المشهد اليمني الأول/
ذكر الإصدار الدوري لـ «مودرن دبلوماسي» الأوروبية أن الزيارة الأخيرة لقيادات سعودية إلى بريطانيا أعادت تسليط الضوء على الصراع في اليمن، الذي دُمر جراء حملة سعودية دموية مستمرة منذ 2015، بزعم حماية الشرعية.
وأضافت الدورية -في تقرير نشر على موقعها- أن التحالف السعودي-الإماراتي فرض حصاراً خانقاً على مدينة الحديدة، التي تعد المدخل الرئيسي للإمدادات الغذائية والطبية لكل أنحاء اليمن، وسط تقارير أخرى تتهم الرياض وأبوظبي بغارات غير قانونية ضد أهداف مدنية ترقى إلى جرائم حرب، في صراع من الواضح أن بريطانيا وأمريكا ودولاً أخرى غربية تدعمه بالسلاح والتدريب.
ذكر التقرير أنه وسط الصمت العالمي ونفاق وسائل الإعلام الكبرى، فإن «التحالف الإجرامي» يستهدف المناطق المدنية بشكل ممنهج، ويزعم أن ذلك غرضه منع نقل السلاح للحوثيين المتمردين، الذين تعتبرهم الرياض عملاء لإيران، وتدخلت عسكرياً في اليمن لوقف زحفهم.
واستطرد التقرير قائلاً إن هذه الجرائم المروعة دفعت بعض المشرعين الغربيين ومنظمات حقوق الإنسان إلى توجيه اتهامات للسعودية وحلفائها بالمسؤولية عن قتل المدنيين، الذي راح منهم الآلاف ضحية الغارات الجوية السعودية، التي دمرت أيضاً البنية التحتية.
وسلط التقرير الضوء على نفي السعودية قتلها المدنيين، وأشار إلى أن لجنة من خبراء الأمم المتحدة التي فحصت 10 غارات جوية للنظام السعودي، وجدت أن إنكار السعودية التورط في هذه الغارات أمر غير قابل للتصديق، مضيفاً أن من خططوا ونفذوا وأمروا بهذه الغارات تنبطق عليهم معايير فرض عقوبات أممية. وأضافت اللجنة -في تقريرها- أنه حتى لو كان التحالف السعودي يستهدف مناطق عسكرية للحوثيين، فمن غير المرجح أنه طبق مبادئ القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بالاحتياط عن تنفيذ غارات جوية.
وذكر تقرير «مودرن دبلوماسي» أن الحرب المتواصلة في اليمن ارتكبت فيها جرائم مروعة ضد المدنيين، وهو أمر يدعو إلى الحاجة لاتخاذ كل الخطوات الضرورية والممكنة لوقف الحرب، ومحاسبة المجرمين وضمان العدالة. ومنذ بداية الحرب، استهدف التحالف السعودي عدة منشآت شملت مدراس، ومستشفيات، ومطارات مدنية، وموانئ، وجامعات، ومنشآت ماء وكهرباء، وطرقاً وجسوراً. ورغم أن المعاهدات الدولية توفر حماية كاملة للمباني المدنية، فإن الطائرات السعودية واصلت قصفها الممنهج، مستخدمة أسلحة محرمة دولياً، ضد مناطق مأهولة بالسكان.
وتابع التقرير أن منظمات دولية طبية عبرت عن قلقها العميق إزاء انتشار داء الكوليرا في الدولة الفقيرة، محذرة من أن كل دقيقة يتعرض فيها طفل يمني للإصابة بالوباء، هذا فضلاً عن أن حوالي 2 مليون طفل معرضون لخطر المجاعة، ناهيك عن منع التحالف السعودي المرضى من المغادرة إلى الخارج لتلقي العلاج. وخلال فترة 3 سنوات، شملت الحرب كل أنحاء اليمن مسببة معاناة لا تحتمل للمدنيين، فقد أقفلت المشافي بسب القصف، وسط نقص في الأطقم الطبية، ومنع دخول تطعيمات الأمراض المعدية، وسط تفشي سوء التغذية لدى الأطفال.
ويبدو -كما ذكر التقرير- أن الغارات الجوية السعودية ضد المنشآت المدنية كانت متعمدة، فحوالي 95% من الأطباء والممرضين والاستشاريين في المشافي إما قتلوا أو فروا من اليمن، مشيراً إلى أن نقص الأدوية سبب كثيراً من القتلى بمرض الأنيميا، الذي يحتاج مرضاه إلى نقل دم شهري. ورصد التقرير الجرائم في اليمن، وأشار إلى أن الحرب قتلت أكثر من 12 ألفاً، وجرحت 50 ألفاً، ووضعت 20 مليوناً على حافة كارثة إنسانية، وهو ما جعل منظمة هيومان راتيس ووتش تتهم السعودية بجرائم حرب، فيما رصد الصليب الأحمر مليون يمني مصاب بالكوليرا.
ومع كل ذلك -يختم التقرير- لم يحقق التحالف السعودي أهدافه السياسية ولا الإيديولوجية، رغم إنفاقه مليارات الدولارت، ومساعدة دول كبرى غربية، بينما خلق بحربه أكبر كارثة إنسانية عالمية، ودفع الملايين إلى حافة المجاعة. ومن الواضح أن عدم إحراز السعوديين لأهدافهم، يدفعهم إلى الانتقام من الأبرياء بقصف عشوائي.