المشهد اليمني الأول/
بعد أيام عديدة على قرار باكستان إرسال أكثر من ألف جندي من قواتها إلى السعودية، لا تزال الأسباب التي دفعت إسلام آباد إلى هذه الخطوة مجهولة، لكن القرار أثار جدلاً داخلياً، ففي حين وصفتها إحدى الصحف الرئيسية بـ”اللغز” طالب سياسيون بإجراء نقاش حول الموضوع، وجرى استدعاء وزير الدفاع للمثول أمام البرلمان بهذا الخصوص.
القرار يأتي بعد ثلاث سنوات على رفض باكستان إرسال جنود للمشاركة في الحرب السعودية على اليمن. وفق البيان الرسمي للجيش الباكستاني فإن “القوات الجديدة ستكون في مهمة تدريبية واستشارية ولن تنتشر خارج حدود المملكة وتحديداً في اليمن”. لكن بالرغم من ذلك ومن محاولات تبرير وزير الدفاع الخطوة بوجود 1600 جندي باكستاني في السعودية من قبل لا تزال الأوساط السياسية مستاءة أمام ما تراه وضعاً محيّراً. وفي هذا السياق توجه النائب في البرلمان رضا ربّاني إلى وزير الدفاع بالقول “إن ما قاله الأخير لا يقدّم أي إجابة حول القرار الذي اتخذ وأن تصريحاته ليست مناسبة”. وهدد ربّاني وزير الدفاع بحجب الثقة عنه في حال رفض تقديم تفاصيل إضافية، بحسب ما نقلت صحيفة “داون” المحليّة.
في ظلّ الغموض الذي يكتنف القرار رجّح محللون أن تكون المهمة الحقيقية للقوات الباكستانية حماية العائلة الملكية بعد أشهر من عملية التطهير التي أدت إلى اعتقال مئات الأمراء من أنسبائها. في هذا السياق ينقل موقع “ميدل ايست آي” عن كمال علّام الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة “أن المسألة قد تكون داخلية إذ إن السعوديين لا يثقون برجالهم لذلك هم يستقدمون باكستانيين”.
وهي لن تكون المرة الأولى التي يحرس فيها باكستانيون العائلة المالكة. ففي بداية السبعينيات تطورت العلاقة بين الملك فيصل ورئيس الوزراء الباكستاني آنذاك ذو الفقار علي بوتو، بحيث شهدت المملكة أول وجود عسكري باكستاني على أراضيها.
وفي عام 1982 أرسل الرئيس الباكستاني الجنرال محمد ضياء الحق إلى السعودية كتيبة مدرعة بطلب من الملك فهد، وكانت عبارة عن قوة قتالية من النخبة مهمتها “حماية المملكة من أي عدو داخلي وخارجي”، وفق ما كتب بروس ريدل المحلل السابق في “سي آي إيه” هذا الأسبوع.
ريدل قال للموقع البريطاني إن الانتشار الجديد سيكون عبارة عن “قوة حماية خاصة لولي العهد محمد بن سلمان تدعم الحراسّ السعوديين”، مضيفاً “أن ولاء هذه الوحدة سيكون له ولباكستان في حال قرر أعداؤه الإطاحة به أو قتله بعد أن صنع لنفسه أعداءً كثر في السنوات الثلاث الماضية من بينهم أفراد من العائلة الملكية”.
لماذا القضية على هذا القدر من الحساسية في باكستان؟
في الوقت الذي طوّرت اسلام آباد والرياض علاقة وثيقة خلال السنوات الماضية حاول الباكستانيون كثيراً أن يزيلوا الانطباع السائد بأنهم دمى تحركهم السعودية، وفق ما يقول علاّم. وقد انصبّ تركيز قائد الجيش الحالي الجنرال قمر جاويد باجوا منذ تسلمه منصبه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 على بناء علاقات حول الخليج بما في ذلك مع ايران. ويمكن للانتشار العسكري الجديد في السعودية أن يؤثر على هذه الجهود بالرغم من أن باجوا أجرى اتصالات مع كل من ايران وتركيا وقطر قبل الاعلان عن الخطوة.
علّام استبعد نشر الجنود الباكستانيين في اليمن أقلّه لأنهم لا يجيدون اللغة العربية” لكن الأمر قد لا ينسحب على الحدود السعودية اليمنية. وذكر الموقع ما نقله العام الماضي عن مصادر باكستانية رفيعة بأن الجيش الباكستاني خطط لإرسال كتيبة مقاتلة لحماية الحدود من هجمات الحوثيين. وخلص علّام إلى أنه في ظل عدم وجود أي إيضاحات ستستمر التكهنات مشيراً إلى أنهم “إمّا أنهم يخبئون مهمة هذه القوات أم أنهم لم يقرروا بعد ماهيتها”. وقال “ميدل ايست آي” “إن السفارة السعودية رفضت التعليق على التقرير”.