المشهد اليمني الأول/
تواصل الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات جهودها لكشف ملفات الانتهاكات الخطيرة التي تمارسها دولة الإمارات على المستوى المحلي والدولي، معتمدة في ذلك على شهادات وأدلة موثقة تحصل عليها الحملة من مصادر معنية.
وبرغم أن الإمارات هي إحدى الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلا أنها تعد واحدة من أكثر الدول انتهاكا لملف حقوق الإنسان. ولا تتوقف البيانات والتقارير الأممية بين الحين والآخر التي تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، وممارسات الدولة للانتهاكات داخل وخارج أراضيها. أحدث التقارير الأممية التي انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، هو التقرير الأممي الصادر عن المفوضية الأممية المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والذي تم عرضه على المجلس في يناير/كانون الثاني الماضي، وواجه آنذاك انتقادات لاذعة لأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، معربا عن قلقه من توثيق حالات اختفاء قسري، ومحاكمة نشطاء حقوقيين لتعبيرهم عن آرائهم، وتعذيب سجناء وظلم لعمال أجانب وتمييز ضد المرأة وتبعية القضاء للسلطات التنفيذية.
كما تحدث التقرير عن حالات اختفاء قسري وإيقاف أشخاص دون أمر توقيف وسجنهم في مرافق احتجاز سرية بمعزل عن العالم الخارجي، وأشار إلى معلومات وأدلة موثوقة تفيد بأن كثيرا من هؤلاء الأفراد تعرضوا للتعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة.
وأعرب التقرير الأممي عن أسفه، لأن قانون الإجراءات الجزائية لا ينص على حد أقصى للاحتجاز السابق للمحاكمة، وأشار إلى وقوع مخالفات في هذا الصدد تتعلق بحرمان المحتجزين من الاتصال بأسرهم خلال الاحتجاز السابق للمحاكمة. وفيما يتعلق بالحريات الأساسية، أشار التقرير إلى محاكمة العديد من النشطاء تحت ذريعة الأمن القومي، ودعا إلى وضع حد لمضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان وترهيبهم واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير، وإلى الإفراج فورًا عن المدافع المشهور عن حقوق الإنسان أحمد منصور وأعربت مفوضية حقوق الإنسان عن تخوفها من أن اعتقاله انتقاما منه بسبب تعاونه مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإعرابه عن آرائه في وسائل التواصل الاجتماعي.
حصار قطر يفضح انتهاكات أبوظبي
الحصار الضاري الذي تفرضه الإمارات بالتحالف مع (السعودية ومصر والبحرين) ضد دولة قطر، يعد ملفًا خطيرا ترتكب فيه الإمارات انتهاكات كبيرة في ملف حقوق الإنسان.
وكانت البعثة الفنية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد أكدت في تقريرها الخاص بالأزمة الخليجية على حقوق الإنسان، أن الأثر الاقتصادي الذي خلفته الأزمة الخليجية الراهنة يماثل ما تخلفه الحروب الاقتصادية، حيث جاءت مصحوبة بخسائر مالية كبيرة لحقت بدولة قطر وبالشركات وكذلك الأفراد. وأوضحت في تقريرها حول تأثير الأزمة الخليجية على حقوق الإنسان، أن معظم الحالات المتضررة من الوضع الحالي تبقى دون حل، ومن المرجح أن يظل تأثير الأزمة مستمرًّا بالنسبة لهؤلاء الضحايا، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين عانوا من الانفصال والفُرقة الأسرية، أو الذين خسروا وظائفهم، أو أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى أصولهم وممتلكاتهم. وخلص الفريق الأممي في التقرير الذي تضمن 7 عناصر شملت التأثيرات المتنوعة لحصار قطر على مختلف القضايا الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلى أن التدابير التعسفية المنفردة التي تتألف من قيود شديدة على حركة التجارة، وفسخ وتعطيل المعاملات والتبادلات التجارية والتدفقات المالية والاستثمارية، فضلا عن تعليق التبادلات الاجتماعية والثقافية، من شأنها أن تخلف أثارا وخيمة على تمتع الأشخاص المتضررين بحقوق الإنسان وبالحريات الأساسية.
