المشهد اليمني الأول/
قال الكاتب والمحلل الأمريكي آدم تيلور إن زيارة قيادات سعودية إلى بريطانيا تحولت بالفعل إلى معركة علاقات عامة مريرة بين من يدعمون التحركات التي تقوم بها الرياض، ومن يتهمون السعودية بارتكاب جرائم حرب، الأمر الذي وضع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مأزق سياسي محرج.
وأضاف الكاتب -في تحليل نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية- أن معركة العلاقات العامة انحرفت أحياناً إلى منطقة مثيرة للسخرية حين ظهرت إعلانات مؤيدة للسعودية، إلى جانب مقالات على الإنترنت تنتقد السلطات السعودية.
ورغم أن الرياض تعتبر حليفاً اقتصادياً رئيسياً للندن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن سياسة السعودية الخارجية تثير جدلاً واسعاً في لندن.
وأشار الكاتب إلى أن استخدام السعودية العشوائي للقوة في صراعاتها السياسية في اليمن، كانت له عواقب وخيمة على المدنيين اليمنيين، مما أدى إلى تفاقم ما قد يكون أسوأ كارثة إنسانية على وجه الأرض.
ووفقاً لما ذكرته الأمم المتحدة العام الماضي، فإن أكثر من 10 آلاف شخص قد لقوا حتفهم في اليمن منذ العام 2015، وتشرد أكثر من 3 ملايين شخص، ويحتاج 80 % من السكان إلى مساعدات إنسانية.
وقال الكاتب: «إن ما يسبب حرجاً لجونسون ورئيسة الوزراء تيريزا ماي، هو أن بريطانيا مورد عسكري رئيسي للمملكة العربية السعودية. ووفقاً لأحد التقديرات، ارتفعت مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية بنسبة 500 % تقريباً، لتصل إلى 4.6 مليار جنيه (6.4 مليارات دولار)، بعد عام 2015، عندما بدأ التدخل السعودي في اليمن.
وتعتبر السعودية الآن الوجهة الأولى للأسلحة البريطانية الصنع. وكشف استطلاع للرأي أجرته «الحملة ضد تجارة الأسلحة» أن 6 % فقط من البريطانيين دعموا بشكل علني مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وأن 37 % عارضوا زيارة قيادات سعودية لبريطانيا. ولفت الكاتب إلى أنه في وسط لندن توجد حافلات مكتوب عليها رسائل تتهم الرياض بارتكاب جرائم حرب في اليمن، في حين استخدم مستخدمو وسائل الإعلام الاجتماعية هاشتاج يقول للرياض إن قياداتها «غير مرحب بهم».
وأبرزت منظمة إنقاذ الطفل -جمعية خيرية مقرها لندن- أيضاً محنة الأطفال في اليمن، عن طريق وضع تمثال صغير لطفل يقف تحت الأنقاض ويحدق في السماء خارج البرلمان. وفي الوقت نفسه، قررت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تنظيم احتجاج خارج داونينج ستريت.
ومع ذلك -والقول للكاتب- يبدو أن الاحتجاجات خارج البرلمان قد أحدث صدى داخلياً، فقد انتقد جيريمي كوربين -زعيم المعارضة- سجل المملكة العربية السعودية بشأن حقوق الإنسان، واتهم ماي «بالتواطؤ» في جرائم حرب مشتبه فيها في اليمن.
واعتبر الكاتب أن هذا الجدل المثار حول السعودية يضع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مأزق سياسي، في وقت تبحث فيه بريطانيا عن شركاء تجاريين أكبر مع مغادرتها للاتحاد الأوروبي، كما أن توسيع علاقاتها الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية سيساعدها على تحقيق ذلك.