المشهد اليمني الأول| متابعات
ها هي تركيا (ذات الحكومة الإخوانية) اليوم تُطبِّع علاقاتها مع “اسرائيل”, وتعتذر وتأخذ تعويضات سفينة مرمرة التي من الأساس لم تكن خاصة بها (مع احترامي الشديد لدماء الشهداء التي امتزجت مع مياه البحر المتوسط).
إلا أن هذه السفينة كانت تضم شخصيات من مختلف الجنسيات فمنها الفلسطيني والسوري واللبناني وغيرهم أحرار العالم وشرفائه. فقد كانت حملية فك الحصار عن غزة من خلال سفينة مرمرة مشروعاً خالصاً قائماً بحد ذاته على معاناة شعب فلسطين في غزة وعلى الحصار اللا انساني المفروض عليهم عربياً وصهيونياً.
لسنا اليوم بصدد محاكمة تركيا وأردوغان تحديداً, وفتح ملف سفينة مرمرة وأسراره (فكل شيء في وقته المناسب). إلا أنه لا بد للإشاره إلى أنه وخلال استمرار الحصار على حركة حماس في غزة فإن عدة لقاءات جمعت بين كل من رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولكي لا نلقي التهم جزافاً على حماس ونقول أنهم جزء من الصفقة التركية-الصهيونية إلا أننا سنقول أن حركة حماس كانت على دراية بهذه الصفقة كما وكانت على اطلاع بتفاصيلها التي نُشرت والتي لم تُنشر بعد. وما لم ينشر فهو السري منها والذي جاء تحت عنوان “أوسلو إسلامي” في غزة.
بعد خروج خبر الصفقة التركية-الصهيونية للعلن, كان ملفتا تأخر حركة حماس بإصدار بيان إستنكارها لصفقة تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا.
إلا أن تركيا ليست بحاجة للتطبيع, إلا أنه لا بد للتساؤل, فكيف لحماس السلطة أن ترفض تطبيع العلاقات مع أبناء جلدتها من حركة فتح ورفض تسليم معبر رفح للسلطة وحل مشكلة الحصار القاتل لغزة والشعب الفلسطيني وأن تكشف للشعب بأنه لايوجد انقسام بين فتح وحماس بقدر ماهو صراع على السلطة.
نحن نعلم أن المشهد الفلسطيني في مأزق كبير والكل فيه مأزوم لأنه جزء من المشهد العربي الأكثر تأزماً حيث ترسم خرائط جديد لهذا الوطن العربي بدماء الأبرياء.
لكن لابد من الوقوف على الصمت المريب لحركة حماس وبيانهاالخجول ضد العدو, وصوتها “الملعلع” ضد أبناء جلدتها في حركة فت أو أي من الفصائل الفلسطينية التي تنسج علاقة طيبة مع أي دولة عربية.
إن حركة حماس مطالبة اليوم بتطبيع العلاقات مع حركة فتح وإطلاق سراح أسرى الرأي من المواطنين الفلسطينيين داخل سجونها واطلاق سراح “المتهمين” بإنتمائهم لحركة فتح الفلسطينية التي تعتبرها حركة حماس خيانه, حيث أفادت معلومات سابقة لموقع بانوراما الشرق الأوسط أن الحركة أضافت مؤخراً إلى سجل اتهاماتها للمواطنين تهمة “التخابر مع حكومة رام الله”!!! الف سطر تحت كلمة “تخابر”.
فإذا كانت حركة حماس تبحث عن علاقة طيبة مع إيران من أجل “المال” فقط ومع أمريكا والكيان الصهيوني من أجل “الشرعية” ومع العرب من أجل “السلطة”, فنقول لها أن كل ذلك لن يجديها نفعاً أمام شرعية الشعب الفلسطيني.
نعتقد أن على حماس أن تراجع نفسها وخاصةً بعد هروب أهم قياداتها إلى أحضان الكيان الصهيوني وتسليمه معلومات عن الأنفاق وهروب آخرين إلى دول عربية وتسريبهم معلومات عن التنسيق الأمني الذي حصل في تركيا، ولا بأس أن تدرك حماس أنه في عصر التكنولوجيا لايوجد شيء مخفي وأنها لن تستطيع أن تخفي شيء, فالحقيقة جاثية على صدور الشعب الذي نراه اليوم يشعل إنتفاضة مقدسة ضد قادةٍ لم يكونوا على قدر المسؤولية.
شبابنا اليوم ينتفض كي لا يدعي أحد بعد اليوم أنه معبرنا إلى الله وجسرنا نحو الجنة ومخلصنا من مآسينا فلا أنتم سدة الدين ولا نحن كفار قريش، وبعد أردوغان وقبله مرسي ومن قبله راشد الغنوشي لو كنت بدل أوباما لضحيّت بثلث أمريكا ولا أضحي بالإسلام السياسي.
محمد مشهراوي ـ بانوراما الشرق الأوسط