دور مشبوه في إفريقيا
وفي مطلع فبراير/شباط الجاري، لوحت عدد من الدول الإفريقية في قمتها بأديس أبابا، عن إمكانية رفع شكوى إلى الاتحاد الإفريقي، ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب نشاطها المتنامي في الصومال والقواعد العسكرية في إريتريا. واتهمت الإمارات بتقويض الوضع في الصومال، ومساندة أقاليم بهدف التمرد على رئيس البلاد نتيجة مواقفه من ألازمة الخليجية ، وذلك على هامش انعقاد القمة الإفريقية الـ30 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وبحثت القمة الـ 30، ملفات رئيسية أبرزها ملف التطرف والإرهاب بالقارة وسبل مكافحته، والنزاعات وعدم الاستقرار في كل من الصومال وجنوب السودان وليبيا، تحت شعار “الانتصار في مكافحة الفساد.. نهج مستدام نحو التحول في إفريقيا”. وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، في تقرير لها في سبتمبر/ايلول الماضي، فإن دولة الإمارات تحاول بسط نفوذها في شرق إفريقيا عن طريق إنشاء قواعد عسكرية لها في الصومال وإريتريا. وكانت قناة معهد “ستراتفور” الأميركي نشرت قبل أشهر تقريرا يتضمن صورا للأقمار الاصطناعية تبين توسع الإمارات في القرن الإفريقي. وكشفت الصور عن قاعدة عسكرية جوية وميناء بحري تستخدمهما القوات العسكرية الإماراتية باليمن، وهو الأمر الذي يمنحها أيضا سيطرة على خليج عدن وشرق إفريقيا على المدى البعيد.
جرائم أبوظبي في ليبيا
الإمارات متهمة أيضا وفقا لتقارير حقوقية دولية بارتكاب جرائم وانتهاكات تمس حقوق الإنسان في ليبيا، حيث كشفت عدة تقارير دولية عن تورطها في عمليات تهريب البشر، بليبيا، والاستفادة من عائدتها. وبحسب موقع “العربي الجديد”، فإن دلائل تشير إلى تورط الإمارات في دعم وتمويل تجارة البشر التي تشمل المهاجرين الأفارقة المارين في ليبيا. ونقل الموقع على لسان مسؤول رفيع المستوى بجهاز الهجرة غير الشرعية في ليبيا، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي أدلى بها، فإن “الإمارات ليست السلطات الوحيدة المتورطة في هذه التجارة، فهناك دول أخرى، لكن الأهداف تختلف، فمنها الحصول على العمالة الرخيصة عبر تسهيل وصول المهاجرين إلى دول أوروبية، ومنها سياسية كتمويل الإمارات وغيرها لهذه الأنشطة”. وقال المسؤول الليبي “الوثائق لدينا ومن بينها اتصالات هاتفية تم اعتراضها تثبت وقوف سلطة أبوظبي وراء تشجيع ودعم أسماء خطرة يعملون كمهربي بشر، من بينهم رجل يدعى “كحاس” من بلدة “عدي خالا”، وآخر يدعى “أبوحمدي”، يعيش في كسلا، وثالث اسمه “ودي تولدي”، وهو إثيوبي”. وعن شكل التمويل والدعم الذي تقدمه الإمارات لهؤلاء المهربين، قال المسؤول: “من قبيل تزويدهم بسيارات النقل الصحراوية الحديثة التي قبض على الكثير منها وكذلك التسليح، فشبكات المهربين لا تقتصر على تهريب البشر فقط إنما لها أنشطة أخرى”. وحول الأسباب السياسية للإمارات لدعمها الاتجار بالبشر، رجّح البعض أن تكون أبوظبي تعمل على تشجيع “الهجرة باتجاه دول بعينها في أوروبا، كي تستخدمها كورقة ضغط على هذه الدول، وتحقيق مآرب سياسية.
جرائم أبوظبي في اليمن
التقارير الأممية أيضا تفضح بين الحين والآخر الممارسات والانتهاكات الخطيرة التي تمارسها الإمارات في اليمن، حيث تعتبر إحدى أهم الدول المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية لحرب الحوثيين في اليمن.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السعودية والإمارات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، محذرة من أن تراجع الحكومات المدافعة عن حقوق الإنسان يخلف فظائع جماعية. وقالت المنظمة غير الحكومية -في تقريرها السنوي لعام 2018- إن الانتهاكات التي ارتكبتها السعودية والإمارات في اليمن يرقى بعضها إلى جرائم حرب. وجاء في التقرير أن القوى الكبرى واصلت دعم التحالف العربي -الذي تقوده السعودية- المسيء في اليمن، حيث تعرض المدنيون لهجمات جوية وصفها بأنها غير شرعية، إضافة إلى الحصار.
وأضاف أن الحرب في اليمن والحصار الذي يفرضه التحالف العربي تسببا في تفشي الأمراض، وعلى رأسها الكوليرا وسوء التغذية الحاد، مشيرا إلى أن القوى الكبرى واصلت دعم التحالف رغم انتهاكاته. ولفت التقرير إلى أن الإمارات تدير سجنين داخل اليمن بإشراف السلطات الإماراتية، يجري فيهما تعذيب السجناء والمختفين قسرا، حيث بلغ عددهم 11 الفاً.
المصدر: الراية القطرية