المشهد اليمني الأول/
وصف الكاتب الأمريكي دوج باندو، العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة بأنها تؤتي نتائج عكسية وغير ضرورية لأمريكا.
ودعا صناع القرار الأمريكي إلى انتقاد الرياض بصفتها أحد أشد الأنظمة القمعية في العالم، وتطبيق نفس المعايير التي تستخدمها واشنطن مع إيران على المملكة.
أضاف الكاتب -في مقال له بمجلة ناشونال إنترست الأمريكية- أن صورة السعودية كمملكة إصلاحية لا تتفق مع الكارثة الإنسانية التي سببتها في اليمن، بالإضافة إلى سجن عدد كبير من النشطاء السياسيين والحقوقيين في الداخل، والزج بهم داخل المعتقلات بتهم باطلة.
وتابع الكاتب أن السياسة السعودية يجب النظر لها بأنها «متهورة وطائشة وسلطوية»، رغم رغبة قادتها في تحرير المجتمع السعودي، مضيفاً: «إذ كانت السعودية جادة بشأن الإصلاح، فإن أجندتها يجب أن تشمل إتاحة حريات التعبير والحرية الدينية لغير المسلمين، وتعزيز سيادة القانون، وضبط سياستها على الصعيد الدولي».
وحتى تحقق هذه الشروط -يتابع الكاتب- فإن المملكة ستكون عدواً للمبادئ والمصالح الأمريكية بقدر ما هي صديقة لها.
واستطرد الكاتب قائلاً إن إدارة ترمب -ووسط تصاعد الانتقادت الموجهة لحرب التحالف السعودي في اليمن- يبدو أنها تتجاهل المخاوف بشأن انتشار الأسلحة النووية، من أجل مصالح تجارية تتمثل في بيع شركات أميركية لمفاعلات نووية، على الرغم أن ترمب نفسه يشتكي من طموحات إيران النووية.
ولفت الكاتب إلى أن المملكة تغيرت منذ عام 2015، إذ بسط الحكام الجدد قبضتهم على السلطة، وسحقوا المعارضة، وحولوا نظام الحكم إلى إدارة غير كفؤ. ورغم الفشل الذي تفشى بعد ذلك، فإن حكامها زادوا في قمعهم، ما أضر بكل السعوديين باستثناء الأسرة الحاكمة. وسلط الكاتب الضوء على سجله الداخلي، مع شكاوى متكررة من منظمات حقوق الإنسان، مثل «فريدم هاوس»، و»أمنتستي إنترناشونال»، اللتين وصفتا ما يحدث بأنه تقييد لكل الحقوق السياسية، والحريات المدنية، عبر خليط من قوانين قمعية واستعمال القوة.
وأوضح الكاتب أن قمع النظام السعودي لم يقتصر على المطالبين بالانفتاح السياسي، بل طال أيضاً أعضاءً من الأسرة الحاكمة اعتقلوا في نوفمبر الماضي في فندق الريتز كارلتون، لإجبارهم على مصادرة أصولهم نظير إطلاق سراحهم. وسخر الكاتب من مزاعم السعودية التي تقول إن ما يحدث حملة ضد الفساد، في حين أنفق أحد حكامها نصف مليار دولار على يخت فاخر، إضافة إلى شراء قصر في فرنسا، وشراء لوحة فنية لدافنشي بنصف مليار آخر.
ويرصد الكاتب الخطر الذي تشكله السعودية ليس في الداخل فقط، وإنما في الخارج أيضاً، وأشار إلى أن السعودية أنفقت 100 مليار دولار على مدار 30 عاماً للترويج لعقيدة متطرفة حول العالم، عبر مراكز كثيرة، ما ساهم في بث بذور التطرف. وأضاف أن السياسة السعودية الجديدة في الشرق الأوسط تتسم أيضاً بالطيش والعدوانية، فقادتها الجديد يحاولون مد نفوذ بلادهم في المنطقة، ما جعل سياسة المملكة أكثر تهديداً من الخطر الذي تشكله إيران.
وواصل الكاتب القول إن إيران -بغض النظر عن طموحاتها- دولة تعاني فوضى، وعاجزة اقتصادياً، ومنقسمة سياسياً، ومعزولة دولياً، كما أن امبراطورية إيران المفترضة تكلفها أكثر مما تربحها.
وتسائل قائلاً: أي دولة تريد تحمل مسوؤلية سوريا مدمرة، ويمن فوضوي، ولبنان عاجز عن النهوض؟
ورغم ذلك، فإن السعودية واصلت زعزعة استقرار المنطقة، وتعزيز القمع والسلطوية، ففي مصر دعمت نظام السيسي الذي تخطى سلفه مبارك قمعاً وسوءاً، بالإضافة إلى لبنان وإجبار رئيس وزرائه على الاستقالة، وغيرها من الدول، فضلاً عن قطعية قطر وعزلها سياسياً وتجارياً، بدعوى تهم باطلة.