المشهد اليمني الأول/ رشيد الحداد – العربي
شهدت أسواق صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله» خلال اليومين الماضيين، أزمة غاز منزلي خانقة، وفي أقل من 48 ساعة ارتفع سعر أسطوانة الغاز سعة 20 كيلوغرام من 4700 ريال إلى 6000 ريال، وهو ما أثار حالة من الهلع في أوساط المواطنين.
مصدر مسؤول في «الشركة اليمنية للغاز» الحكومية، حمّل تجار ووكلاء الغاز المسؤولية الكاملة عن اختناق السوق بمادة الغاز المنزلي.
وأكد المصدر في تصريح لـ«العربي»، أن «الأزمة مفتعلة من قبل التجار الذين حاولوا الضغط على حكومة الإنقاذ، وقيادة الشركة في صنعاء للتراجع عن مساعيها لضبط أسعار الغاز المنزلي بما يحفظ حقوق المستهلكين».
وأشار المصدر إلى أن «الجانب الحكومي اتفق مع تجار الغاز على تحديد سقف موحد للبيع في السوق المحلي دون مغالاة»، لافتاً إلى أن «التجار وقعوا على محضر بيع محدد بـ 3000 ريال للدبة الواحدة وزن 20 كيلوغرام، إلا أن تجار آخرين يحاولون إفشال الاتفاق وعدم التوقيع على المحضر».
وشدد المصدر على أن «عدداً من كبار تجار الغاز يقفون وراء الأزمة التي شهدها السوق المحلي خلال اليومين الماضيين»، مشيراً إلى أن «الشركة رصدت قيام تجار بوقف إمدادات الغاز من مأرب إلى صنعاء، وآخرين أخفو الغاز وأحجموا عن البيع في محاولة منهم للضغط على الدولة وإجبارها على العدول عن فرض سعر محدد»، معتبراً أن «البيع بأسعار تفوق القيمة الحقيقية بأضعاف غير مشروع».
من جانبه، اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك، فضل منصور، أن «ما يحدث من مغالاة في سعر الغاز المنزلي يعكس حالة الجشع التي يعيشها التجار وعدم مراعاة ظروف المواطن اليمني»، محملاً حكومة «الإنقاذ» مسؤولية «ضبط السوق وحماية المستهلك».
أكثر من إجراء
وزير المالية في حكومة «الإنقاذ»، حسين مقبولي، توعد تجار الغاز المغالين بالأسعار بإجراءات رادعة. وأكد مقبولي خلال لقاء جمعه بكبار تجار الغاز، أمس الثلاثاء، أن «الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه القضية وستعمل على إيجاد الحلول الممكنة».
وألمح مقبولي إلى أن «الدولة قادرة على فتح باب الإستيراد من الخارج ووقف نشاط المتلاعبين بموجب القانون»، مشيراً إلى أن «كل الخيارات مطروحة في سبيل توفير مادة الغاز بالأسعار المعقولة للتخفيف عن كاهل المواطن المغلوب على أمره».
ودعا كبار تجار الغاز المتحكمين بالسوق المحلي إلى «البيع وفق ضوابط وآليات يتم الإتفاق عليها، وتفضي بتوفير مادة الغاز بالأسعار المعقولة والمناسبة وتعمل على استقرار السوق بمادة الغاز».
أسباب الصراع
تعود أسباب الصراع الجديد بين حكومة «الإنقاذ» وكبار تجار الغاز، إلى استغلال التجار حاجة المواطن لمادة الغاز المنزلي ورفع الأسعار بشكل تصاعدي يوماً بعد آخر.
مصدر حكومي أكد لـ«العربي» أن «تجار الغاز يحتسبون 3200 ريال أجور نقل من منشآت صافر الغازية إلى صنعاء على كل 20 لتر من الغاز مختلقين مبررات واهية»، وأشار إلى أن «التجار عمدو إلى احتكار السوق وفرض أسعار تفوق 350% من السعر الرسمي المحدد من قبل الشركة بـ 1250 ريال للدبة، مما ضاعف معاناة المواطنين في ظل تراجع مستويات الدخل».
تجار الغاز
خلال الأعوام الثلاث من الحرب والحصار تمكن 42 تاجراً من بناء امبراطوريات مالية على حساب المواطن البسيط. فريق قانوني أكد في بلاغ للنائب العام، ماجد الدربابي، الأسبوع الماضي، حصل «العربي» على نسخة منه، امتلاك تجار الغاز العاملين في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله»، أكثر من 3000 صهريج لنقل الغاز من مأرب إلى صنعاء.
وأشار البلاغ إلى أن رباح كل تاجر من كل صهريج غاز يصل صنعاء يبلغ 7 ملايين ريال، وهو ما اعتبره البلاغ إثراء غير مشروع وفساداً يتهدد الاقتصاد الوطني.
واتهم الفريق القانوني في البلاغ 42 تاجر غاز في صنعاء وعدد من المحافظات، بتحقيق مكاسب تصل إلى مئات المليارات على حساب استقرار المواطن البسيط واستقرار الاقتصاد الوطني.
ونوّه البلاغ إلى أن تجار الغاز يحددون لأنفسهم أجور نقل وعمولات وربح غير محدودة محملين المواطن غياب رقابة الدولة.