المشهد اليمني الأول/
في ضوء الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، رأى الكاتب الأمريكي بروس ريدل أن تلك الزيارة تحمل دلالات على أن «الرياض متمسكة بسياستها الخارجية المتشددة»، وهي «تتوقع الدعم الكامل من جانب إدارة ترامب».
وأوضح ريدل، تحت عنوان: «ولي العهد السعودي قادم إلى واشنطن»، أن مخاوف المملكة العربية السعودية من موجة الفضائح التي تلاحق فريق إدارة الرئيس ترامب، والفوضى التي تعتمل في أوساط هذه الإدارة، تبقى «غير ظاهرة للعيان»، في ضوء الحرص الذي يبديه ولي العهد السعودي على «تأمين الدعم الدولي لنهجه (السياسي) المتشدد» إزاء طهران والدوحة، ولحربه على اليمن، المتواصلة منذ ثلاث سنوات. ففي زيارته الأخيرة إلى القاهرة «أبدى المصريون دعمهم الكامل للأجندة الإقليمية لبن سلمان»، وعكفوا على «وضع اللمسات الأخيرة على المسار القانوني من أجل نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية». وإذا كان التنازل عن الجزيرتين «لا يحظى بشعبية» داخل مصر، إلا أنه يأتي في إطار «دفع ثمن الدعم المالي السعودي». أما في لندن، فقد برزت معارضة «حزب العمال» البريطاني، وقطاع واسع من الرأي العام داخل المملكة المتحدة لحرب اليمن، فيما تمثلت «النتيجة الأبرز» لزيارة بن سلمان إلى العاصمة البريطانية بالإعلان عن صفقة لبيع الرياض 48 مقاتلة من طراز «تايفون»، التي قد تكون «أكبر صفقة أسلحة» تعقدها المملكة العربية السعودية منذ تعيين الأمير وزيراً للدفاع.
وفي معرض تعليقه على إقالة كبار قادة الجيش السعودي، خلال الشهر الجاري دون سابق إنذار، أوضح ريدل أن خلفيات القرار ترتبط بـ«إحباط محمد بن سلمان، الذي يعد الرأس المدبر لحرب اليمن»، من «الأداء غير المؤثر» للقوات السعودية في تلك الحرب، رغم الميزانية الهائلة التي تخصصها الرياض للدفاع. وشدد ريدل على أن السعوديين «يبدون عازمين على مواصلة مساعيهم الرامية إلى تحقيق نصر عسكري»، مشيراً إلى أن بن سلمان يرى أن القادة العسكريين المعينين حديثاً، سيحملون إيماناً عميقاً به.
وأردف الكاتب الأمريكي الشهير أن حرب اليمن تحولت إلى «مستنقع مكلف لا نهاية له في الأفق» للجيش السعودي، بالرغم من بعض «النجاحات المحلية» التي حققها الأخير بين الفينة والأخرى، مشيراً إلى أن القوات السعودية «بالكاد تمكنت من تجاوز الحدود» منذ بدء الحرب، فيما يتواصل إطلاق الصواريخ من قبل «الحوثيين» باتجاه أراضي المملكة، رغم غارات «التحالف» الكثيف.
وفي سياق الحديث عن تفاعلات حرب اليمن في الداخل الأمريكي، أوضح ريدل أن التيار «المعارض» لدعم الولايات المتحدة لـ«التحالف»، الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية هناك «يزداد قوة داخل أروقة مجلس الشيوخ»، شارحاً أن «الديمقراطيين الذي كانوا يبدون ترددهم في انتقاد الموقف الأمريكي (الداعم للرياض) إبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما، باتوا أقل تحفظاً حالياً، وقد أصبحوا يولون اهتماماً أكبر بالكارثة الإنسانية التي خلقتها الحرب» في ذلك البلد. ومع ذلك، فإن نجاح المملكة العربية السعودية في حجب معظم التغطية الإعلامية للحرب، لم يمنع البيت الأبيض من تحذير الرياض من مغبة تشديد الحصار على اليمن، وفق الكاتب.
وعن العلاقات الأمريكية – السعودية، لفت ريدل إلى أن علاقات الرياض بإدارة الرئيس ترامب، تعد «أوثق» من علاقاتها بأي من إدارات الرؤساء الأمريكيين السابقين بمن فيهم الرئيسين جورج بوش الأب والإبن، مستعرضاً مواقف البيت الأبيض الداعمة لارتقاء بن سلمان على سلم العرش، ولـ«رؤية 2030» التي أطلقها الأخير، شأنها شأن العديد من المبادرات التي يقف خلفها الأمير الشاب، مثل السماح للمرأة في السعودية بقيادة السيارة. وإذا كان الرئيس ترامب قد أبدى تأييده للحملة التي أطلقها بن سلمان ضد الفساد، فإن تلك الحملة قد لاقت انتقادات وسائل الإعلام الغربية، التي دأبت على وصفها بـ«عملية الابتزاز الخرقاء»، والتي «لا تحظى بقدر كبير من الشرعية»، لا سيما وأن تقارير المنظمات الحقوقية تتحدث عن تضاعف عمليات الإعدام داخل المملكة العربية السعودية منذ تعيينه ولياً للعهد.
وفي الإطار عينه، ذهب ريدل إلى أنه «بعيداً عن الاجتماعات (التي يعقدها المسؤولون الأمريكيون والسعوديون)، والتصريحات الرسمية، سيحاول السعوديون تقييم مستقبل فريق إدارة ترامب، بهدوء»، لا سيما وأن التحقيقات الجارية، والضغوط القضائية المتزايدة في ملف صهر الرئيس، جارد كوشنير، «باتت تهدد أكثر المحاورين قيمة، للأمير بن سلمان (في طاقم ترامب)». وعاب الكاتب على استراتيجية الرياض في تعاطيها مع الإدارة الأمريكية الحالية، أنها «مبنية، بشكل أساسي، حول الشبكة العائلية للرئيس ترامب، إلى جانب جماعات الضغط المكلفة، والتشدد تجاه إيران». وبحسب الكاتب، فإن لدى بن سلمان «خبرة قليلة في تعقيدات السياسة الأمريكية، التي باتت اكثر تعقيداً من أي وقت مضى» في عهد الرئيس ترامب.