المشهد اليمني الأول/
يعيد تاريخ الصراع على ثروات المنطقة نفسه مجدداً، ولكن هذه المرة من البحر حيث كشفت احتياطات الغاز والنفط الضخمة في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، أحد الأسباب الحقيقية لأحداث المنطقة منذ عام 2011 إلى الآن، حيث تفرض التحولات والتغيرات الجيوسياسية نفسها على المنطقة، ما يجعل قضية استغلال موارد المنطقة من الطاقة، خصوصاً الغاز الطبيعي، أكثر تعقيداً وتشابكاً.
وتتسم المنطقة بقدر كبير من الأهمية، لكونها تتضمن احتياطات استراتيجية ضخمة من الطاقة، فوفقاً لتقديرات دولية، وصلت تلك الاحتياطات إلى ما يقارب 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وظلت قضية استغلال الموارد الطبيعية، مثاراً للخلاف الدائم في شرق البحر المتوسط، في وقت يفترض أن تحكمها اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين عدد من الدول.
أكبر وأضخم هذه الحقول حقل «ظهر» المصري ويعتبر وفقاً لتقديرات الخبراء بمنزلة تغيير لخريطة تجارة الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، إذ يعتبر الحقل الأكبر من نوعه في المنطقة، بحسب شركة الطاقة الإيطالية «إيني»، وتقدر احتياطات الغاز في الحقل بنحو 30 تريليون قدم مكعبة وفقاً للبيانات المصرية، ويتصدر وفقاً لذلك حقل «ظهر» خريطة حقول الغاز في شرق المتوسط، ولا يقل عنه أهمية حقل «تمار» ويقع مقابل سواحل سورية ولبنان وقبرص والأراضي الفلسطينية المحتلة على بعد 80 كيلومتراً غربي حيفا، ويحتوي على احتياطي من الغاز يبلغ 10 تريليونات قدم مكعبة، وغيرها من الحقول الموزعة بين قبرص والساحل الشرقي للبحر المتوسط.
وبناء على ما سبق تعيش منطقة حوض شرق البحر المتوسط هذه الأيام قلقاً غير مسبوق، حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً بين عدد من دول المنطقة، وتهديدات وصلت حد التلويح بالتدخل العسكري كما جرى بين تركيا ومصر وقبرص، وظهرت هذه الخلافات بين دول منطقة شرق البحر المتوسط بشكل جماعي خلال شهر شباط الماضي، فتركيا من جانبها ترفض اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، ولم تكتفِ بالرفض بل تحركت لتعترض سفينة إيطالية تابعة لشركة «إيني» للتنقيب عن النفط في المياه القبرصية.
أما مصر فأعلنت التأهب عقب اعتراض أنقرة على اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة ونيقوسيا، وأنها ستتخذ كل الوسائل للحفاظ على سيادتها، ثم ترد تركيا، ودخلت قبرص على الخط حينما أكدت أن أنقرة تعرقل عمليات التنقيب التي تقوم بها قبالة مياهها الإقليمية، من جانبه دخل الاحتلال الإسرائيلي على الخط، وحذر لبنان من التنقيب عن النفط في «بلوك 9»، ولبنان رد بأن البلوك التاسع في مياهه الإقليمية، وترسيم الحدود الذي جرى بين قبرص و«إسرائيل» غير قانوني.
وقدرت الوكالة الأمريكية للطاقة احتياطي هذا الحوض من النفط بـ 7,1 مليارات برميل، ومن الغاز بـ 122 تريليون قدم مكعبة، وبهذا الاحتياطي من الغاز فإن هذا الحوض يعدّ من أهم أحواض الغاز في العالم.
*ضياء الصفدي