المشهد اليمني الأول/
نالت زيارة الوفد الأوروبي الى العاصمة صنعاء ولقائه بالرئيس صالح الصماد ومختلف أركان الدولة والأطراف السياسية اهتماما بالغا من قبل حكومة عملاء الرياض، فاق الاهتمام الذي أظهرته حكومة صنعاء بالوفد وما يحمله في زيارته إلى اليمن بعد 3 سنوات من الحرب الدامية التي شنتها السعودية ودول في الاتحاد الاوروبي على اليمن.
الوفد الذي ضم رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن انطونيا كالفوبويرتا وسفيري فرنسا وهولندا لدى اليمن كرستيان تيستوت ويرما ماريا جوس فان ديو ورئيس القسم السياسي في بعثة الاتحاد الأوربي ريكاردو فيلا، ذو النكهة السياسية الغالبة على مدى ثلاثة أيام في العاصمة صنعاء والتقى خلالها ممثلين عن أنصار الله واللجنة الثورية العليا بالإضافة إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس صالح الصماد ورئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور.
سمع الوفد من الجميع موقفا واحدا بأن من اعتدى يجب عليه وقف عدوانه، واليمنيون منذ اليوم الأول هم في موقف الدفاع عن النفس وتشرع لهم الأديان السماوية والأعراف الدولية هذا الحق، وأن يد السلام لا تزال ممدودة وهي حاضرة لصنعه سلاما مشرفا يصون ويحمى سيادة اليمن وحق اليمنيين في الكرامة والعيش دون وصاية من أحد، ويضمن للآخرين عدم وقوع اعتداء من جانب اليمن.
وخلال لقاء الوفد ورئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي وممثلين عن أنصار الله تلقى الوفد الأوروبي إجابات واضحة حول إمكانية عقد حوار سياسي، اشترطت صنعاء أن يكون مباشرا مع الأطراف التي لها قرار وقف العدوان في إشارة إلى الرياض وأبو ظبي، لا من يسمون أنفسهم في الشرعية وهم حبيسي الفنادق لا يملكون من أمر أنفسهم شيئا.
كما سمع وفد الاتحاد الأوروبي كلاما دقيقا وواضحا أن وقف الهجمات الباليستية على عواصم العدوان يجب أن يجري في مقابلها وقف الغارات الجوية بشكل تام.
يبدو الاتحاد الأوروبي راغب في العودة الى صنعاء ونسج علاقات مستقلة بعيدأ عن تأثير الولايات المتحدة الامريكية والمصالح الامريكية ،ولديه الرغبة ايضا في التدخل لحل الأزمة اليمنية، التي غدت الأكبر في العالم ولم يعد في مقدور أحد السكوت، وصنعاء لم تمانع في عقد الحوار السياسي تحت رعاية أممية أو مبادرات إقليمية أو دولية، بشرط أن تحمل تلك المفاوضات الجدية والنوايا الحقيقية للتوصل إلى سلام حقيقي.
و تبدو حكومة الخائن هادي وحدها المغيبة عن الحراك السياسي القائم بين العواصم الإقليمية والدولية، ولا تدري ما يدور خارج الغرف الفندقية التي تقيم فيها بالرياض، وغير مسموح لها بمغادرتها، وهذا الأمر قد يكشف خفايا الاستقالات التي بدأت في حكومة هادي من وزير الصحة الصيادي إلى نائب رئيس الوزراء عبد العزيز جباري، والذي اتهمه ناشطون موالون لحكومة المرتزقة بأنه اختار القفز قبل غرق المركب، في ظل تجاهل دولي لمس بأن ورقة الشرعية التي لوحت بها الرياض ل3 سنوات قد اهترأت واضحت سببا للخلاف والاقتتال بين شريكي العدوان على اليمن.
مما وعاه ولمسه الوفد الأوربي في صنعاء أن القيادتين السياسية والثورية بقدر حرصهما على صنع السلام سياسيا فإنهما إلى اللحظة لم يلمسا أي تحرك جدي باتجاه إجراء مفاوضات تفضي إلى وقف العدوان، وأقل ذلك موقف دولي يفرض رفع الحصار عن اليمن، وإيقاف عبث دول العدوان بالأموال اليمنية عبر سيطرتها على منابع وحقول النفط والغاز، ووقف التواطئ الدولي مع العدوان والذي سمح بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن ويراد الآن نقله إلى خارج أراضي الجمهورية اليمنية، وكذا السماح للإمارات بنقل الصفر الدولي من صنعاء إلى عدن.
وهذا المزاج السياسي لمسه الوفد مزاجا شعبيا وكان محورا لحديث المبعوث الخاص لوزير خارجية السويد هانس بيتر سبمتاباي خلال استقبال الرئيس صالح الصماد له بصنعاء، إذ أبدى دهشته وإعجابه بما وصفه اعتزاز اليمنيين، وما يتمتعون به من عزة في النفس رغم الآلام التي أصابتهم جراء الحرب والأوضاع المتردية منذ ثلاث سنوات..
غادر الوفد الأوروبي صنعاء وهو يحمل رسالة مفادها أن صنعاء التي تحمل بيد السلاح تحمل في اليد الأخرى غصن الزيتون، وهي حاضرة لصنع السلام المشرف حال توفرت الإرادة الدولية الجادة لذلك، وهي ترى أن لتلك الجدية مؤشرات يجب أن تظهر على الأرض من خلال تخفيف قيود الحصار وضمان صرف مرتبات موظفي الدولة ووقف الغارات الجوية.
وفيما كان الوفد الأوروبي يجول في صنعاء كانت أبو ظبي تستدعي قادة مجاميع العملاء في الساحل، لبدء جولة جديدة من سفك الدم اليمني وإفشال المساعي الدولية للسلام.
على بعد أيام صنعاء ستغص بمئات الآلاف ممن سيحيون الذكرى الثالثة للعدوان السعودي الأمريكي، ويفتتحون عاما رابعا الصمود يأتي ولدى اليمنيين واقع عسكري أفضل وتقنيات امتلكوها بفعل الحاجة لمواجهة العدوان على بلدهم وهي تدمي الأعداء.
سيكون على الأوروبيين الراغبين بصنع السلام التأمل في المشهد على شاشات التلفزة طالما ولم يتسن لهم المكوث وتلبية الدعوة لحضور هذا الاحتشاد الجماهيري وهو يعيد التأكيد على المبدأ الثابت، سلام مشرف، أو قتال لن تقتصر آثاره في العام الرابع على الأرض اليمنية بل سيمتد ليطال منطقة البحر الأحمر وعواصم العدوان بأنقى وأمر والأيام القادمة كفيلة بتعريف المعتدين حجم كرة النار التي تعدها صنعاء لحسم المعركة في عام سمته عام الانتصار والحسم.
بين مشهد مغادرة السفراء الأجانب صنعاء عقب ثورة 21 سبتمبر الشعبية، وزيارة الوفد الأوروبي لصنعاء ومبعوثين سياسيين آخرين بعد 3 أعوام، ثمة مقولة لا بد من استذكارها للإمام الخميني قائد الثورة الشعبية الإيرانية، عندما نقل إليه مساعدوه عقب ثورة الشعب الإيراني على نظام الشاه العميل بأن السفراء الأجانب يغادرون طهران، فأجابهم بالقول: دعوهم، سيتوسلون العودة.
وهذا ما كان وحدث في إيران
وسيكون في اليمن.. فقط مزيد من الصبر والصمود والاتكال على الله..
إبراهيم الوادعي – المسيرة نت