المشهد اليمني الأول| متابعات
الموقف الإسرائيليّ الرسميّ من الحرب الدائرة في سوريّة يكتنفه الغموض والضبابيّة، تمامًا تتعامل دولة الاحتلال مع ترسانتها النوويّة، فهي لا تنفي ولا تؤكّد حيازتها لهذه الأسلحة الفتاكّة، مع أنّ التقارير الأجنبية، وتلك التي تعتمد على مصادر إسرائيليّة “مجهولة”، تؤكّد على أنّ الدولة العبريّة تمتلك بضع مئات من الرءوس النوويّة، علاوة على أنّ الغواصّات التي أهدتها لها ألمانيا مُجهزّةً لحمل رؤوسٍ نوويّة.
الجنرال عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) السابق، واليوم رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ كان ربمّا الأكثر صراحةً عندما قال في دراسةٍ نشرها أخيرًا إنّ المصلحة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة تُحتّم إسقاط نظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، لافتًا إلى أنّ هذه الخطوة هي مصلحة إسرائيليّة واضحة، لأنّها تؤدّي لإضعاف ألذ أعداء تل أبيب: الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وحزب الله اللبنانيّ.
مركز “باحث” للدراسات الفلسطينيّة، رأى في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقعه الالكترونيّ أنّه لا شك بأنّ المصـلحة الإسـرائيلية الإستراتيجيّة تسـتوجب القضـاء علـى محور المقاومـة والممانعـة، المحور الذّي يعتبر العقبة الحقيقية في وجه مخططاتها في المنطقة، لافتًا إلى أنّ هذا ما قاله بشكلٍ واضحٍ وعلنيٍّ الوزير الإسرائيليّ بدون حقيبة، تساحي هانغبي، الذي ترأسّ حتى قبل فترةٍ قصيرةٍ رئاسة لجنة الخارجيّة والأمن التابعة للكنيست، وهي أهّم لجنة وأكثرها سريّة في البرلمان الإسرائيليّ.
وتابع هنغبي، وهو من أقرب المُقربين لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، تابع قائلاَ إنّ مصلحة إسرائيل الإستراتيجيّة تقضـي بتغييـر النظـام فـي سـورية. ّوعلينـا أن نبـارك القوى التي تعمل بالنيابة عنّا، أيْ عن إسرائيل، أي مَنْ أطلق عليه لقب الثوار السوريين، قال الوزير الإسرائيليّ.
وشدّدّ على أنّ النظام السوريّ دعم التنظيمات الفلسطينيّة في حربها الـ”إرهابيّة” ضدّ إسرائيل، وبالتالي فإنّ انهيار هذا المدماك الأساسيّ في محـور المقـاومة والممـانعة، والـذّي يُشـكّل تهديـدا لإسرائيل، هو أحد الأهداف التي تنامت مع تطمينات من المعارضة السورية لتل أبيب. وبرأي الدراسة الإستراتيجيّة، فإنّ إسرائيل لـم تـنس أنّ سـورية، كحاضـنة لمحـور المقاومـة والممانعـة، هـي السـبب فـي تحويـل شـمال الدولة العبريّة إلـى أكبـر خطـر اسـتراتيجي فـي وجههـا.
وهـذا مـا جـاء فـي صـحيفة “معـاريف” الإسرائيليّة علـى لسـان إيلـي فيـدار، الـذيّ كـان ممثلاً لإسـرائيل فـي الدوحـة، حيث قال إنّ إسرائيل لا يُمكنهـا أنْ تبقـى صـامتة وألّا تفعل شيئًا ضدّ القيادة السوريّة في دمشق، مُشدّدًا على أنّ أيّ شخص يحّل مكان الرئيس السوريّ الأسد، سيكون أفضل لإسرائيل، ذلك أنّ الرئيس الأسد هو أسوأ زعيم عربيّ مرّ على إسرائيل، على حدّ تعبيره.
وتابع أفيدار قائلاً: في المدى القصير سيؤدي سقوط النظام السوري إلى وجع رأس أمني لا بأس به بالنسبة لنا، فالحدود مع سوريّة، التي كانت هادئة لغير قليل من السنين، كفيلة بأنْ تسخن؛ وقد تحاول عصابات من المخربين المس بالجنود والمواطنين، مثلما يحصل في الحدود الجنوبية.
ولكن في المدى البعيد يدور الحديث عن ربح صاف لإسرائيل. وشدّدّ الدبلوماسيّ الإسرائيليّ السابق على أنّه بدون الأسد، محور الشر يفقد تواصله الإقليمي بين إيران وجنوب لبنان، ولن يتمكّن رجال الحرس الثوري الإيرانيّ وممثلو حزب الله من البقاء في الدولة السوريّة، والدعم التلقائيّ من سوريّة للإرهاب سيتوقف، مؤقتًا على الأقل.
وبرأيه، سوريّة لم تكن أبدًا قوة عظمى شرق أوسطية كالسعودية أوْ مصر، ولكن من ناحية إسرائيل، فإنّها كفيلة بأنْ تتبين كحجر الدومينو الأهّم في الربيع العربيّ، بحسب ما ذكره في الصحيفة العبريّة.
ويُمكن القول والفصل أيضًا، أضافت الدراسة، إنّ الإسرائيلية يرَوْن أربعة احتمالات لنهاية التراجيدية السوريّة: سقوط النظام الحالي بقيادة الأسد وقيام نظام بـديل منه، يتشكّل مـن عـدة معارضـات تتصـارع علـى دولـة مـدمرة وأرض محروقـة.
الثـاني، سـقوط النظـام مـع استمرار الحرب الأهليّة مـن دون حكومـة مركزيـة قويـة، كمـا حـدث فـي الصـومال، أيْ دولة فاشلة.
أمّا الاحتمال الثالث، بحسب الإسرائيليين، فيتمثل في لجـوء الـرئيس الأسد إلـى السـاحل، والإعلان عـن إقامـة دولـة علويـة مـع اسـتمرار القتال بـين السـوريين.
والاحتمال الرابـع والأخير هـو بقـاء الوضـع علـى حالـه، أيْ بقاء الرئيس الأسد واستمرار الحرب الأهليّة إلى فترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ جدًا.
ورأت الدراسة أنّ روسيا تدعم حرب النظام السوريّ ضدّ القوى الإرهابية منذ بدء الصراع، عبر عمليات استخباراتية وتنصّت واستطلاع وتشويش إلكتروني،
ظهر مؤخرًا من خلال الحملة العسكرية الجوّية الكبرى التي بدأتها روسيا على امتداد الأراضي السورية، لافتةً إلى أنّه ليس بهدف منع سقوط نظام الأسد، كما يروّج الإعلام العربي والغربي، بل من ضمن إستراتيجية روسيا الشاملة، والتي تعتمد النَفَس الطويل والتخطيط الدقيق والنظرة الكلّية للتطوّرات والتحوّلات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وخلصت إلى أنّ الرؤية الروسية الإستراتيجية تشمل في الواقع مصر وتركيا وإيران، وأنّ الروس يعملون بجدٍ لتوثيق مختلف أوجه التعاون مع أنظمة هذه الدول، في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية، وتحديدًا لمواجهة الإرهاب التكفيري الذي بات يهدّد بتفكيك دول المنطقة، وهو ما تعمل روسيا على منعه، بحسب الدراسة.
زهير أندراوس ـ رأي اليوم