المشهد اليمني الأول/
تتسابق معظم دويلات الخليج للتطبيع مع العدو الإسرائيلي وكأنها في سباق محموم مع الزمن للوصول إلى القمة في العلاقات مع العدو. والمشاهد المفرج عنها مؤخراً لحجم الودّ بين الطرفين تدل على حجم العلاقات بينهما.
فبعد أن وصلت السعودية إلى لحظة الإعلان النهائي عن تطبيعها الكامل مع العدو تظهر البحرين بصيغة مماثلة ترسخ المسار التصاعدي الذي تتخذه علاقة هذه المملكة مع كيان الاحتلال وخصوصاً أن القليل الذي يعلن عنه بين الفينة والأخرى كفيل بتظهير الصورة الكاملة لهذا التحالف الذي يتجاوز بكثير مفهوم التطبيع.
تهرول البحرين نحو عقد علاقات اقتصادية وسياسية طبيعية وقوية مع العدو, تارة بذريعة «التسامح بين الأديان» وتارة أخرى بمهرجانات الرقص وتشابك الأيدي مع حاخامات الصهاينة, وتارة ثالثة بالوقوف تحت مظلة رياضية مشتركة مع العدو.
وتأتي زيارة حاخام كنيس هامبتون في نيويورك ماركشناير، إلى البحرين دليلاً إضافياً لهذا التقارب, حيث خصص الحاخام جزءاً من زيارته لمدح ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليقة بزعم أنه «داعم» «لحوار الأديان» لكنه في الحقيقة داعم أساسي «لإسرائيل» على حدّ اعتراف الحاخام الذي أبرز في الصور التي نشرها كرم مضيفيه وحفاوة الاستقبال الذي حظي به مع الوفد المرافق له.
هذا ذاته ما ظهر أيضاً أثناء الزيارة العلنية لوفد بحريني من جمعية «هذه هي البحرين» لكيان الاحتلال في كانون الأول الماضي، تزامناً مع الاحتجاجات والغضب على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس «عاصمة» لـ«إسرائيل».
الواضح في علاقات البحرين مع «إسرائيل» إصرار حكام البحرين على تحرير أنفسهم على غرار حكام السعودية من كل الخطوط الحمراء أثناء لجوئهم إلى العدو والتجمع حوله بما في ذلك نسف القضية الفلسطينية والحقوق العربية المسلوبة لينتقلوا إلى مرحلة العلانية بعد أن طووا صفحة السرية التي تعود إلى عشرات السنين.
والمرحلة الجديدة كان قد دشنها ملك البحرين بداية العام الجاري بإدانته الشديدة واستنكاره الأشد للمقاطعة العربية لـ«إسرائيل», داعياً البحرينيين إلى زيارة كيان الاحتلال وذلك خلال اجتماعه مع حاخامات صهاينة في مركز «سيمون فيزنتال» اليهودي في لوس آنجلوس حيث قال حرفياً: نحن العرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع «إسرائيل».
لا يكاد يمر أسبوع منذ بداية العام الجاري حتى الآن إلا ويتم نشر خبر عن سعي دول الخليج للتقارب مع العدو, حيث كان العام الجاري نقطة الانطلاق نحو العلانية في انعطاف البحرين نحو «إسرائيل» ويعود ذلك إلى رغبة سعودية, كون حكامها وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان يصرون على الوجود في الساحات الإسرائيلية بمختلف المجالات وفتح الممرات الإقليمية نحو هذه الساحات وفقاً للمخططات الأمريكية.
وبالتالي لم يحجموا عن الترويج للتطبيع وخرق المبادئ الأخلاقية والتاريخ العربي الذي أُذل بذكرهم فيه, بل أصروا على «مشروعية» الاتجاه و«صحته» بكل صفاقة كما هو مطلوب منهم لتسويغ الانفتاح على العدو.
أميط اللثام عن اتجاهات البحرين نحو العدو وباتت جاهزة للانخراط في كل أشكال التطبيع, وتبدو الإمارات أيضاً على الخطى ذاتها بعد تسريب العديد من الأخبار التي تحدثت عن تطبيع اقتصادي عالي المستوى بين الطرفين.
وبذلك يكون عربان الخليج على مشارف إكمال طوق التطبيع المرافق لماكينة إعلامية تروج للمنابر والخطابات التي تجعل فكرة العدو الإسرائيلي «من الماضي الذي ولى», وتكرس فكرة أن «التعامل مع العدو خيار وحيد وأمر طبيعي مرحب به»!.
بقلم/ رشا عيسى