المشهد اليمني الأول/
خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي شهدنا إحباط محاولة ثلاثة من الأعضاء الغربيين دائمي العضوية فيه لحشر إسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب الطاحنة والعبثية للسعودية على الشعب اليمني المسلم والمسالم، بحجة ظلوع طهران في تزويد الجيش اليمني بالسلاح!
العارفون بخفايا الأمور وقراءة ما بين السطور يدركون حقيقة ما يدور خلف الكواليس وما تقوم به واشنطن ولندن وباريس من تصدير مليارات الدولارات من السلاح الفتاك شهريا إلى السعودية لتمكين الآلة السعودية المجرمة من قتل الألوف من المواطنين اليمنيين العزل وهدم دورهم ومساجدهم ومشافيهم على رؤوسهم، دون ذنب لهم، ودون تحقيق أي نصر عسكري، طيلة السنوات الثلاث الماضية.
أما بشأن الادعاءات التي طرحت في مجلس الامن حول تزويد ايران لليمنيين (المعتدى عليهم) بالاسلحة دون أي دليل وبينة، ويأتي هذا في ظل استمرار تأكيد المسؤولين في صنعاء على أن صواريخهم المطورة هي محليةالصنع من نوع “سكود” و”توشكا” و”بركان” و”زلزال” وغيرها، وما برحت تصل إلى أهدافها العسكرية في عمق الأراضي السعودية وعلى الحدود مع اليمن وقبالة سواحله على البحر الأحمر.
وهذا لا يعني فقط أن هناك قدرات صاروخية كبيرة لا تزال تتوفر لدى اليمنيين مما سبق أن حصلوا عليه من مستودعات الجيش اليمني الضخمة ومخزوناته الكبرى طيلة حكم صالح، بل يعني كذلك أن جزءاً من تلك القدرات شهد بعض التطوير والتحديث بالإضافة إلى إنتاجهم أنواعاً جديدة أخرى من الصواريخ، محليا.
أكثر من ذلك؛ فإن المظلومين اليمنيين تمكنوا بمساعدة خبراء من تصنيع طائرات دون طيار قادرة على القيام بمهام استطلاعية وأخرى لحمل رؤوس متفجرة للدفاع عن بلدهم.
ولعل تصريحات علي عبد الله صالح تؤكد المخزون الاستراتيجي الهائل والكم الكبير من العتاد والذخيرة، حيث قال صالح في مقابلة صحفية في شهر يونيو 2017، إن إيران لم تدخل طلقة واحدة إلى الأراضي اليمنية، مشيراً إلى أن كل الصواريخ الباليستية اليمنية هي مخزونات استراتيجية جمعها عندما كان رئيساً، مضيفاً بأنها صواريخ “الشهيد الحي”، وقد شدد حينها على أن هذا المخزون الضخم لن تطاله الصواريخ والطائرات السعودية أبدا.
وتخلص تحليلات معظم الخبراء العسكريين إلى أن تلك المنظومة من الصواريخ الباليستية والطائرات الموجهة لدى قوات اليمنيين، وإن لم تكن قادرة على معالجة الخلل في موازين القوة مع القوات السعودية والمتحالفة معها، إلا أنها تشكل قوة ردع لا يستهان بها في الدفاع عن صنعاء.
في المقابل فإن الدول الغربية ذاتها -مضافاً إلى السعودية – تصب الزيت على النار المشتعلة في اليمن. ومن المهم الإشارة إلى أنه لا يمكن حصر العتاد العسكري للقوات التابعة لمنصور هادي، كونها تتلقى دعماً مفتوحاً من السعودية، بل هناك العديد من المساعدات العسكرية الغربية المعلنة والخفية له ولمرتزقته، حيث أفرجت الولايات المتحدة، في العام 2014، عن مساعدة عسكرية لمنصور هادي بقيمة 26 مليون دولار، لتعزيز قدرات قواته العميلة للسعودية والامارات، إضافة إلى مساعدة بقيمة 1.2 مليون دولار لدعمه.
جدير بالذكر أن الإدارة الأميركية تسعى إلى انخراط أكبر وأوسع في حرب اليمن، حيث طلب وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، في شهر مارس/آذار الماضي، من البيت الأبيض رفع القيود المفروضة على مساعدات واشنطن العسكرية للدول الخليجية الغازية لليمن.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” حينها، عن مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب، أن الطلب الذي تقدم به ماتيس، لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، اللفتنانت جنرال هربرت ماكماستر، ينص على أن “الدعم المحدود” للسعودية و الإمارات في اليمن لا يساعد على مواجهة “التهديدات المشتركة”.
إذن فقد كان الفيتو الروسي الأخير في مجلس الأمن الدولي في محله، لأن طهران بريئة من هذا الاتهام.
العجيب في الأمر أن الاستكبار يحث العالم على خنق المظلومين اليمنيين المعتدى عليهم وتشديد الحصار عليهم ويدعو (ويمارس عمليا) لدعم آل سعود المعتدين ويمدهم بكل أنواع السلاح والعتاد، ليل نهار، ليقتلوا جيرانهم المسلمين المسالمين؛ [أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون*َ (36)] (سورة القلم/ ص 565)
* بقلم/ حيدر الزيدي