المشهد اليمني الأول/
تسعى واشنطن لـ«شرعنة» أي وجود لها على الأراضي السورية، فإما التدخل من باب الوجود العسكري بزعم القضاء على «داعش»، أو من خلال منظماتها الدولية لـ«حماية المدنيين» حسب زعمها، ومنذ بداية الحرب على سورية، صوّرت واشنطن للعالم أجمع أن الدولة السورية «أُسقطت» وتم استبدالها بـ«مجلس حكم انتقالي» تترأسه جماعات تم تشكيلها في أروقة القصور الغربية للمنظمة الدولية، وهم أنفسهم قادة الجماعات الإرهابية. فمحاولات «إسقاط» الدولة السورية أو «تغيير النظام» حسب تعبيرها لم تنحصر بفترة الحرب على سورية أي بفترة سبع السنوات الماضية.
فقد تحدث التقرير الذي نشره موقع مجلة «نيو إيسترن آوت لوك» عن السياسة الأميركية إزاء سورية، تلك السياسة الساعية لإطالة أمد الأزمة والمعاناة الإنسانية لأطول فترة ممكنة، وهذا ليس تقييماً سطحياً لأعمالها الحالية، بل إنه سياسة أميركية ممتهنة وحاضرة تتحدث عن نفسها، لذلك تسعى واشنطن -حسب الموقع- منذ عام 2012 وبعد فشل خطتها في «إسقاط» الدولة السورية ومؤسساتها لطرح مبادرات وخطط بديلة تسمح لها بالدخول لأي منطقة، مؤكداً أن ذلك يتم إما بتدخل مباشر أو عبر أدوات إقليمية تحمل أهدافاً استعمارية، فتبدو عواقب السياسة الخارجية الأميركية تتحدد في مصالح غربية خاصة، فلو كانت خطط الولايات المتحدة في سورية «إنسانية»، فمن الضروري والأجدر بها أن تعمل بالتنسيق مع الحكومة السورية في جهودها لتحسين الظروف الأمنية للبلاد. ولكن واشنطن بدلاً من ذلك تقوم بتقويض كل الجهود، متعمدة إنشاء ظروف لزعزعة الاستقرار والأمن.
وأشار التقرير إلى الخطة الأميركية القادمة تجاه سورية، والتي يتم إعدادها في كواليس البيت الأبيض تحت عنوان «إنقاذ سورية.. تقييم خيارات إسقاط الدولة»، فعلى الرغم من إدراك واشنطن عدم قدرة عناصر مايسمى «المعارضة» على القيام بأي دور، إلا أنها ستستمر في دعم هذه «المعارضة» بالمال والسلاح لتضمن احتمالية تحويل الهزيمة إلى نصر، أو العمل على إطالة أمد الأزمة السورية والمعاناة الإنسانية، وبالتالي إدخال الدولة السورية في مرحلة استنزاف، فلم تعترف الورقة الأميركية صراحة بالتدخل الأميركي في سورية بأنه ليست له علاقة بالأوضاع والعناوين الإنسانية، لذلك ستستمر الأزمة والذرائع الإنسانية لأطول فترة ممكنة.
ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة هي التي تهيّج الحرب على سورية، وترفع من حدة المواجهات، إما بتمويل الجماعات الإرهابية بالسلاح والعتاد والدعم اللوجستي أو بالدعم السياسي في المحافل الدولية، فما يحدث «اليوم» أن جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة الدولة تعيش سلاماً وازدهاراً، وحلب هي المثال الأقرب والمدينة الأكبر التي خرجت من معاناة إنسانية كبيرة بعد عودتها لكنف الدولة، والحقيقة الأنصع أن الأغلبية العظمى من السوريين النازحين من بطش الإرهاب الأطلسي يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الدولة.
وأوضح التقرير أن الادعاءات الأميركية المستمرة دائماً حول «حربها على الإرهاب» هي ذريعة للتدخل المباشر أو غير المباشر.
ولذلك، فالممر الأميركي داخل قاعات الأمم المتحدة «كمدافع عن المدنيين وعن الديمقراطية» أصبح مغموراً بأكاذيب وافتراءات تتضح نياتها وأهدافها، ومن خلال ذلك يتحتم على الدول المناهضة للإمبريالية ومشروعاتها بذل التضحيات لتقويض هذه المخططات الاستعمارية والقضاء عليها.