المشهد اليمني الأول/
رأت مجلة «ناشونال إنترست» أن مشهد الإشتباكات في عدن قبل أسابيع، وتهشم خارطة التحالفات على الساحة اليمنية، يكشف عن حجم «الأزمة الوجودية» التي يواجهها اليمن.
وفي مقال أعده السفير الأمريكي السابق لدى اليمن، غيرالد فيرشتاين، شددت المجلة على أن الصراع بين حركة «أنصار الله»، وحكومة عبد ربه منصور هادي يعد أحد جوانب «القصة الأكثر تعقيداً للمجتمع اليمني المنقسم على نفسه»، مشيرة إلى أن استمرار الحرب، من جهة، وجمود المسار السياسي التفاوضي، الذي ترعاه الأمم المتحدة، من جهة أخرى، يبرزان أن بقاء اليمن كدولة موحدة بات «موضع شك».
وفي ضوء ما سبق، أضاف فيرشتاين، تحت عنوان «ما الذي سيحدث حين ينهار اليمن»، أن «للمجتمع الدولي مصلحة حيوية في ضمان بقاء اليمن (كدولة)»، واضعاً ثلاث خطوات من أجل التوصل إلى حل للأزمة اليمنية.
وبحسب فيرشتاين، فإن الخطوة الأولى تتمثل في الطلب إلى كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، بأن «تعاودا التعبير وبشكل صريح عن دعمهما للتوصل إلى حل تفاوضي للحرب الأهلية، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2216»، ما من شأنه إعادة تصويب موقف أبو ظبي «الملتبس»، في ما يخص ما يروج في شأن دعمها لـ «الإنفصاليين الجنوبيين»، على نحو ما ذهب إليه الكاتب.
أما الخطوة الثانية، فهي تتطلب أن «تقوم حكومة هادي بفعل المزيد لإثبات قدرتها على النهوض بمسؤوليات الحكم». فالحكومة المعترف بها دولياً، وإن كانت «لا تعد الطرف المسؤول عن تجمّد المسار التفاوضي» مع «أنصار الله»، إلا أنها «تتحمل مسؤولية الإنطباع السائد لدى عموم اليمنيين بأنها تخلت عن مسؤولياتها في ما يتعلق بتلبية احتياجات المواطنين، الذين بدورهم يواجهون حالياً أحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم».
وفي هذا الإطار، شرح فيرشتاين أن «ضعف الحكومة أسهم بشكل مباشر في وقوع الصدامات في عدن، مع توجه السكان الغاضبين والمحبطين، إلى المطالبة بتغيير رئيس الحكومة»، مضيفاً أن انهيار الإقتصاد اليمني، يشكل أبرز التحديات المحدقة بالبلاد، كونه أدى إلى افتقار ملايين الأسر اليمنية لأساسيات الحياة، من أغذية وأدوية وغير ذلك.
وأردف فيرشتاين أن الوديعة السعودية، المقدرة بمليارات الدولارات، لدى «المصرف المركزي اليمني»، سوف تساعد حكومة هادي على دفع رواتب 25 % من الموظفين الحكوميين، وتوفير المخصصات المالية اللازمة لبرامج الرعاية الإجتماعية، التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين، بعد توقف صرف تلك المخصصات منذ صيف العام 2016، موضحاً أن «قيام إقتصاد يمني فاعل» لن يفضي إلى إنهاء النزاع، ولكنه سيساعد في تخفيف القسم الأكبر من معاناة اليمنيين.
وتابع فيرشتاين، أن الخطوة الثالثة تقوم على «إرساء رؤية واضحة لاستئناف المفاوضات السياسية» بين أفرقاء النزاع في اليمن، مشدداً على أن تعيين مبعوث أممي جديد خاص باليمن «سيتيح للأمم المتحدة فرصة جديدة لإحياء المحادثات المتوقفة». ومن منظور الكاتب، فقد اضطلع المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية وسلطنة عمان، بـ «دور داعم» بصورة عامة، للعملية التفاوضية التي ترعاها الأمم المتحدة، إلا أنه «لم يتدخل بشكل إستباقي»، و«لم يعمد إلى رسم معايير واضحة لما قد يعتبره قراراً مقبولاً» لحل الأزمة اليمنية، علاوة على «عدم بذل الكثير من الجهود بهدف الضغط على الحوثيين، أو داعميهم الإيرانيين للعودة إلى طاولة المفاوضات»، والتركيز على عقد «جولات حوار دورية» مع ممثلين عن دول «التحالف» وحكومة هادي.
وفي هذا الإطار، لفت الكاتب إلى وجود «العديد من المقترحات لإعادة هيكلة طبيعة المفاوضات بشكل جوهري»، موضحاً أنها تعج بـ «النوايا الحسنة»، إلا أن «من شأنها أن تفاقم تعقيدات» الأزمة اليمنية، على نحو سيجعل من التوصل إلى حل للأزمة أمراً «شبه مستحيل».
هذا، وشدد الكاتب على ضرورة أن تبادر الأطراف المعنية، بخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية وسلطنة عمان، إلى وضع «استراتيجية واضحة» لدعم مسار المفاوضات الأممية، تحدد «توقعات» المجتمع الدولي من كافة أفرقاء الأزمة، وداعميهم الخارجيين، بهدف وقف الحرب.
ختاماً، ومع إشارته إلى أن وقف الحرب بين حركة «أنصار الله» وحكومة هادي «لن يضع حداً للأزمة اليمنية»، نظراً إلى أن ذلك يتطلب «إنخراطاً أكبر»، و«جهوداً مضاعفة» من جانب المجتمع الدولي، ذهب الكاتب إلى أن وقف الحرب في اليمن، سوف يتيح الفرصة لـ «إعادة إنعاش الاقتصاد»، و«معالجة الأزمة الإنسانية»، و«عودة الخدمات الحكومية الأساسية» للمواطنين، مشيراً إلى أن الأهداف المشار إليها «يجب أن تكون أولوية ترامب وشركائه (الدوليين)».