكل طرف يحمّل الآخر مسؤولية عرقلة «تحرير تعز».

جيش في السجلات

تتسلّم القوات التي شكلتها ودرّبتها الإمارات في عدن ومحافظات الجنوب والساحل الغربي مرتباتها المالية بانتظام. فيما الألوية الموالية لحزب «الإصلاح» أو المحسوبة عليه صرف لها قبل أسابيع مرتب مايو من العام 2017، وبقية مرتبات الشهور اللاحقة لم تصرف الى اللحظة. كما توقفت اللجان السعودية عن إكمال صرف «مكرمة» الملك سلمان في المناطق الثالثة والسادسة والسابعة الموزعة ألويتها بين مأرب والجوف وجبهة نهم.

لقد غادرت اللجان السعودية مدينة مأرب عائدة إلى الرياض في فبراير الماضي، محمّلة بكشوفات تضم 400 ألف ضابط وجندي هم قوام الجيش الذي شكلته حكومته الرئيس هادي في 3 سنوات.

عجزت المنطقة الثالثة ولمدة عام عن السيطرة على جبل الأشقري في مديرية صرواح بمأرب في مقابل استعادة «أنصار الله» لعدد من المواقع هناك، وعادت بمقاتليها إلى القرب من معسكر كوفل، مع احتفاظها بجبل هيلان طوال شهور الحرب، واستمرارها في قصف مدينة مأرب بالمدفعية من قمته.

سجِل «الجيش الوطني» مثقل بالأسماء الوهمية، وقواعد حزب «الإصلاح» وقيادته الوسطية التي تستثمر الحرب كتجارة خصوصاً في مأرب صارت عبئاً على السعودية. مصادر قالت لـ«العربي» إن «الإمارات تدرّب، ومنذ شهور، المئات من شباب مأرب والجوف في معسكر بالقرب من ميناء بلحاف بشبوة تمهيداً لتمكينهم من فرض أحزمة أمنية حول مدينتي مأرب وحزم الجوف والحد من نفوذ حزب الإصلاح في المحافظتين».

وأضافت بأن «الولايات المتحدة، وبالتنسيق مع الإمارات، ترتبان لتنفيذ عمليات هجومية في وادي عبيدة بمأرب ومديرية خب الشعف في الجوف بذريعة تنامي خطر تنظيم القاعدة في المنطقتين».

من بيحان إلى البيضاء

خسرت «أنصار الله» في ديسمبر الماضي بيحان وعسيلان كآخر مديريتين احتفظت بالسيطرة عليها لأكثر من عامين في محافظة شبوة. وبعد أسابيع من ابتهاج «المقاومة الجنوبية» بـ«تحريرها»، واعتبارها خطوة في طريق تقرير مصير الجنوب، أصدر الرئيس هادي في 15 مارس الجاري قراراً بتشكيل محور بيحان بقيادة العميد مفرح بحيبح، وضم 5 مديريات من شبوة ومأرب (بيحان، عسيلان، عين، حريب، الجوية) وإلحاقها بالمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب. ليشعل غضب الجنوبيين، ويسارع «المجلس الانتقالي» إلى رفض قرار هادي، ويصف هذه الخطوة بـ«الأجندة الخبيثة» التي تهدد وحدة الجنوب. كما دعا القيادي في «الحراك الجنوبي» علي محمد السعدي، إلى «إخراج هذه القوة الدخيلة من بيحان بالقوة ودحرها إلى بلدها».

بعد السيطرة على مديريتي بيحان وعسيلان، توجهت القوات التابعة للرئيس هادي صوب ناطع، أولى المديريات في محافظة البيضاء، وهناك خاضت مواجهات عنيفة مع «أنصار الله» تمكنت خلالها من السيطرة على عدد من مناطق المديرية وتعثر اللواء 173 مشاه القادم من محور بيحان بقيادة العميد صالح المنصوري، في عقبة القنذع بناطع، وسقط الكثير من ضباط وجنود اللواء في المواجهات هناك، ولاتزال العقبة إلى اليوم عقبة معيقة لتقدم قوات هادي في البيضاء ويقتل العشرات من الملتحقين بها هناك بغارات للطائرات الأمريكية بدون طيار، بعد أن تلاشت الخطوط الفاصلة بين تنظيم «القاعدة» و«الجيش الوطني»، فالجميع في خندق واحد، خصوصاً في محافظة البيضاء.

تأمين حدود المملكة

100 صاروخ باليستي أطلقت من اليمن على السعودية، بحسب ما نقلته وكالة «واس» قبل أيام عن وزير الخارجية عادل الجبير. و60 ألف قذيفة مدفعية و«كاتيوشا» على جنوب المملكة خلال 3 سنوات. وأخبار تشييع وتعازي شبه يومية لـ«شهداء الحد الجنوبي». وقبل ذلك عجز القوات السعودية عن استعادة المناطق التي سيطرت عليها «أنصار الله» في عسير وجيزان، ووصول مقاتلي الحركة إلى مشارف مدينة نجران.

هذه الخسائر وهذا النزيف المتواصل في الخاصرة الجنوبية للمملكة، أجبر حرس الحدود السعودي على إخلاء معسكراته في كافة المناطق المقابلة لمحافظتي صعدة وحجة، لتستقدم الرياض قوات سودانية والآف من سلفيي اليمن للدفاع عن حدود المملكة من معسكر الخضراء بنجران وقلل الشيباني في منطقة عسير ومركز قيس في جيزان ومعسكر الموسم في محافظة الطوال.

تبددت ألوية السلفيين (الفتح، المحضار، النخبة) في محيط منفذ البقع الحدودي شرق صعدة، وقتل العشرات من منتسبي اللواء 103مشاة بنيران وألغام «أنصار الله» هناك. أوقفت السعودية دعمها للمنطقة الخامسة في ميدي، ليحاصر «أنصار الله» مَن تبقى من منتسبيها في محيط منفذ الطوال، ويفشل اللواء الأول حرس حدود والثاني وصولاً إلى السابع، في الوصول إلى منفذ علب في مديرية باقم أو التمركز في مرتفعات الأزهور شمال رازح.

هذه الألوية الـ7 قدمت من مأرب، وهي مؤلّفة من سلفييي اليمن، تسمى «حرس حدود» وتعسكر في الداخل السعودي، وتشن هجماتها على شمال صعدة. ومع ذلك، فإن الخروج من مستنقع الحرب في اليمن، ووقف هجمات وصورايخ «أنصار الله» على المملكة، تتصدّر مباحثات ولي العهد السعودي في جولته إلى اشنطن وعدد من العواصم الأوروبية. فهذا البيت الأبيض، وفي بيان له الأربعاء الماضي، يقول إن «الرئيس دونالد ترامب ومحمد بن سلمان اتفقا على ضرورة التوصل لحل سياسي للصراع في اليمن».

كما نقلت وكالة «رويترز» عن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، قوله للصحافيين عقب لقائه بن سلمان «نحن نسعى إلى إنهاء الحرب في اليمن، وسوف ننهيها مع تحقيق الأمن لدول شبه الجزيرة».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا